سياسةصحة

تركيا.. تعتيم وإجراءات هزيلة في التصدي لفيروس كورونا


يعيش الأتراك حاليا وخوف من المجهول يعتريهم، في ظل تقاعس الحكومة في التصدي لفيروس كورونا المستجد، وقد تحولت حالة التوتر هاته إلى مرحلة الهلع تجاه الأداء الباهت للحكومة ، والتدابير الهشة فضلا عن التصريحات غير مفهومة وفيها تعتيم على الحصيلة الفعلية للفيروس، وركوب موجة الأزمة الصحية لتصفية كثير من المنتقدين والمعارضين.

في حين قد تتشبث وسائل الإعلام التابع للرئيس رجب طيب أردوغان بتضخيم مبهر لأداء ضعيف لم يبلغ حتى الحد الأدنى المطلوب في مثل هذه الفترة العصيبة من حياة الشعب التركي، وذاك وسط تحذيرات وتوقعات من إصابات بفيروس كورونا قد تصل إلى 4 و5 ملايين شخص بالبلاد ، في نتيجة حتمية لمعدلات العدوى المرتفعة.

استخفاف أردوغان 

 

وقد أعلنت وزارة الصحة التركية وحتى مساء يوم أمس، تسجيل 37 وفاة جديدة بكورونا خلال الساعات الـ24 الأخيرة، ليبلغ إجمالي الوفيات إلى 168، بينما ارتفعت حصيلة الإصابات بالفيروس إلى 10 آلاف و827، بعد تسجيل 1610 حالة جديدة.

وأعلنت من جهتها وزارة الداخلية التركية في نفس اليوم، خضوع 39 منطقة سكنية في 18 ولاية، لحجر صحي كامل بهدف منع انتشار الفيروس، مكتفية بتعداد الأحياء والقرى والمزارع دون تحديد أماكنها، الأمر الذي يجعل الأتراك يلازمون ذات الدائرة المفرغة التي تزيد من خوفهم وهلعهم نظرا لعدم معرفتهم بالتحديد بؤر الوباء في البلاد.

أما المعارضة التركية فمستمرة في الدعوة إلى فرض حجر صحي عام للسيطرة على الفيروس، وسط استغراب من الشارع التركي تجاه عدم إقرار هذا الإجراء الذي أثبت فعاليته في بقية دول العالم التي انتشر فيها الوباء، بل يكاد يكون الحل الناجع الوحيد لوقف منسوب العدوى المرتفع.

إلى ذلك، توجه الاتهامات إلى تراخي أردوغان في استباق الأزمة الصحية بإجراءات صارمة، وأيضا تعمّد تجاهل تقصير المسؤولين المقربين منه، وقد سارع إلى التضحية بوزير النقل دون ذكر أسباب إقالته.

في حين يرى مراقبون بأن ما يخشاه أردوغان ليس هو انتشار الوباء بين شعبه، وإنما انهيار اقتصاد بلاده الوهن والمثقل بأزمات لا تزال تلاحقه طوال السنوات الأخيرة، وبذلك بأن التعتيم يعد ضمن وسائل تقليص المخاوف والمخاطر التي من شأنها ضرب المؤشرات المالية والاقتصادية.

ويحاول بذلك أردوغان، من خلال التعتيم، التسويق لتماسك الحكومة التركية بمواجهة كورونا، لكن إقالة أردوغان وزير النقل محمد جاهد طورهان، في الأسبوع الماضي من دون تقديم أي الأسباب بهذا الشأن، قد فضحت الارتباك الذي يقع في أعلى هرم السلطة، الأمر الذي يجعل الرئيس التركي يضحي برجل يعتبر من حلفائه المقربين جدا منه.

حظر التجوال في إسطنبول 

 

وقد جدد عمدة بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، دعوته إلى ضرورة فرض حظر تجوال شامل، ولفت إلى إمكانية فرض حظر تجوال في إسطنبول وحدها إذا لم تفرض الحكومة حظرًا شاملا.

في حين حذّر إمام أوغلو في مقابلة مع قناة فوكس تي في من أن 60% من إسطنبول في خطر، وقد دعا المواطنين إلى الالتزام ببيوتهم والامتناع عن التجوال حتى وإن لم يتم إعلان الحظر رسميا، مضيفا: إن غادر 15% من سكان المدينة منازلهم فهذا يعادل 2.5 مليون شخص، بالإمكان إعلان حظر التجوال في إسطنبول حتى وإن لم يتم إعلانه في عموم تركيا.

تحقيقات وانتهاكات 

 

هذا وقد أعلن من جهته وزير العدل التركي عبد الحميد جول، يومه الاثنين، فتح تحقيقات مع مئات الأشخاص بسبب ما زعم أنه استغلال للوضع الصحي الراهن وانتشار فيروس كورونا.

وقال جول في تصريحات نقلها إعلام تركي رسمي، بأن النيابات قد فتحت تحقيقات بحق 459 شخصا في 58 مدينة خلال الأسبوعين الماضيين، وقال محذرا: يوجد قانون لمن يحاولون استغلال المرحلة الاستثنائية التي نشهدها بسبب الخطر الناجم عن الفيروس

إن الاستغلال الذي يتحدث عنه الوزير التركي لا يتجاوز في معظمه تدوينات أو تغريدات من خلال مواقع التواصل، حيث يعبر خلالها مواطنون عن مواقفهم واستيائهم من تهاون الحكومة وتقاعسها تجاه محاربة فيروس كورونا، أو الدعوة إلى حظر تجوال شامل لحماية أرواح الناس.

وتدخل هذه الانتقادات ضمن حرية التعبير، غير أن تركيا في عهد أردوغان قد ودعت جميع حرياتها، بل وأصبحت تدوينة فقط يمكنها الزج بصاحبها وراء القضبان من دون حتى محاكمة، في بلد تخضع فيه حسابات وسائل التواصل الاجتماعي إلى مراقبة شديدة.

وقد أعلنت الداخلية التركية في الأسبوع الماضي، ملاحقة وتوقيف أكثر من 200 شخص بسبب ما قالت بأنه منشورات مستفزة ولا أساس لها تتعلق بفيروس كورونا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في حين قال اتحاد جمعيات التضامن الحقوقي مع أسر المعتقلين في تركيا بأن سجناء تلقوا تهديدا بوضع مصاب بفيروس كورونا بينهم.

وبخصوص الأوضاع داخل السجون، فقد تضمن تقرير أسبوعي نشرته صحيفة زمان المحلية، ما قاله الاتحاد بأن القائمين على سجن مدينة أق سراي في إسطنبول قد قالوا للمعتقلين: أنتم مجبرون على اتباع القواعد والقوانين، وإلا سنضع بينكم مصابا بفيروس كورونا.

وقد طالب التقرير الحكومة بالالتزام بالمعايير القانونية العالمية، وبمبادئ حقوق الإنسان في التعامل مع المعتقلين والمحتجزين داخل السجون، لاسيما منهم سجناء الرأي، في ظل دعوات ومناشدات بضرورة الإفراج عن المعتقلين لمنع إصابتهم بالوباء، الأمر الذي يهدد بتحول السجون إلى بؤرة لتفشي الفيروس.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى