سياسة

توتر متصاعد.. البوليساريو تهدد موريتانيا بسبب معبر السمارة


وجهت جبهة بوليساريو الانفصالية تهديدا مباشرا للسلطات الموريتانية، محذّرة مما وصفته بـ”التصعيد العسكري” بسبب تنامي التعاون بين الرباط ونواكشوط والاتفاق بينهما على افتتاح معبر بري جديد عبر مدينة السمارة بالصحراء المغربية.

ويأتي ذلك ضمن سياق طويل من التهديدات التي أطلقتها بوليساريو المدعومة من الجزائر بعد تفاقم عزلتها وانفضاض أغلب داعميها من حولها بعد تهاوي الطرح الانفصالي، بينما يحظى المغرب بشبه إجماع دولي على سيادته على صحرائه ودعم كبير لمقترح الحكم الذاتي تحت سيادته كحل وحيد لانهاء النزاع المفتعل.

وأطلق القيادي في بوليساريو البشير مصطفى السيد تحذيرات صريحة لموريتانيا، مؤكّدا أن موافقة نواكشوط على فتح المعبر التجاري الجديد سيشعل فتيل حرب جديدة في المنطقة.

واعتبر السيد أن “هذا المشروع يهدف إلى فصل الأراضي الصحراوية عن بعضها البعض، ما سيؤدي الى تقويض أي أمل في حل سياسي للنزاع”، مضيفا أن الجبهة تعتبر مشروع المعبر جزءًا من الاستراتيجية المغربية الرامية إلى إنهاء الصراع في الصحراء المغربية.

ويمثل مشروع المعبر التجاري السمارة-موريتانيا جزءا من توسيع الجدار الرملي الذي تم تشييده على إثر عملية الكركرات العسكرية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2020 لتأمين الحدود الجنوبية للمغرب ومنع تسلل مسلحي بوليساريو.

وانطلقت أشغال انشاء المعبر الذي يقع على طول 53 كلم منذ فبراير/شباط 2024، وتشير تقارير إعلامية محلية إلى وصوله الى المراحل النهائية، حيث يجرى تجهير الطريق لتكون جاهزة لحركة الشاحنات والسيارات.

وتخشى الجبهة الانفصالية أن يؤدي هذا المشروع الى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الرباط ونواكشوط، لا سيما على إثر ما شهدته العلاقات الثنائية بين البلدين في الآونة الأخيرة من تطّور في ظل طرح مشاريع استراتيجية من الجانب المغربي ومن أبرزها توقيع مذكّرة تفاهم في قطاعي الكهرباء والطاقة المتجددة ومشروع خط الغاز الافريقي الأطلسي الممتد من نيجيريا إلى المغرب مرورا بدول من بينها موريتانيا.

ويرى مراقبون أن تهديدات بوليساريو تظهر تطورا خطيرا في أساليب الجبهة للتصعيد ضد نواكشوط ما يشكّل تهديدا لأمن واستقرار المنطقة الهش والذي لا يحتمل المزيد من التوترات الأمنية في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي يعيشها.

وأدان منتدى الكناري الصحراوي بشدة التهديدات الأخيرة التي أطلقتها الجبهة الانفصالية، قائلا إنها تمثل تصعيدا خطيرا للتوتر في المنطقة، خاصة بعد خرق بوليساريو وقف إطلاق النار الذي كانت قد وقعت عليه سابقا في عام 2020.

وأكد المنتدى في بيان صحفي أن هذه التصرفات غير المسؤولة من قبل بوليساريو لا تهدد استقرار موريتانيا فحسب، بل تساهم في زعزعة الأمن في منطقة المغرب العربي بأكملها، وهي منطقة تعاني بالفعل من هشاشة سياسية وأمنية، يأتي هذا في وقت تتصاعد فيه الدعوات الدولية لتصنيف الجبهة الانفصالية “تنظيما إرهابيا” بسبب مخططاتها العدائية.

ودعا المنتدى المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، إلى تكثيف جهودها لضمان السلام والاستقرار في المنطقة، مع اتخاذ إجراءات واضحة ضد الجهات التي تروج للعنف والفوضى، مشيرا إلى أن المشهد السياسي الدولي يشهد تغيرات كبيرة ستؤثر بشكل إيجابي على قضية الصحراء المغربية، خاصة مع عودة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الذي يتوقع أن يدعم موقف المغرب ويؤكد الاعتراف بسيادته على الإقليم المغربي.

وأعلن ترامب في العام 2020 دعمه لسيادة المغرب على صحرائه في خطوة شجّعت العديد من الدول على إنهاء ترددها بإعلان تأييدها لمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة.

كما توقع المنتدى أن تقوم وزارة الخارجية الأميركية بإدراج جبهة بوليساريو على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، نظرا لمواقفها المتشددة وسجلها الحافل بالعنف.

 و المحلل السياسي سعيد بركنان قوله إن “موريتانيا استطاعت أن تتجاوز حصر الجوار الجغرافي مع المغرب في المشكل المفتعل حول الصحراء المغربية، وذلك بتطوير رؤيتها الإستراتيجية بناء على التطورات الاقتصادية الإقليمية واستبصار دور المبادرات الاقتصادية التي يقدمها المغرب، سواء لدول غرب إفريقيا على طول الساحل الأطلسي أو لدول الساحل جنوب الصحراء”

وأكد بركنان أن السلطات الموريتانية استطاعت أن تفصل بين الموقف السياسي الذي تقدمه في قضية الصحراء، وهو موقف الحياد الإيجابي باعتبارها طرفًا معنيًا بهذا النزاع في نظر الأمم المتحدة، وبين الموقف الاقتصادي الإيجابي والمنخرط في العديد من المبادرات التي يقدمها المغرب لتحقيق التنمية”، لافتا إلى أن فتح أي معبر تجاري جديد بين البلدين يأتي في إطار “هذا التفاعل الاقتصادي الإيجابي لنواكشوط تجاه هذه المبادرات المغربية التي تروم تغيير وجه المنطقة الإقليمية اقتصاديًا، وتحقيق تنمية تستفيد منها دول الجوار لتحقيق الاستقرار والأمن”، وفق المصدر ذاته.

واعتبر المحلل السياسي أن تهديدات بوليساريو تستند إلى منطق انفصالي لا يستوعب منطق الدولة المستقلة بقراراتها في حدودها السيادية، كما أنه لا يستوعب هذا التقارب الاقتصادي مع المغرب، الذي يستند إلى معطيات واقعية تقول إن المملكة أصبحت محددًا ومؤشرًا مهما في المعادلة الاقتصادية في مستقبل المنطقة التي ترتهن لمنطق رابح-رابح والذي أصبحت الرباط تبني على أساسه علاقاتها جنوب-جنوب.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى