سياسة

حزب الله أم إسرائيل.. من يشعل الشرارة الأولى للحرب؟


بينما تستعد إسرائيل لهجوم من إيران وحليفها حزب الله، يدور الجدل داخل الدولة العبرية، حول ما إذا كان الوقت مناسبا الآن لشن هجوم على الجماعة اللبنانية أو محاولة خفض التصعيد؛ لتجنب إشعال حرب إقليمية أوسع نطاقا.

وتعمل الولايات المتحدة بجهد كبير خلف الكواليس لتجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب إقليمية. ومن المتوقع أن ترسل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وفدا رفيع المستوى إلى المنطقة هذا الأسبوع للعمل على هذا الجهد.

وفي إسرائيل، هناك انقسام، فبينما يقول البعض، مثل وزير الدفاع يوآف غالانت، إن الوقت قد حان لوقف إطلاق النار في غزة، والذي من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن والمساعدة في تهدئة التوترات على الحدود الشمالية حتى يتمكن الآلاف من الإسرائيليين النازحين هناك من العودة إلى ديارهم، يشير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أنه لا يريد حربًا لكنه وعد بـ«ثمن باهظ» ردًا على الهجوم.

لكنّ هناك أيضا عددا متزايدا من المسؤولين الأمنيين الحاليين والسابقين، فضلا عن السياسيين من الوسط واليمين وأقصى اليمين، الذين يعتقدون أن «الوقت قد يكون مناسبا لإسرائيل لتبني نهج هجومي مع حزب الله».

واقع جديد؟

وتقول قيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل، وهي الفرع العسكري المسؤول عن الدفاع عن الحدود مع لبنان، إنها «تدفع نحو اتباع نهج أكثر عدوانية ضد حزب الله مقارنة بالنهج الذي اتخذته إسرائيل خلال الحرب الحالية».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤول أمني كبير قوله، إن أي رد غير متناسب من جانب حزب الله قد «يؤدي إلى هجوم إسرائيلي من شأنه أن يؤدي إلى واقع جديد على الحدود الشمالية».

ويقول آموس يادلين، المسؤول الاستخباراتي السابق ورئيس شركة مايند إسرائيل الاستشارية للأمن القومي، إن التوصل إلى اتفاق دبلوماسي، رغم أنه أمر مفضل، غير مرجح في هذه المرحلة.

ومن الناحية الاستراتيجية، يعتقد يادلين أن «إسرائيل يجب أن تنتظر إلى ما بعد هجوم حزب الله حتى يكون لديها المبرر اللازم لشن حملة سريعة وقوية قادرة على شل حركة الجماعة في غضون أيام أو أسابيع مع التمتع بدعم الولايات المتحدة»، مضيفًا: «كفى، بما أن حماس دمرت بالكامل، فقد حان الوقت للانتقال إلى الشمال».

في حكومة نتنياهو، كان وزير الأمن القومي اليميني إيتمار بن غفير يدعو إلى حرب مع حزب الله، كما فعل أعضاء حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه نتنياهو، وحتى الساسة الوسطيون، مثل رئيس حزب الوحدة الوطنية بيني غانتس، دعوا إسرائيل إلى ضرب البنية التحتية اللبنانية، وهي خطوة هجومية من المرجح أن تؤدي إلى اندلاع حرب.

مسألة توقيت

ولطالما اعتُبِر اندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله أمراً حتمياً، لذا فإن الأمر لا يعدو أن يكون مسألة توقيت، كما يقول محللون أمنيون.

و«مع توقع توجيه إيران وحزب الله ضربة انتقامية رداً على عمليات الاغتيال في بيروت وطهران، فقد يكون لدى إسرائيل المبرر الذي تحتاجه لضرب المجموعة بقوة كافية لردع الهجمات المستقبلية لسنوات عديدة قادمة»، بحسب «وول ستريت جورنال»، التي أشارت إلى أن هناك «ضغوطا» على الحكومة لتوجيه ضربة لحزب الله، «حتى يتمكن الستين ألف إسرائيلي الذين نزحوا من العودة إلى ديارهم».

وقال وزير التعليم وعضو ائتلاف نتنياهو، يوآف كيش، في مقابلة إذاعية الأحد: «لا أرى أي طريقة لإعادة السكان إلى شمال إسرائيل دون شن حرب قوية ضد حزب الله في لبنان».

مخاطر الحرب

لكن بعد عشرة أشهر من الحرب في غزة، يزعم البعض أن الوقت غير مناسب على الإطلاق لخوض حرب أخرى، فقد استنفدت قوات الاحتياط الإسرائيلية، فيما يعاني الاقتصاد من صعوبات بالغة، بينما تحتاج البلاد إلى الوقت لتجديد مخزونها من الأسلحة.

وخفضت وكالة «فيتش» يوم الإثنين التصنيف الائتماني لإسرائيل، مشيرة إلى العمليات العسكرية على جبهات متعددة.

إلا أن «الأمر الأكثر خطورة هو أن تدمير أقوى وكلاء إيران يهدد بمواجهة مباشرة مع طهران، ما من شأنه أن يؤدي على الأرجح إلى حرب إقليمية شاملة قد تنتشر إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط، وربما تجر الولايات المتحدة إلى الصراع»، بحسب «وول ستريت جورنال».

وعملت الولايات المتحدة وأوروبا وقادة بالشرق الأوسط على تجنب مثل هذا السيناريو منذ الهجوم الذي قادته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول والذي أشعل فتيل الحرب في غزة، والهجمات شبه المستمرة بين حزب الله وإسرائيل.

ويوم الإثنين، رد غالانت على أولئك الذين دعوا إلى الحرب مع حزب الله، قائلا في جلسة استماع برلمانية: «لقد رأيت هذه الشجاعة عندما طرحت للمناقشة. إن الظروف المواتية للحرب في لبنان اليوم هي عكس ما كانت عليه في بداية الحرب».

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن غالانت دعا إلى هجوم إسرائيلي على لبنان مباشرة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن الرئيس بايدن نجح في حث الإسرائيليين على وقف مثل هذه الخطط.

ما خسائر الطرفين؟

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن «مثل هذه الحرب ستكون مدمرة للجانبين؛ فحزب الله أقرب إلى جيش مسلح جيداً منه إلى جماعة مسلحة تقليدية، حيث يمتلك ما يكفي من الصواريخ والطائرات بدون طيار لإرباك الدفاعات الجوية الإسرائيلية وآلاف المشاة المدربين تدريباً جيداً لاقتحام أراضيها».

وفي ظل احتمال وقوع خسائر بين المدنيين على الجانب الإسرائيلي، «فإن جيش الدولة العبرية سيسعى إلى إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن من خلال حملة جوية عقابية تستهدف الجماعة، التي تتمركز في القرى على طول الحدود الجنوبية، والبنية الأساسية اللبنانية»، كما يقول المحللون الأمنيون.

ومن المرجح أن «تدمر إسرائيل القرى اللبنانية الواقعة بالقرب من إسرائيل، وقد تعيد احتلال جنوب لبنان وإنشاء منطقة عازلة جديدة»، بحسب محللين أمنيين.

وقال أمير أفيفي، نائب قائد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي السابق والذي يرأس الآن منتدى الأمن والدفاع الإسرائيلي، وهو مؤسسة فكرية: «هناك فرق كبير بين من يهاجم أولا»، مشيرًا إلى أن «إسرائيل ستدمر ما بين 80% إلى 85% من قدرات حزب الله في هجوم استباقي، لكن إذا هاجم حزب الله أولا، فإن ذلك قد يكون مدمرا».

كانت الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها تعمل على وضع الخطوط العريضة لاتفاق بين إسرائيل وحزب الله من شأنه أن يؤدي إلى إبعاد الجماعة عن حدود إسرائيل.

خيارات «سيئة»

لكن هذه المحادثات تعثرت إلى جانب محاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. ويزعم كثيرون في إسرائيل أيضاً أن أي اتفاق دبلوماسي دون رد عسكري من شأنه ببساطة أن يؤخر الحرب الحتمية، حيث من المرجح أن يعود حزب الله إلى حدود إسرائيل ويجدد الأعمال العدائية في المستقبل.

وفي استطلاع للرأي، نشره معهد الديمقراطية الإسرائيلي في القدس، أيد 67% من الإسرائيليين «نهجا أكثر عدوانية تجاه حزب الله»، وقال 42% منهم إن هذا النهج يجب أن يتضمن ضربات للبنية التحتية اللبنانية.

وقال جيورا إيلاند، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إن إسرائيل يجب أن توافق على وقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن الإسرائيليين إلى ديارهم، حتى لو كان ذلك يعني بقاء حزب الله على حاله وبقاء حماس في غزة في الوقت الراهن.

لكن إذا لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية هذا القرار، فإنه يتعين عليها، على حد قوله، أن تشن حربا شاملة ضد الدولة اللبنانية بدلا من استمرار الوضع الراهن، يقول إيلاند، مضيفًا: «الخياران سيئان، وكل ما نحتاجه هو اختيار أحدهما».

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى