سياسة

تركيا.. المعارضة تستغل غضب المنكوبين على الحكومة


في خضم الكارثة التي خلفها الزلزال في تركيا، ومع اقتراب موعد الانتخابات ، ظهرت تطورات سياسية أشعلت السجال بين المعارضة والحكومة. لتتعالى أصوات المعارضة في تركيا محذرة الرئيس رجب طيب أردوغان من تأجيل الانتخابات بدعوى الانشغال بالكارثة. خاصة مع انتقال عشرات آلاف الأشخاص بعيدا عن مناطقهم التي دمرها الزلزال وهو ما يؤثر على الاقتراع عموما.

حيث قال أحمد داود أوغلو، زعيم حزب ‘المستقبل’ المعارض. إنه لا يمكن إرجاء الانتخابات بسبب الزلزال المدمر الذي راح ضحيته أكثر من 35 ألف تركي.

ومن جانبه اعتبر داود أوغلو، رئيس وزراء سابق وكان حليفا مقربا لأردوغان. قبل ان ينشق عن حزب العدالة والتنمية: “أن تأجيل الانتخابات يعني استمرار التيار الحالي بالسلطة لفترة أطول وهو أكبر ظلم يمكن ارتكابه بحق الشعب التركي”.

وتجد المعارضة في هذه الأوضاع فرصة لا تريد إضاعتها. حيث تراها الأنسب لإنهاء حكم العدالة والتنمية عبر صناديق الاقتراع. مستغلة حالة الغليان الشعبي وفقدان الأتراك الثقة في أردوغان وحزبه.

وبالنسبة للمعارضة، تأجيل الانتخابات يعني إعطاء أردوغان فرصة لترميم الشروخ في حزبه وإعادة ترتيب أوراقه واستقطاب صوت الناخب عبر إجراءات مالية واجتماعية.

ورأى زعيم حزب المستقبل أن “في هذه الفترة العصيبة لا تفكروا بالانتخابات. سيتم عقدها عندما يحين الموعد. عليكم الآن أن تشعروا بالألم لكن أنتم والمقربون منكم والدوائر المحيطة بكم تتحدثون بشكل مباشرة عن سيناريوهات إرجاء الانتخابات. لا تفعلوا هذا”.

وفي المقابل اعتبر أن اي خطوة من هذا النوع ستعتبر انقلابا مدنيا وانتهاكا للقواعد الدستورية. كما حذر من اي خطوة قد تتخذها هيئة الانتخابات بأن تقرر بدفع من أردوغان لتأجيل الانتخابات، 

وفي غمرة الغضب الشعبي من الاستجابة الضعيفة للحكومة مع الكارثة. عزف داود أوغلو على الوتر الحساس. ودعا الأتراك إلى أن لا يفكروا كثيرا في الانتخابات وأن يلتفتوا في الوقت الراهن إلى ممارسة أعمالهم وإلى تقديم المساعدات للمتضررين من الزلزال.

حيث قال “السلطة الحالية قد تفكر في استغلال الزلزال ضمن حسابات قصيرة المدى بل وقد تنفذ انقلابا مدنيا على الديمقراطية لأجل هذا. لكن اعلموا أننا حاضرون. سنحافظ على الدولة والديمقراطية وسنعمل ليلا ونهارا لرفع هذه الغمة عن الشعب”.

ومن جانبه شدد زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، على ضرورة عدم تأجيل الانتخابات، وهو واحد من المعارضين الذي قد يكون خيار تحالف طاولة الستة الذي كان يميل لترشيح أكرم إمام أوغلو.

لكن حكما قضائيا أبعد الأخير عن ممارسة السياسية وحرمه من الترشح للانتخابات. ولا يزال يقاوم هذا الإقصاء من خلال الطعن في الحكم، إلا أن المسار القضائي قد يكون طويلا.  

وتصب كل تصريحات قادة أحزاب المعارضة التركية وخاصة قادة تحالف ‘طاولة الستة’ وتلميحات من مسؤولين حكوميين إلى معركة مفتوحة حول إجراء الانتخابات في موعدها أو إرجائها.

فالشق الأول كثف في الفترة الأخيرة من التحذير من تأجيل الانتخابات، بينما يطلق الشق الثاني إشارات التأجيل وبشكل مكثف، في حين تبدو المسألة مرتبطة بمشهد جديد رسمه الزلزال المدمر والذي من المتوقع أن تؤثر نتائجه على حظوظ الطرفين.

وفي ظل هذه الأزمة، بات حزب العدالة والتنمية الحاكم في ورطة حقيقية لا تنفع معها الصور والفيديوهات التجميلية. التي تشتغل عليها وسائل الإعلام المقربة من النظام لتحسين وتلميع صورة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وقد بدا التأثر بشكل كبير على الرئيس التركي وهو يواسي ضحايا الزلزال، عندما زار أكثر من منطقة منكوبة وأطلق الكثير من الوعود. إلا أنه يدرك جيدا أن صورته اهتزت بشدة، وهذا الاستنتاج لم يأت على لسان المعارضة لوحدها.

فعلى وقع الهزات الزلزالية وآلاف قبروا تحت الأنقاض وكان يمكن إنقاذهم لو كان التدخل الحكومي سريعا ولو لم يكن مستوى الاستجابة للتعامل مع الكارثة كارثيا.

وقد سبق للناجين من الزلزال أن اشتكوا وبحرقة تأخر التدخل الحكومي على جميع المستويات سواء لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح أو لجهة مساعدات الإغاثة من ماء ودواء وغذاء وخيم. فقد ظل آلاف يبيتون في السيارات أو يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في طقس نزلت معه درجة الحرارة إلى ما دون الصفر.

ففي ظل غياب الجرافات وأدوات التدخل لانتشال المستندين عبثا ممن خفتت أصواتهم تدريجيا إلى أن صمتوا نهائيا. وتحت الأنقاض ظلت عائلات بأكملها تصرخ وما من مجيب فلا أحد من الموجودين من السكان كان بمقدوره فعل شيء.

وكانت الحرقة أكبر عندما كانوا يسمعون صرخات ذويهم: أبناء وأمهات وزوجات من دون أن يملكوا القدرة على مساعدتهم في غياب تدخل عاجل في المناطق الأكثر تضررا وبعضها ظل لأكثر من يوم ينتظر المدد.

وأمام هذا المشهد حتما سيرتد تصويتا عقابيا في مراكز الاقتراع إن كتب لها أن تفتح أبوابها في الموعد الذي حدده أردوغان في مايو القادم.

وبالتالي فأنه ليس من مصلحة حزب العدالة والتنمية أن يغامر في ظل غضب شعبي ومعارضة تبدو قوية رغم اختلافاتها. تحاول استثمار حالة الاحتقان لإنهاء عقدين من حكم الإسلاميين.  

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى