سياسة

تصاعد القتال في الفاشر يدفع السودانيين للبحث عن ملاذ آمن


 قال شهود وموظفو إغاثة إن السكان يفرون من قصف الصواريخ ويبحثون عن ملاذ آمن دون ماء أو طعام وسط قتال متصاعد في مدينة الفاشر السودانية، مما يزيد من المخاوف من اندلاع معركة شاملة، فيما اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بقتل العديد من النساء والأطفال بعد قصفه دون هوادة المدينة.

والمدينة هي آخر معقل للجيش السوداني في إقليم دارفور بغرب البلاد، فيما ستعطي السيطرة عليها دفعة كبيرة لقوات الدعم السريع، في الوقت الذي تحاول فيه القوى الإقليمية والدولية دفع الجانبين للتفاوض على إنهاء الحرب المستمرة منذ 13 شهرا.

ورفض قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان في آخر كلمة له الدخول في أي مفاوضات لوقف الحرب، متوعدا بمواصلة القتال رغم هزائمة المتتالية، بينما أبدى محمد حمدان دقلوحميدتي” قائد قوت الدعم السريع مرارا استعداده لأي حوار يهدف إلى إرساء سلام عادل وشامل ويتوّج بإرساء الدولة السودانية الجديدة.

ويخشى السكان المحليون وموظفو الإغاثة من أن تؤدي الاشتباكات أيضا إلى جولة جديدة من إراقة الدماء بعد أعمال عنف بدوافع عرقية.

وكان كثيرون من سكان الفاشر البالغ عددهم 1.6 مليون نسمة قد وصلوا إليها خلال أعمال العنف بين العرب وغير العرب التي أودت بحياة مئات الآلاف في أوائل العقد الأول من القرن الحالي.

وفي الأسابيع القليلة الماضية، حاصرت قوات الدعم السريع الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بينما تكتظ المدينة بجنود الجيش والجماعات المسلحة غير العربية المتحالفة معه.

وفي علامة على تصاعد التوترات العرقية، قال ميني ميناوي، زعيم إحدى الجماعات، على تطبيق (إكس) إنه وجه دعوة واسعة النطاق للمقاتلين للقدوم والدفاع عن الفاشر، ردا على ما قال إنها دعوة مماثلة من قبل قوات الدعم السريع.

وأفاد سكان الفاشر بأن القناصة والصواريخ الطائشة والغارات الجوية للجيش تسببت في حرائق في شرق المدينة وشمالها. وحمل كثير من المدنيين السلاح.

وقال أحد السكان ويدعى حسين آدم (38 عاما) “الأوضاع في المدينة صعبة جدا في الأيام الماضية لأن هناك قصف مدفعي متبادل ويقع داخل الأحياء السكنية والمنازل، وأثناء الضرب التحرك نحو المستشفيات خطر وهناك غلاء في الأسعار وانتشار كبير للسلاح”.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود اليوم الخميس إن مستشفى الفاشر جنوب في المدينة استقبل 489 حالة من القتلى والمصابين منذ العاشر من مايو/أيار، بما في ذلك 64 وفاة، لكنها أضافت أن العدد الحقيقي أكبر بكثير.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن مستشفى آخر تدعمه، والذي كان شاهدا على مقتل 27 شخصا في مطلع الأسبوع، اضطر لإغلاق أبوابه بعد غارة جوية للجيش على بعد 50 مترا.

وأفادت قوات الدعم السريع في منشور على منصة “إكس” اليوم الخميس بأن الجيش السوداني قصف بكثافة مدينة الفاشر، ما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين الأبرياء من النساء والأطفال ونزوح آلاف المواطنين وتدمير المنشآت العامة والخاصة.

وأضافت أنه “في موازاة ذلك خرج علينا المرتزق الأكبر في كل مراحل الصراع بدارفور، المدعو مني أركو مناوي بحديث مرتبك محشو بالترهات والأكاذيب، في محاولة يائسة وبائسة لقلب الحقائق ولعب دور الضحية”

وتابعت أن “مناوي لم يستح وهو يطلق لخياله العنان بدعوة أهل دارفور وتحشيدهم للدفاع عن فلول النظام البائد التي ظلت تبطش بالشعب السوداني وأهل دارفور على وجه الخصوص لأكثر من ثلاثين عاماً”.

وأكدت أن “أهل دارفور يعلمون تمام العلم أن هذه الحرب أشعلها النظام القديم وعناصره داخل القوات المسلحة وهي ليست ضد أي مكون قبلي أو اجتماعي، وأن مني أركو مناوي هو من تسبب في المعاناة الإنسانية التي يواجهها المدنيون بعد إعلانه مفارقة الحياد والقتال إلى جانب فلول النظام البائد واستلامه المقابل المادي”.

ووجه الخبراء تحذيرات من مجاعة وشيكة في مخيمات النازحين المنتشرة بمدينة الفاشر. كما تعاني المدينة من نقص المياه وانقطاع شبكات الاتصالات وارتفاع الأسعار.

وقال قادة مخيم أبوشوك في شمال المدينة الأحد إن تسعة أشخاص قتلوا بصواريخ طائشة، فيما يقول السكان إن النازحين من الأحياء الشرقية يحتمون من النيران خلف الأشجار وفي الساحات المفتوحة.

وقال أحد السكان ويدعى محمد جمال وهو متطوع في غرفة الاستجابة للطوارئ “نزحوا أغلب الأهالي غربا، نساء و معهم أطفال ليس لديهم ما يأكلونه أو يشربونه”.

ويصر الجيش حتى الآن على ضرورة مرور المساعدات الدولية التي يتم تسليمها عبر تشاد من خلال الفاشر إلى أجزاء أخرى من دارفور، وهو الأمر الذي يمنعه تصاعد العنف.

وقال كارل سكاو مدير العمليات في برنامج الأغذية العالمي إن البرنامج لدية شاحنات جاهزة في بلدة تينا الحدودية التشادية، لكن يتعين تمكينها من التحرك قريبا.

وأضاف بعد رحلة إلى بورتسودان حيث حاول التفاوض مع الجيش من أجل تسهيل الدخول هذا الأسبوع “الفرص تتضاءل والأمطار ستهطل ونحتاج إلى تحرك خلال الأسبوعين المقبلين”.

ويتوقع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن يصبح المزيد من الناس على حافة المجاعة في أجزاء أخرى من السودان بما في ذلك العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة ومناطق كردفان وقال سكاو “نحن حقا بحاجة إلى تكثيف الجهود المنسقة لتجنب كارثة أسوأ”.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى