متابعات إخبارية

بوساطة تركية: ليبيا تطوي صفحة التوتر بين الحكومة وجهاز الردع


شهدت العاصمة الليبية طرابلس اتفاقا بين حكومة الوحدة الوطنية وجهاز الردع لمكافحة الجريمة، وذلك بوساطة تركية جاءت بعد أشهر من الخلافات، ما يجنب البلد مواجهة مسلحة تلوح في الأفق ويمنح فرصة للمسار السياسي بأن يستمر، رغم هشاشة الوضع. 

وتأتي هذه التطورات في أعقاب الزيارات التي أجراها رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن، إلى ليبيا مؤخرا، فيما أفادت مصادر أمنية بأن التوتر العسكري القائم منذ فترة طويلة في طرابلس بين الجانبين الليبيين، انتهى بتوافق نتيجة وساطة أنقرة.

وتُظهر الوساطة التركية أن أنقرة لا تزال تتمتع بنفوذ كبير في غرب ليبيا، وأنها قادرة على التأثير مباشرة في القرارات الأمنية والسياسية على الأرض، فيما يرسخ الاتفاق بين حكومة عبدالحميد الدبيبة وجهاد الردع مكانتها في أي مفاوضات سياسية مستقبلية بشأن تحديد مستقبل المشهد في البلد الواقع في شمال إفريقيا.

وتسارعت جلسات الحوار بين الطرفين الليبيين مع زيارة قالن إلى طرابلس في 4 يونيو/حزيران الماضي. وتم التوصل إلى اتفاق بوقف الاشتباك في 13 سبتمبر/أيلول الجاري، بعد مباحثات استمرت طيلة أشهر بإشراف مسؤولين أتراك، وفق المصادر.

وأكد الطرفان الليبيان على أهمية الدور التركي في تجاوز الخلافات القائمة بينهما، معربين عن شكرهما للإرادة التي تظهرها أنقرة للحفاظ على وحدة واستقرار ليبيا.

ويثير الاتفاق تساؤلات حول مدى قدرة حكومة عبدالحميد الدبيبة على توحيد المؤسسات الأمنية تحت إشرافها كما أنه يضع علامة استفهام حول دور القوى الدولية، مما يظهر أن النفوذ في ليبيا لا يزال يخضع للتوازنات المعقدة بين القوى الإقليمية.

كما يمنح جهاز الردع، الذي وُصِفَ في السابق بأنه “ميليشيا” خارجة عن القانون، نوعًا من الشرعية العملية كشريك في الترتيبات الأمنية، مما قد يؤدي إلى مزيد من تقاسم النفوذ بدلًا من تفكيك الميليشيات التي تسيطر على مناطق واسعة، وتتحكم في موارد حيوية، وتفرض سلطتها بالقوة، مما يجعلها دولة داخل الدولة.

وتعتمد حكومة الدبيبة على الميليشيات في توفير الأمن وحماية مؤسساتها، وقمع أي معارضة محتملة، مقابل حصول هذه الجماعات على تمويلات وغض الطرف عن تورطها في العديد من الجرائم وقضايا الفساد.

ويواجه رئيس الحكومة المنتهية ولايتها اتهامات بالفشل في إنهاء فوضى السلاح وتفكيك الجماعات المسلحة التي تشكل عقبة أمام إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتوحيد المؤسسات وتحقيق الاستقرار في البلاد.

وفي 25 أغسطس/الماضي، زار قالن مدينة بنغازي والتقى بخليفة حفتر، القائد العام لقوات الشرق الليبي. وحظي هذا التواصل رفيع المستوى الأول بين أنقرة وإدارة الشرق الليبي باهتمام دولي، وأظهر عزم تركيا على إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع جميع الأطراف الرئيسية في ليبيا.

وعبر قادة الرأي في غرب وشرق ليبيا عن ارتياحهم البالغ لهذه الزيارة. وصرح زياد دغيم، مستشار رئيس المجلس الرئاسي الليبي، بأن الخلاف السياسي والعسكري بين شرقي وغربي ليبيا قد حُلّ بفضل وساطة تركيا وجهودها الضامنة للمصالحة، وفق المصادر ذاتها.

وفي مطلع مايو/أيار الفائت، اندلعت اشتباكات في العاصمة الليبية طرابلس، بين قوات حكومة الوحدة الوطنية وجهاز الردع لمكافحة الجريمة التابعة للمجلس الرئاسي الليبي، ليعلن وقف لإطلاق النار في الـ12 من الشهر نفسه.

واستمر الخلاف بين القوات الحكومية وجهاز الردع لمكافحة الجريمة طيلة الأشهر الماضية دون حل، وتواصل التصعيد في المدينة، ومع فشل الطرفين في التوصل إلى حل وسط، شهدت العاصمة تحشيدات عسكرية متواصلة.

وانتهى التوتر في طرابلس بتوافق نتيجة وساطة تركية، وأظهرت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي في 13 سبتمبر/أيلول الحالي، دخول قوات هيئة الأركان العامة إلى مطار معيتيقة الدولي، الذي كان تحت سيطرة “جهاز الردع لمكافحة الجريمة”.

 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى