بتهمة “الإهانة”.. أردوغان يُعبّد الطريق لولاية رئاسية جديدة بإقصاء أكبر منافسيه
قضت محكمة تركية الأربعاء بسجن رئيس بلدية اسطنبول المعارض والذي يحظى بشعبية واسعة أكرم إمام أوغلو نحو ثلاث سنوات بعد إدانته بـ”إهانة” مسؤولين، وهو أمر يمنعه عمليا من ممارسة السياسة.
حيث أكد محاميه بأنه سيستأنف الحكم، وهو ما يعني أنه سيبقى في منصب رئيس البلدية. لكنه بات مستبعدا من الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل. وبالتالي من طريق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وتعود القضية إلى تصريح صدر عن إمام أوغلو بعدما هزم مرشح حزب الرئيس رجب طيب أردوغان في انتخابات العام 2019 البلدية المثيرة للجدل.
ونادرا ما يودع الأشخاص الذين يحكم عليهم بالسجن لمدة أقل من أربع سنوات في السجن في تركيا. وقال محاميه كمال بولات “هذا نهج مؤسف حيال الديمقراطية وسيادة القانون”.
وألحق إمام أوغلو (52 عاما) هزيمة بحزب أردوغان في مارس 2019 بفوزه بمنصب رئاسة بلدية إسطنبول التي قادها حزب العدالة والتنمية الحاكم مدة 25 عاما.
وألغت الحكومة انتخاب إمام أوغلو ولكنه عاد وفاز بفارق كبير في انتخابات الإعادة بعد نحو ثلاثة أشهر. وبعد بضعة أشهر اعتبر أن أولئك الذين ألغوا فوزه في الانتخابات “أغبياء”. مرددا عبارة استخدمها وزير الداخلية سليمان صويلو ضده قبل بضع ساعات.
وعرّض هذا الوصف رئيس بلدية اسطنبول للملاحقة القضائية بتهمة “إهانة” أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات.
وإزاحة أكرم إمام أوغلو من طريق أردوغان وهو صاحب الكاريزما والتأثير وصانع نصر حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات البلدية التي انتزع فيها فوزا في معاقل حزب العدالة والتنمية.
وسحب فيها البساط من تحت أقدام منافسيه من الإسلاميين. يعتبر ضربة قاصمة للديمقراطية في تركيا واستنساخا لسيناريو سابق حين تم إقصاء زعيم حزب الشعوب الديمقراطي السابق الموالي للأكراد صلاح الدين ديمرطاش عبر اتهامه بالارتباط بحزب العمال الكردستاني والزج به في السجن منذ سنوات.
وكان ديمرطاش صانع فوز حزب الشعوب الديمقراطي الذي حل كثالث أقوى كتلة برلمانية بعد حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري وشكل وجوده تهديدا جديا لأردوغان وحزبه.
ويتوجس أردوغان وحزبه من نكسة انتخابية في الانتخابات المقررة في يونيو 2023 مع تراجع شعبيته على وقع أزمة اقتصادية خانقة وانهيارات متتالية لقيمة العملة الوطنية الليرة وارتفاعا قياسيا في معدل التضخم تجاوز عتبة الـ83 بالمئة وفق البيانات الرسمية وضعف هذه النسبة في تأكيد مجموعة من الخبراء المستقلين.
والوضع الاقتصادي والمعيشي يُعتبر محددا مؤثرا في مسار الانتخابات وفي توجيه صوت الناخب وهو ما ينطبق على الوضع الراهن فإذا لم يتحسن الوضع بشكل ملموس ويتحسن الوضع المعيشي للمواطن التركي الذي يئن بالفعل تحت وطأة الأزمة المالية، فإن التصويت في الاقتراع الرئاسي أو التشريعي سيكون حتما عقابيا أو انتقاميا.
كما يواجه الرئيس التركي وضعا صعبا في مواجهة جبهات سياسية معارضة أبدت عزمها خوض الانتخابات لهدف واحد وهو عزل أردوغان سياسيا.
ويذهب كثير من المحللين إلى أبعد من هذا التشخيص مشيرين إلى أن سقوط مشروع التمكين الذي يقوده. أردوغان قد يمثل بداية نهاية أردوغان وحزبه الذي يهيمن على الحكم منذ 2002 وأن ما يحدث هو سياق طبيعي لانهيار نظام بنى نفوذه على قمع خصومه.