بشروط.. فرنسا تعرض على تونس دعما ماليا
أكد سفير فرنسا لدى تونس أندريه باران السبت استعداد بلاده لقديم دعم مالي لتونس بشرط الشروع في تنفيذ الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي لصرف قرض المليار دولار.
موضّحا أن الوضع في تونس بات يتطلّب أكثر من أي وقت مضى الوصول إلى اتفاق بين السلطات التونسية والمؤسسة الدولية المانحة.
ويأتي هذا التصريح بعد يوم من تأكيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب القمة الأوروبية ببروكسل الجمعة أن “التوتر السياسي في تونس كبير للغاية والأزمة الاقتصادية والاجتماعية المستعرة في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي مقلقة جدًا”.
وأضاف أن ذلك “يؤدي إلى زعزعة كبيرة للغاية لاستقرار البلاد والمنطقة وإلى زيادة ضغط الهجرة على إيطاليا والاتحاد الأوروبي”. داعيا إلى العمل معا على المستوى الأوروبي لمساعدة تونس من أجل السيطرة على تدفقات الهجرة”.
وقال أندريه باران إن فرنسا مستعدّة للمساهمة في تغطية حاجيات تونس الإضافية من التمويلات لعامي 2023 و2024. مضيفا أن تمويلات بقيمة 250 مليون أورو متوفرة حاليا في انتظار صرفها لتغطية الفجوة في ميزانية البلاد، وفق تصريح أدلى به لوكالة تونس أفريقيا للأنباء. كما أكد استعداد بلاده لتحفيز المموّلين الدوليين بهدف دعم تونس ومساعدتها على الإيفاء بحاجياتها من التمويلات الإضافية.
وتابع “هذه المساعدة تبقى رهينة التنفيذ الفعلي لمخطط الإصلاحات الذّي تمّ تقديمه إلى صندوق النقد الدولي”. مشيرا إلى أن ميزانيّة تونس معرّضة إلى ما وصفه بـ”تعقيدات جمّة” في غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وكشف أن بلاده تعد أوّل مصدر للاستثمارات الأجنبية في تونس بـ187 مليون أورو. مشيرا إلى وجود ألف مؤسسة فرنسية بتونس تشغل نحو 150 ألف شخص.
وأكد أن إبرام اتفاق مالي مع صندوق النقد الدولي سيوفر لتونس ضمانات أكثر بالنسبة إلى مسارها الاقتصادي والمالي، كاشفا أنه لا توجد خطة بديلة لذلك.
موضحا أن أهمية الاتفاق تكمن في أنه سيمكن من تعبئة الموارد المالية اللازمة لدعم وتمويل خطة الإصلاحات التّي قدمتها السلطات التونسيّة.
وتابع “من الصعب دائما تنفيذ الإصلاحات ولكن في مرحلة ما، لم يعد من الممكن قبول تدهور الوضع أكثر”، لافتا إلى أن “الإصلاحات التّي ستقوم بها تونس ستكون في مصلحة اقتصادها وليس في مصلحة صندوق النقد الدولي أو الشركاء الدوليين”.
وقال إنه “لا بد من التأكيد على أن الصندوق لم يوجد لفرض أي شيء إنه موجود لدعم برنامج الإصلاحات الذّي تمّت بلورته ودعمه وتقديمه من قبل الحكومة التونسيّة”.
وأكد “هذه الإصلاحات معروفة لدى الجميع وهي تتعلّق بإصلاح المؤسسات العمومية والتحكم في كتلة الأجور وإصلاح نظام الدعم. وفيما يتعلّق بالمؤسسات العمومية، يتوقع الصندوق أن تسن السلطات التونسية قانون حوكمة المؤسسات العمومية وقد تمت المصادقة عليه من قبل المجلس الوزاري لكنه لم يصدر بعد”.
وحول التحذيرات الغربية الأخيرة من انهيار تونس قال السفير الفرنسي بتونس “لا أعلم إن كان يمكن الحديث عن خطر الانهيار ولكن يوجد انشغال كبير بما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية في تونس. لا أحد يأمل أن تتردى الأوضاع أكثر في البلاد”.
وتابع “يمكن للوضع الحالي أن يتحسن إذا تم تنفيذ الإصلاحات اللازمة. فالمقرضون مستعدون لدعم تونس ولكنهم يريدون التأكد من أن برنامج الإصلاحات سيتم تنفيذه على أرض الواقع. لهذا لا بد من وجود إرادة سياسية على أعلى المستويات الممكنة للمساعدة على تنفيذ الإصلاحات المرجوة. وسبق أن أبرمت تونس اتفاقي تمويل مع صندوق النقد الدولي (2014 و2017) ولكن تعذر استكمالهما بسبب عدم الوفاء ببعض الالتزامات”.
وأشار “أعلمنا السلطات التونسيّة منذ أشهر أننا على استعداد لتوفير الحاجيات المالية الإضافية التي تحتاجها البلاد. فميزانية الدولة لسنة 2023 في تونس تظهر فجوة مالية تقدر بما بين 1.5 و 1.8 مليار دولار يجب سدها ويعتزم صندوق النقد الدولي توفير 1.9 مليار دولار خلال أربع سنوات وهذا يعني أن القسط الأول، الذي يمكن صرفه، يقدر بـ500 مليون دولار وأن هذا المبلغ لا يمكنه وحده سد الفجوة المالية في الميزانية”.
وأكد استعداد بلاده لتقديم دعم إضافي وجعل المقرضين الدوليين يساهمون في تغطية حاجيات التمويل الإضافية لتونس. لكنه كشف أن ذلك يبقى رهين إيفاء السلطات التونسية بتعهداتها إزاء صندوق النقد الدولي ومن بينها المصادقة على القانون الخاص بحوكمة المؤسسات العمومية ورفع الدعم تدريجيا عن المحروقات.