سياسة

رد حزب الله المحتمل على عملية «بيجر».. خبيران يرسمان التوقعات


كثر يركزون على كواليس تفجيرات أجهزة “بيجر” وتعقيدات تلك العملية الاستخباراتية، لكن قلة يتحدثون عن التداعيات والردود المحتملة

وأمس الثلاثاء، قُتل ما لا يقل عن تسعة أشخاص وأصيب قرابة ثلاثة آلاف شخص، بمن فيهم السفير الإيراني في لبنان، عندما انفجرت أجهزة النداء اللاسلكية “بيجر” التي يمتلكها حزب الله، في سائر أنحاء لبنان، في هجوم غير مسبوق حمّلت الدولة اللبنانية وحزب الله إسرائيل المسؤولية عنه.

ويقول مراقبون إن العملية تشكل اختراقاً أمنياً كبيراً لمنظومة اتصالات الحزب التي طالما استخدمها في تحركاته وأنشطته.

وحتى الآن، لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن العملية، لكن الدلائل والتقارير الصحفية لوسائل إعلام غربية تشير إلى ضلوع تل أبيب فيها، وإن اختلفت التقديرات حول كيفية تنفيذها.

عدة أهداف

وحول دلالات التفجيرات، يقول علي فضل الله الباحث في الشؤون الاستراتيجية بالعراق: “يراد من وراء هذه العملية عدة أهداف، أولها خلق حالة الانفصال بين حزب الله وقواعده الشعبية”.

ويعتقد فضل الله أن ثاني هذه الأهداف هو “جر حزب الله إلى مساحة الفوضى والتي يراد منها الضغط عليه لكي يستهدف المدنيين (في إسرائيل)، وإذا ما حصل ذلك، فان (تل أبيب) تكون قد تحصلت على دعم من الرأي العام الغربي”، لكنه استدرك “هذا ما لا سيفعله حزب الله”.

الرد المحتمل لحزب الله

وعن توقعات لرد حزب الله بعد هذه العملية، رجّح فضل الله، أن “يدخل حزب الله تكتيكا جديدا على مستوى نوع الأسلحة المستخدمة، وقد تكون هناك عمليات نوعية على مستوى الموارد البشرية للحزب، ولكن باختيار أهداف نوعية داخل العمق” الإسرائيلي.

من جانبه، يقول غازي فيصل رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية وعميد مدرسة الدراسات الاستراتيجية والدولية: “بعد هذا الهجوم الذي شنته إسرائيل على منظومة اتصالات حزب الله، فإن كل السيناريوهات محتملة”.

ويرى فيصلؤأن “كل السيناريوهات محتملة وكل حرب يجب أن تنتهي بمنتصر ومهزوم”، قبل أن يضيف “أعتقد أن هذه رسالة وتهديد لإيران ووكلائها بالمنطقة”.وأمس، نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤول أمني لبناني كبير ومصدر آخر مطلع أن الموساد، وكالة التجسس الإسرائيلية، وضعت كمية صغيرة من المواد المتفجرة داخل 5000 جهاز استدعاء،  كان حزب الله قد طلبها قبل أشهر.

وقال المصدر الأمني اللبناني لرويترز، إن “حزب الله طلب 5000 جهاز استدعاء من إنتاج شركة “جولد أبولو” التايوانية ووصلت هذه الأجهزة إلى لبنان في الربيع”.

ووفقاً لهذا المسؤول الأمني، فإن الموساد تلاعب بأجهزة الاستدعاء خلال إنتاجها، وقام بتركيب قطعة داخل الجهاز تحتوي على متفجرات وتنفجر عند استلام الكود. ومن الصعب جدًا التعرف على هذه القطعة، حتى من خلال الماسح الضوئي.”

ومع انفجار المئات من أجهزة الاتصال فجأة في جميع أنحاء لبنان بعد ظهر يوم الثلاثاء، اتجهت الشكوك على الفور إلى إسرائيل التي تعلن مسؤوليتها حتى اللحظة.

لكن صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية لفتت إلى أن إسرائيل “تمتلك شبكة تجسس قادرة على تنفيذ مثل هذا الهجوم الجريء والمتطور والمنسق”.

وفي بيان له بعد التفجيرات، حمّل حزب الله، إسرائيل “المسؤولية الكاملة”.

ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الهجوم، على الرغم من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان مساء الثلاثاء يتشاور مع كبار قادة الأمن في إسرائيل بعد الانفجارات التي أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل بينهم طفل، وإصابة قرابة ثلاثة آلاف شخص.

لماذا بيجر؟

وكانت الجماعة اللبنانية المسلحة قد لجأت إلى أجهزة الاستدعاء “بيجر” لتجنب المراقبة الإسرائيلية بعد نداء علني من الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، لعناصرها بالتخلي عن هواتفهم الذكية مع تكثيف إسرائيل هجماتها ضد قادتها خلال عام تقريبًا من الاشتباكات المكثفة.

وبسبب عدم وجود إمكانيات تحديد المواقع، وعدم وجود ميكروفونات أو كاميرات، وبث رسائل نصية محدودة للغاية، فإن أجهزة الاستدعاء – على الأقل من الناحية النظرية – لديها “ثغرات هجومية” أصغر من الهواتف الذكية، مما يجعل اختراقها أكثر صعوبة.

ويبدو أن حزب الله قد فضّلها لنفس البساطة: فهي تجمع القليل جدًا من البيانات التي يمكن أن تستخلصها الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.

ولكن يبدو أنهم لم يحسبوا حسابًا لاحتمال أن تنفجر الأجهزة الصغيرة، التي تعمل عادةً ببطاريات AA أو AAA واحدة مصنوعة في أحدث الموديلات من الليثيوم.

والتقطت كاميرات المراقبة العديد من الانفجارات أمس، أثناء مرور المستهدفين بإيقاعات الحياة اليومية في المتاجر الكبرى أو التنزه في جنوب بيروت.

ويبدو أن الانفجارات وقعت في غضون نصف ساعة من بعضها البعض، وقد سبقها إما رسالة أو صفير تنبيه دفع الكثيرين إلى إخراج أجهزة الاتصالات القديمة للنظر إلى للشاشات، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام المحلية ومقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى