سياسة

دراسة: هكذا استخدم الإخوان جمعيات حقوق الإنسان في الغرب لتنفيذ أجندتهم


دراسة جديدة لمركز “تريندز” للبحوث والاستشارات كشف عن صناعة تفريغ الديمقراطية وحقوق الإنسان من مضمونهما واستخدامهما كأداة للضغط وفرض الإرادة، عبر البحث عن دور الجماعات التي تؤثر في صناعتهما وتوجهاتها في الغرب، والتركيز على دور جماعة الإخوان المسلمين، والتناقضات التي وقع فيها المسؤولون عن هذه الصناعة، نتيجة السير وراء أكاذيب الإخوان وادعاءاتهم المضللة.

تقول الدراسة، المنشورة عبر الموقع الرسمي للمركز، إنه مع سقوط الاتحاد السوفييتي في مطلع التسعينيات، والتطورات والتغيرات الحادة، التي صاحبت ذلك على مستوى الساحة الدولية، أهمها انفراد المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لقيادة النظام العالمي، وإطلاق عمليات الإصلاح والتحول السياسي لتركة الاتحاد السوفييتي في دول أوروبا الشرقية، التي يمكن تسميتها “الديمقراطية”، التقط الإخوان الموجودون في الغرب تلك الإشارة، وقاموا بتقديم أنفسهم، كفريق يؤمن بالديمقراطية والانتخابات، والحريات وحقوق الإنسان، ويمكنهم القيام بمهمة الدمقرطة للعالم العربي، في حال وصولهم إلى السلطة في العالم العربي، وبأنهم سيكونون حلفاء يمكن للغرب الاعتماد عليهم. 

ولفتت الدراسة إلى دور راشد الغنوشي كواحد من أبرز من طوروا هذه الفكرة، “فالغنوشي روّج لفكرة أنّ الديمقراطية في الأساس هي من الإسلام، وهي المعادل لفكرة الشورى وأنّ الغرب قد استخدمها، وإعادة استخدام المسلمين لها أمر لا يوجد به أي مشكلة، وحتى لا يخسر جمهوره من الإسلاميين والمؤمنين بأفكارهم، روّج لإمكانية استخدام الديمقراطية كوسيلة لتطبيق الشريعة عن طريق النضال الديمقراطي؛ أي عن طريق الانتخابات، ففي حال استحوذ الإسلاميون على الأغلبية، طبقاً لمبدأ الديمقراطية سيتيح لهم السيطرة على الأمور، وعلى رأسها البنية التشريعية التي ستمكنهم في النهاية، من تغيير نظام الدولة وتطبيق الشريعة”.

وتضيف الدراسة: مثلت هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، وحالة الفوضى والتخبط اللتان نشأت عنهما، في تعامل الولايات المتحدة والغرب، مع الإسلام، فرصة جديدة لا تعوض بالنسبة إلى الإخوان المسلمين، على غرار ما حدث بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، فالولايات المتحدة التي وجدت نفسها أمام معضلة جديدة، تتمثل في الحاجة إلى وجود خطاب واستراتيجية جديدة، تستطيع من خلالهما مخاطبة الشارع في الدول الإسلامية، من أجل تحسين صورتها المتدهورة، للحصول على دعم المجتمعات المسلمة لحروبها على الإرهاب.

في هذا السياق، أطلقت الولايات المتحدة عدداً من المبادرات والخطط، ففي عام 2003 أطلق جورج بوش الابن خلال خطابه بجامعة ساوث كارولينا، خطة لمنطقة تجارية حرة بين دول الشرق الأوسط والولايات المتحدة، بهدف إحداث تنمية ونشر الديمقراطية في الدول العربية، وفي عام 2004 أطلق مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يهدف إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط، ليصبح مترامي الأطراف، من أفغانستان ووصولاً إلى المغرب، باستخدام أدوات الإصلاح الديمقراطي وحقوق الإنسان، ووجدت مبادرات بوش، صداها في العالم العربي، من خلال انطلاق سباق ماراثوني، لمبادرات الإصلاح، على رأسهم مبادرات جماعة الإخوان المسلمين والدول الداعمة لها، من أجل تقديم مبادرات تتماهى مع الرؤية الأمريكية للتغيير في المنطقة، والاستمرار في تقديم أنفسهم كشركاء ورعاة لمشروع الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة.

واستعرضت الدراسة اثنتين من المبادرات، التي صدرت في غمار ماراثون الشرق الأوسط الكبير، أولها مبادرة الإخوان المسلمين للإصلاح في آذار (مارس) 2004، واستهدفت المبادرة المحاور التالية: الإصلاح السياسي، والإصلاح القضائي، وإصلاح النظام الانتخابي، والاقتصادي، والتعليم، وإصلاح الأزهر، ومكافحة الفقر، والإصلاح الاجتماعي، والمرأة، والأقباط، والمجال الثقافي، والسياسية الخارجية.

والثانية إعلان الدوحة من أجل الإصلاح والديمقراطية في حزيران (يونيو) 2004، وصدر إعلان الدوحة للإصلاح والديمقراطية، بعد مؤتمر مدته يومان، استضافه مركز دراسات الخليج في جامعة قطر، ترأسه المصري سعد الدين إبراهيم، الذي لعب دوراً كبيراً في الترويج لمشروع الإخوان المسلمين، لدى الغرب بعد 11 أيلول (سبتمبر).

وعلقت الدراسة: هنا نجد سمة تطابق لا يمكن أن تخطئه عين، بين مبادرة الإخوان للإصلاح وإعلان الدوحة، فكلاهما يهدف إلى استخدام الديمقراطية، من أجل إحداث تغييرات شاملة، تضمن صعود الإخوان المسلمين وسيطرتهم على الحكم، والقضاء على المؤسسات الوطنية، على رأسها المؤسسات العسكرية، التي يمكن أن تواجه مشروعاتهم في السيطرة على بلدان المنطقة.

وعدت الدراسة مرحلة “الربيع العربي” بجني ثمار المراحل السابقة، قائلة: نجح الضغط الغربي على الأنظمة العربية؛ بقيادة الولايات المتحدة، في فتح الطريق أمام الإخوان المسلمين للوصول إلى الحكم، فوصول الإخوان إلى السلطة، لم يبدأ كما يعتقد بعضهم مع اندلاع الاحتجاجات التي شهدتها الدول العربية، خلال ما يسمى “الربيع العربي” ودعم إدارة أوباما له، الأمر بدأ منذ أن اعتمد الغرب على الإخوان المسلمين كشريك في الحرب على الإرهاب، بعد 11 أيلول (سبتمبر) كما أوضحنا في الفقرات السابقة.

في عام 2005 نجح الإخوان المسلمون في مصر، للمرة الأولى في تاريخ الجماعة؛ في الحصول على 88 مقعداً في انتخابات مجلس الشعب، وبدأ الإخوان بتبنّي لغة أكثر براغماتية لطمأنة الولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال؛ الإخوان الذين كانوا دائمي مهاجمة لإسرائيل واتفاقية السلام التي أبرمها الرئيس السادات، والتي كانت أحد الأسباب المباشرة لقتله على يد الإسلاميين، في عام 2005 صرح محمد مهدي عاكف مرشد الإخوان لوكالة أسوشيتدبرس “أن الإخوان لن يسعوا إذا تسنى لهم الوصول إلى الحكم أن يغيروا سياسة مصر الخارجية، ومن ضمنها احترام معاهدة السلام مع إسرائيل”.

كما تطرقت إلى الانهيار لمشروع الإخوان والذي بدأ من مصر في العام 2013.

المنظمات الدولية الداعمة

تقول الدراسة إنه “في ظل حالة الفشل الكبير التي يعيشها مشروع الإخوان المسلمين، وسقوطه المروع في مختلف دول المنطقة، ووسط حالة الانقسام والتناحر التي يعيشها قيادات التنظيم الدولي للإخوان فيما بينهم، يلجأ الإخوان إلى تصدير أزماتهم للخارج، عن طريق استهداف دول محور الاعتدال، عبر منظومة حقوق الإنسان، فيما يلي نستعرض بعض المواقف التي استهدف فيها الإخوان المسلمون، مؤخراً، دول محور الاعتدال، عبر ورقة حقوق الإنسان والديمقراطية:

أولاً: في 12  آذار (مارس) من هذا العام، وخلال الدورة 46 لأعمال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تم إصدار بيان موقع من 31 دولة يدين أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وكان من بين الموقعين على هذا البيان الولايات المتحدة، التي تتمتع بصفة مراقب في هذا المجلس، ما أكسب هذا القرار بعض الأهمية، وبالبحث وراء هذا القرار، نجد أنه تم إصدراه بناء على تقرير وتوصيات من 100 منظمة معنية بحقوق الإنسان، لم يتم الكشف عن أسمائها، خشية الملاحقة كما يدّعي من أصدر القرار، ولكن بتتبع المنظمات التي أعلنت اشتراكها في هذا القرار، نجد بصمات الإخوان المسلمين واضحة بقوة وفيما يلي رصد لتلك المنظمات:

١- مركز القاهرة لحقوق الإنسان الذي يديره بهي الدين حسن، الذي يتخذ من جنيف مقراً له، والذي لا ينكر علاقاته بالإخوان المسلمين، وباستخدامه ورقة حقوق الإنسان، للدفاع عن الإخوان المسلمين، واصفاً ذلك بالموقف الإنساني.

٢- منظمة العفو الدولية- أمنستي إنترناشونال، التي تشغل فيها ياسمين حسين زوجة الإخواني وائل مصباح، منصب قسم المعتقدات وحقوق الإنسان.

٣- منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي  DAWN التي تذكر في موقعها أنها معنية بحقوق الإنسان في مصر والإمارات والسعودية، دون باقي دول العالم العربي. وتذكر المنظمة على موقعها صراحة، بأنها تستهدف تلك الدول نتيجة لعلاقات هذه الدول الوطيدة بالولايات المتحدة، وبحكم وجود مقر المنظمة في العاصمة واشنطن، فإنها تسعى للتأثير في مصالح الدول المذكورة في الولايات المتحدة، ويضم مجلس أمناء هذه المؤسسة، اثنين من الشخصيات الوثيقة الصلة بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وهما: نهاد عوض- المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية CAIR، تلك المؤسسة التي ينظر اليها كذراع للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، وهي وثيقة الصلة بحركة حماس؛ المدرجة على قوائم الإرهاب الأمريكية، وتوكل كرمان، الناشطة الإخوانية اليمنية الحائزة على جائزة نوبل، وهي من رموز الإخوان المسلمين في “الربيع العربي”، والجدير بالذكر أن كرمان دائمة التحريض على استخدام العنف والقوة، ضد الأنظمة الحاكمة، آخرها تحريضها ضد النظام التونسي، بعد سقوط مشروع الإخوان في تونس.

٤- منظمة “هيومان رايتس ووتش”، فطبقاً لحديث سعد الدين إبراهيم الذي كان عضو مجلس أمناء “هيومان رايتس ووتش”، وعراب مشروع الإخوان في المنطقة، ذكر أن “هيومان رايتس ووتش” تعمل بالتنسيق مع منظمة العفو الدولية – أمنستي إنترناشونال، ويشوب عملهم والتقارير الصادرة عنهم عدم الشفافية والمصداقية، ضارباً مثالاً بالتقارير المتعلقة بفض اعتصام رابعة عام 2013، التي جاءت متحيزة لخدمة مصالح الإخوان.

كما أن “هيومان رايتس ووتش”، تضم العديد من كوادر الإخوان، فالمسؤول عن متابعة الملف المصري هو الإخواني عمرو مجدي، وسبقته سلمى أشرف عبدالغفار، بنت القيادي الإخواني أشرف عبدالغفار؛ المدان في قضية التشكيل العسكري للإخوان بجامعة الأزهر، التحقت عبد الغفار بـ”هيومان رايتس ووتش”؛ بعد تركها العمل بمنظمة “الكرامة لحقوق الإنسان” التي يرأسها القطري عبدالرحمن النعيمي، ومقرها جنيف، بسبب وضع الأخيرة على قائمة الإرهاب الأمريكي، وتشغل عبدالغفار حالياً منصب مدير منظمة هيومان رايتس مونيتور ومقرها لندن، ولكنها تقيم في تركيا.

٥- مبادرة الحرية، التي أسسها في الولايات المتحدة الأمريكية الإخواني محمد سلطان، ابن القيادي الإخواني صلاح سلطان، وهو أمريكي الجنسية، وكانت قد أفرجت السلطات المصرية عن محمد سلطان، بعد تنازله عن الجنسية المصرية، وقد تمت إدانته في القضية التي عرفت إعلامياً بـ “غرفة عمليات رابعة”، وينشط سلطان ورفاقه من خلال تلك المبادرة الإخوانية، التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، في أروقة الكونغرس ووزارة الخارجية؛ من أجل مد هذه المؤسسات بتقارير متحاملة، من أجل الضغط على مصر.

نقلا عن حفريات

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى