سياسة

خمسون نجمة ونجمة في سماء الإمارات

د. شاكر نوري


خمسون عامًا.. أرضٌ خرجت من أعماق التاريخ لتنير حياة الملايين في مسيرة قلّ نظيرها في العالم أجمع.

توّجت هذه المسيرة إنجازات تاريخية لامعة على طريق تقدم الشعوب.

لقد امتزج في عيد الاتحاد الخمسين لدولة الإمارات الأمل والأمنية والأفق والمستقبل في معانقة الماضي والحاضر، فلم تهمل الإمارات تراثها من أجل الحداثة، ولم تهمل الحداثة من أجل التراث، بل جعلت الاثنين يتعايشان في بستان واحد.

قيادة لم تفكر إلا بالحياة الهانئة لشعبها، فولدت مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: “قلت في مرة إنه في عيد الخمسين سيكون شعبنا من أول الشعوب وبلدنا في مقدمة البلدان”.. تحققت هذه النبوءة، بل وأكثر من ذلك في استشراف المستقبل. كلمات ساطعة دللت على أن القادة يحلمون ويحققون. عام الخمسين ثمرة من ثمار العمل الخلاق على هذه الأرض.. هكذا هي الإمارات، كلما حققت إنجازًا راحت تفكر بآخر، مشاريع وخطط وبرامج ورؤية كما هي الحال في وثيقة مبادئ الخمسين، إذ تم تحديد النهج الاستراتيجي في المجالات كافة.. وهذه النتائج حصدها شعب الإمارات وكل مَنْ يعتبر هذه الأرض وطنًا له.

تدشن الإمارات الخمسين عامًا الأولى ولكنها تفكر بالخمسين القادمة.. ليس ما نمر به احتفالا عاديا تمر به الشعوب، بل حكاية صناعة وطن وتأسيس اتحاد، عّم خيراته على الإمارات والبشرية جمعاء.

لا تتباهى الإمارات بهذه الإنجازات من وجهة نظر ذاتية، بل إن مؤشرات العالم وتقاريره الدولية تؤكد ذلك من خلال البيانات والإحصاءات.. لا أحد يشك في أن الإمارات أصبحت موطنًا لأكثر من مئتي جنسية من مختلف الأجناس والأعراق والدول، لهم لغة واحدة، رغم تعددها، وهي حب الإمارات، مظلتهم التي توفر لهم أمنهم واستقرارهم وفرص أحلامهم، بعد أن اختاروا هذا البلد من أجل تحقيق كل ما يرغبون.

ما كان لكل ذلك أن يحصل لولا الرؤية السديدة، التي وضعها المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات المؤسسون قبل خمسين عامًا.. منذ ذلك التاريخ، وضعوا أسسًا متينة وقوية لهذا الصرح العظيم، تجسيدًا للإيمان بعلم واحد، وشعار واحد، وهدف واحد، وبيت واحد.

نمو وتنمية وتقوية الاتحاد وبناء الإنسان أولوية لدى قيادة الإمارات، التي لم تكتفِ بإنجازات الأرض، بل بل جابت الفضاء، وواجهت وباء كورونا والتغير المناخي بنجاج وكفاءة، فأصبحت نموذجًا يُحتذى عالميا.

لم تتصرف دولة الإمارات بأنانية، فهي مستمرة في دعم البلدان المحتاجة، إذ أصبحت بين الدول المانحة للمساعدات الخارجية بسخاء كوني، كما لم تهمل استشراف المستقبل وتوظيف إمكاناتها الكبيرة في ذلك، وعالجت مرحلة ما بعد النفط بالاعتماد على الصناعات المتقدمة والبحث العلمي، كل ذلك من أجل ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة على أرض الإمارات.

ولا شك أن ثقافة المستقبل جزء حيوي في الاستراتيجية العامة التي تبنّتها الإمارات بفاعلية كبيرة في ميادين: الشباب، التكنولوجيا، الأنظمة الذكية، الاستدامة، البيئة، تغير المناخ، البنية التحتية، الخدمات الحكومية، الأمن الغذائي، والأمن الإلكتروني، وغيرها من المجالات، وجميعها بحاجة إلى عقول تعمل في غمارها ومسالكها الصعبة، لأنها أصبحت مصيرية في حياة الشعوب المتحضرة.

كما أولت الإمارات اهتماما كبيرا باندماج التكنولوجيا الرقمية في حياة الإنسان، وذوبان الحدود الجغرافية التقليدية في عالم تحول إلى قرية كما يُقال، نعيشها ضمن الذكاء الاصطناعي، سيد العالم القادم.

إنها تحديات المستقبل وتطويع التقنيات وتوطيد العلاقات مع الشركات الناشئة من أجل تحفيز الإمكانيات الضخمة للعلوم والتكنولوجيا، وخصوصا في صناعة قيادات الغد، والتسلح بمواهبهم وطاقاتهم.

كل شيء يسير في الإمارات نحو التحضر والتعلق بحضارة الإنسان ليعيش حياة أفضل على هذه الأرض، يحدوه طموح خلاق في مواجهة الزمن والأمم.  

لا تحيد الإمارات عن الابتكار نحو المعرفة، وتعزيز المواهب في مبادرات وطنية لم تتوقف أبدًا.. فهي تصرف الغالي والثمين من أجله.. طموحها أن تصبح الرقم واحد في العالم، وأنجزت ذلك في مجالات عديدة، خاصة الابتكارات، التي دونها لا يمكن أن تتطور الأمم.

تسطر الإمارات قصة رائعة في الرقي والمجد والتاريخ، تُبهر مَنْ يزورها من الغرب والشرق، وتجعلهم يتأملون ما صنعته أيادي وعقول أبنائها.

من أرض الفروسية إلى أرض الأحلام، ومن صيد اللؤلؤ إلى مدينة المستقبل، ومن بيوت الشعر إلى الأبراج.. تلك تحولات لا تعرف المستحيل في مّد الجسور مع البلدان الأخرى، وكان لذلك ثمرات يعيشها الأبناء الآن.. وها هم يُحصون خمسين نجمة ونجمة في سماء الإمارات، ويستشرفون خمسين نجمة قادمة.. هكذا جيل بعد جيل يسير على خطى الأسلاف والأجداد، يرفعون الرايات نحو مستقبل زاهرٍ، فقدر الإمارات أن تكون في الصدارة والتجلي والريادة واعتلاء سلم المجد في سماء العطاء.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى