تحديات كبيرة تنتظر الرئيس التونسي في مرحلة جديدة


 

تنتظر الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي أظهرت النتائج الأولية للانتخابات فوزه العريض بولاية ثانية، تحديات جسام تتصدرها معركته ضد الفساد  وإنقاذ البلاد مما يصفه بـ”المؤامرات الخارجية”، بالإضافة إلى إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية.

 

وقالت هيئة الانتخابات التونسية اليوم الاثنين إن النتائج الأولية أظهرت فوز الرئيس قيس سعيد بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية بنسبة 90.69 بالمئة من الأصوات، بينما بلغت نسبة المشاركة في الاستحقاق 28.8 بالمئة.

وانتخب سعيّد (66 عاما) في العام 2019 بعد أن رفع شعار “الشعب يريد”، وعبّر طيف واسع من التونسيين عن ابتهاجهم عندما منح نفسه صلاحيات كاملة في 25 يوليو/تموز 2021 لمحاربة الفساد.

وبحسب استطلاع أجرته مؤسسة “سيغما كونساي” الخاصة وبثه التلفزيون الحكومي الأحد، تقدم سعيّد بـ89.2 في المئة على العياشي زمال المسجون والذي حصل على 6.9 في المئة فقط من الأصوات، والنائب السابق زهير المغزاوي الذي حصد 3.9 في المئة من الأصوات.

وبعد مرور ثلاث سنوات، تندّد منظمة العفو الدولية بما تصفه بـ”تراجع مقلق” في الحقوق الأساسية في مهد الربيع العربي و”بـ”الانحراف الاستبدادي”.

ويندّد معارضون وناشطون تونسيون بما يسمونه “حملة” القضاء التونسي ضد شخصيات سياسية من الصف الأول ورجال أعمال وإعلاميين، منتقدين سجن نقابيين ونشطاء في منظمات المجتمع المدني وصحافيين معروفين.

ولا يزال أغلب هؤلاء في السجون ويحاكمون بتهمة “التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”، بعد أن وصفهم الرئيس بـ”الخونة وأعداء الوطن والإرهابيين”.

لم يقم سعيّد ذو القامة الطويلة النحيفة والشعر الخفيف بحملة انتخابية، ويعوّل على زيارات سابقة قام بها بصفته رئيسا إلى الأحياء أو المناطق المحرومة حيث ندّد مرارا بصوت عال يغلب عليه الغضب والتشنج بـ “المؤامرات” التي يحوكها “أعداء تونس” في الداخل والخارج.

ويصف صلاح العسالي (45 عاما)، الميكانيكي في منطقة أريانة حيث كان سعيّد يقطن الرئيس بأنه “شخص جاد يعمل كثيرا، لكن الأيادي الخفية تعوقه باستمرار”.

ويقول عماد المحيمدي (45 عاما)، وهو نادل في مقهى يتردّد عليه سعيّد منذ أكثر من عشرين عاما وحتى بعد أن أصبح رئيسا، “يواجه العديد من المشاكل والمافيا والفساد، خلال حكمه وأعاد البلاد إلى المسار الصحيح وسينطلق القطار مرة أخرى”.

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، نادرا ما عقد سعيّد مؤتمرات صحافية أو مقابلات بالرغم من أن التونسيين عرفوه من خلال مشاركاته السابقة في البرامج التلفزيونية والإذاعية.

واقتصر تواصله الإعلامي على البيانات الصحافية ومقاطع الفيديو على صفحة الرئاسة على موقع “فيسبوك”.

“شخص جاد يعمل كثيرا، لكن الأيادي الخفية تعوقه باستمرار”.

ولا يتردّد في أخذ القرارات، ففي غضون ثلاث سنوات، غيّر ثلاثة رؤساء حكومات وأقال عشرات الوزراء.

ويقول الناطق الرسمي باسم منظمة “المنتدى التونسي للحقوق والحريات” رمضان بن عمر، إن الرئيس “لا يؤمن بدور الوسطاء بين الشعب وبينه وهو يعتبر أن لديه مهمة إلهية ثورية تتمثّل في “تحقيق إرادة الشعب”.

وفي كل مناسبة تتاح له عند لقاء الناس في الشارع، يعد سعيّد بحرب تحرير وطني وتقرير المصير الجديد لتونس، لكن معارضيه يرون أن أفكاره ومشاريعه تظل غامضة وغير واضحة المعالم.

ويتحدّث سعيّد “إلى الناس بلغة لا يفهمها إلا نفسه”، وفق ما يقول الكاتب يوسف الصديق، عالم الأنثروبولوجيا الذي عندما التقى به بانتظام قبل انتخابات العام 2019، أذهله بلطفه وبقدرته على الإصغاء، وهو “ما يتناقض اليوم مع الصلابة” التي يظهرها.

ويتمسّك سعيّد في خطاباته بمبدأ السيادة ولا يتردّد في انتقاد المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والذي رفض “إملاءاته” أو المجتمع المدني التونسي الذي يتهمه بـ”تلقي مبالغ هائلة من الخارج”.

ويرى أن معالجة الأزمة الاقتصادية تمرّ ببعث “الشركات الأهلية” واستئناف نشاط إنتاج مادة الفوسفات و”التعويل على الذات”.

ويشير خبراء اقتصاديون إلى علل كبيرة تعرقل الاقتصاد التونسي بتباطؤ النمو من بينها ارتفاع معدلات البطالة إلى 16 في المئة والديون التي تقدر بنحو 80 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وعلى الصعيد الدولي، هو قريب من الجزائر التي تدعم تونس بالمساعدات المالية وبقروض وشحنات من الوقود بأسعار منخفضة.

وسعيّد مدافع عن القومية العربية، ويدعم القضية الفلسطينية وتطوّرت علاقات بلاده منذ وصوله إلى الحكم، مع الصين وإيران وروسيا.

ولد الرئيس التونسي في 22 فبراير/شباط 1958 بمنطقة بني خيار (وسط شرق) في عائلة من الطبقة المتوسطة ومحافظة وهو متزوج من القاضية إشراف شبيل وأب لبنتين وصبي.

درّس سعيد القانون الدستوري حتى تقاعده في العام 2018، وهو عاشق للموسيقى العربية الكلاسيكية والخط العربي، ويكتب رسائله المهمة بالحبر والقلم.

Exit mobile version