كيف يخفف التأمل الذهني من مشاعر القلق؟

إذا كنت قلقًا بشأن وظيفتك، أو أموالك، أو وضعك في العالم، أو أي شيء آخر، فحاول قضاء لحظة من اليقظة الذهنية.
قالت ريش جوبتا، باحثة في مجموعة علم وممارسة اليقظة الذهنية. إن الاهتمام الوثيق باللحظة الحالية من دون إصدار أحكام يمكن أن يساعد على تهدئة القلق وتحسين التركيز.
وأضافت أن “الكثير من الأبحاث أظهرت أن اليقظة الذهنية يمكن أن تقلل من أعراض القلق”.
ويواصل الخبراء البحث في كيفية عملها، وتحديد أنواع اليقظة الذهنية الأنسب لأنواع القلق المختلفة. بدءًا من نوبات القلق العابرة وصولًا إلى اضطرابات القلق السريرية المزمنة.
وتقول جوبتا: “جميعنا نعاني القلق، ولكنه قد يظهر بأشكال مختلفة. إنها مشكلة يصعب تحديدها”.
في ورقة بحثية نُشرت في مجلة Neuroscience and Biobehavioral Reviews، طرحت جوبتا وزملاؤها نهجًا جديدًا لفهم العلاقة بين اليقظة الذهنية والقلق.
فبدلًا من اتباع نهج واحد يناسب الجميع، اقترحوا أن أنواعًا مختلفة من ممارسات اليقظة الذهنية قد تكون مفيدة لأنواع مختلفة من القلق.
-
الأطفال في خطر: الاكتئاب والقلق يهددان صحتهم النفسية
-
برتقالة واحدة يوميًا قد تقلل من خطر إصابتك بالاكتئاب
وقالت جوبتا إن الإطار المقترح من شأنه أن يساعدنا في نهاية المطاف على فهم كيفية مطابقة علاجات أكثر دقة لمرضى القلق.
وأكدت جوبتا أن اليقظة الذهنية تُكافح القلق من خلال تحسين عملية عقلية تُسمى التحكم المعرفي.
وأضافت: “على سبيل المثال، إذا كنت تعلم أن عليك الذهاب إلى المتجر مباشرةً بعد العمل. يمكنك وضع هذا الهدف نصب عينيك طوال يوم العمل ورفض أي عرض للقيام بشيء آخر بعد العمل”.
كما أوضحت جوبتا أن لليقظة الذهنية والقلق تأثيرًا معاكسًا على التحكم المعرفي. فالأشخاص الأكثر يقظة ذهنيًا عادةً ما يؤدون بشكل أفضل في المهام التي تتطلب تحكمًا معرفيًا.
-
ما هي أعراض الاكتئاب والقلق عند الأطفال
-
دراسة جديدة: الاكتئاب يرفع احتمالية إصابة النساء بأمراض القلب
وتدعم هذه الملاحظة دراسات التصوير العصبي. التي أظهرت أن تأمل اليقظة الذهنية يمكن أن يُعدّل بفاعلية نشاط مناطق الدماغ التي تدعم التحكم المعرفي.
كما أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة “Affective Disorders” العلمية أن ممارسة رياضة الجري بانتظام قد توفر تأثيرات علاجية مشابهة لتلك. التي تقدمها مضادات الاكتئاب في معالجة أعراض الاكتئاب واضطرابات القلق، مع التأكيد على أن الالتزام بخطة العلاج يظل عنصرًا محوريًا في فعالية أي نهج علاجي.
وأُجريت الدراسة في العاصمة الهولندية أمستردام. وشارك فيها 141 شخصًا بالغًا يعانون من اضطرابات الاكتئاب أو القلق، أو كليهما.
-
نوبات القلق والتوتر.. اكتشاف علاج بسيط لمرض العصر
-
الاكتئاب لدى المراهقين: كيف نتعامل مع التحديات النفسية؟
وتم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين: الأولى التزمت ببرنامج رياضي شمل حصص جري خاضعة للإشراف مرتين إلى 3 مرات أسبوعيًا، مدة كل منها تزيد على 45 دقيقة، دون استخدام الأدوية. أما المجموعة الثانية، فتلقت العلاج الدوائي التقليدي باستخدام مضادات الاكتئاب، دون الانخراط في نشاط بدني منظم.
وبعد مرور 16 أسبوعًا، سجل نحو 44% من المشاركين في كلتا المجموعتين تحسنًا ملحوظًا في حالتهم النفسية. واعتبر الباحثون أن هذه النتائج تُظهر إمكانية اعتبار الجري خيارًا علاجيًا .فعالًا لبعض المرضى، مؤكدين في الوقت ذاته أن النتائج أولية وتحتاج إلى دراسات أوسع وأكثر تنوعًا لتأكيدها.
ولم تقتصر فوائد الجري على الجانب النفسي فقط، إذ أظهرت المجموعة الرياضية تحسنًا في عدد من المؤشرات الصحية، مثل انخفاض ضغط الدم، وتراجع الدهون في منطقة البطن. وتحسن صحة القلب، إضافة إلى تحقيق توازن أفضل في الوزن. في المقابل، سجّلت مجموعة الأدوية تراجعًا طفيفًا في هذه المؤشرات خلال الفترة نفسها.
ورغم الفوائد اللافتة لمجموعة الجري، أظهرت الدراسة تحديًا بارزًا تمثّل في ضعف الالتزام بالبرنامج الرياضي؛ إذ أتم 52% فقط من المشاركين جميع الجلسات المقررة. مقارنة بـ82% من أفراد مجموعة العلاج الدوائي الذين استمروا في تناول أدويتهم حتى نهاية الدراسة.
وأشار الباحثون إلى أن قدرة الشخص على الالتزام بنمط حياة نشط تُعدّ عاملًا أساسيًا عند التفكير في اعتماد الجري كخيار علاجي بديل أو مكمل.
من جانبهم، شدد مختصو الصحة النفسية على أهمية النشاط البدني المنتظم في دعم الصحة النفسية، مؤكدين أنه لا ينبغي التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب دون إشراف طبي. لما قد يسببه ذلك من أعراض انسحابية مثل القلق، والغثيان، والدوخة، واضطرابات النوم، وربما عودة أعراض الاكتئاب من جديد.
وينصح الأطباء بأن يكون التوقف عن الأدوية تدريجيًا وبإشراف مختص. لتفادي أي مضاعفات محتملة. ويخلصون إلى أن دمج النشاط البدني مثل الجري ضمن خطة علاج شاملة للصحة النفسية قد يمنح المريض تحسنًا مزدوجًا، نفسيًا وجسديًا، شرط الالتزام بالبرنامج ومراعاة الحالة الصحية.
وكما هو الحال مع أي مجهود بدني جديد، يُفضل استشارة الطبيب قبل البدء لتقييم جاهزية الجسم وضمان السلامة وتفادي الإصابات.