اليمن في 2023: انحسار وتساقط خلايا إرهاب داعش
انحسر تنظيم داعش باليمن بشكل كبير إثر حربه مع تنظيم القاعدة ومواجهته أزمة مالية خانقة بالإضافة إلى تساقط خلايا واحدة تلو أخرى في قبضة الأمن بـ2023.
فبعد أن كاد يختفي عن الأنظار، خرج بضعة عناصر متوشحين بالأسلحة الخفيفة يبايعون زعيم تنظيم داعش الجديد أبي حفص الهاشمي وذلك في أغسطس/آب 2023؛ في محاولة لإثبات حضور في ظل تراجع مستمر باليمن.
وتشير مصادر أمنية إلى أن تنظيم داعش ورغم انحساره إلا أنه ما زال يملك بعض الخلايا النائمة في كل من البيضاء الخاضعة لمليشيات الحوثي ومأرب الخاضعة للإخوان بالإضافة إلى شبوة وعدن لكن نشاطه تراجع إلى حد كبير.
وأشار إلى أن تحالف الحوثيين مع تنظيم القاعدة في الحرب على تنظيم داعش أضعف هذا الأخير بشكل كبير في أهم معاقله في البيضاء فيما نجحت قوات الانتقالي والحكومة اليمنية في شل قدرات التنظيم بالمناطق المحررة.
وبحسب تقرير أممي حديث فإن التنظيم ليس له زعيم في اليمن وتعصف به الخلافات الداخلية وقدر عدد عناصره بـ 250 عنصرا معظمهم من المنشقين عن تنظيم القاعدة.
وكشف أن القيادي “ناصر محمد عوض الغيداني الحربي” هو المسؤول الشرعي في داعش باليمن، وعبد العزيز الشدري هو المسؤول الإعلامي، مشيرا إلى تنسيق تنظيم داعش في اليمن مع التنظيم في الصومال في تهريب الأسلحة والأفراد.
وتوقع التقرير استمرار تنظيم داعش في التراجع أمام تفوق تنظيم القاعدة الذي ينشط في محافظات يمنية عدة.
ضربات متتالية
تعرض تنظيم داعش في اليمن في عام 2023, لضربات متتالية وموجعة ساهمت في تساقط الكثير من خلاياه في قبضة الأجهزة الأمنية كان أبرزها سقوط المسؤول الأمني في قبضة وزارة الداخلية اليمنية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، اعتقلت وحدات مكافحة الإرهاب في قوات الحزام الأمني “داعشي يدعى (ص.ع.ع) وذلك في مديرية البريقة عقب معلومات استخباراتية كانت قد رصدت عودته إلى عدن بعد فراره منها قبل عدة أعوام”.
وفي 1 يوليو/تموز، ألقت الداخلية اليمنية القبض على مسؤول الاستخبارات في تنظيم داعش وهو أجنبي يحمل الجنسية السورية في محافظة المهرة، شرقي البلاد والذي يعرف داخل التنظيم بـ”الأمني العام للولاية”.
وزارة الداخلية في حكومة اليمن المعترف بها دولياً قالت في بيان إن “المقبوض عليه يدعى “عبيدة الرزج”، ويكنى بـ “أبو دانية السوري”، وهو مسؤول الاستخبارات بتنظيم داعش، وكان يعمل كسائق شاحنة منتحلاً شخصية تحمل اسم “أحمد أنور العكف”.
ضربة أمنية تأتي بعد أقل من شهرين على سقوط أحد أكبر خلايا تنظيم داعش في قبضة السلطات الأمنية اليمنية وتحديدا في يافع في محافظة لحج، جنوبي البلاد.
ونجحت قوات الحزام الأمني في 26 مايو/أيار 2023 من ضبط خلية داعشية إرهابية تتألف من 7 أعضاء بينهم 4 أجانب أثناء تسللها من مناطق مليشيات الحوثي في محافظة البيضاء إلى المناطق الجنوبية المحررة.
وآنذاك، قالت مصادر خاصة إن الخلية الداعشية المضبوطة تضم القيادي الداعشي “أبي شامخ القحطاني” وهو أجنبي ويحمل الجنسية غير اليمنية وكان يستقر في صنعاء قبل أن يرسله الحوثيون للمناطق المحررة.
في أبريل/نيسان 2023، قالت تقارير محلية إن تنظيم داعش في اليمن تلقى دفعة من المال تقدر بأكثر من مليون و333 ألف دولار من تاجر محلي مُقابل الإفراج عن نجله المختطف، وهو ما ساعد التنظيم على تجاوز أزمة مالية خانقة حاصرت نشاطه على مدى أكثر من 3 أعوام مضت.
وفي 13 فبراير/شباط، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية ضبط عنصر خطر من تنظيم داعش الإرهابي وذلك في محافظة حضرموت (شرق) عقب أسابيع من ملاحقته بعد اغتياله جنديا مطلع في يناير /كانون الثاني 2023.
كما ضبطت في يوليو/تموز 2022 نحو 4 قادة بارزين في تنظيم داعش الإرهابي وذلك ضمن حملة أمنية نوعية شاركت فيها وحدات أمنية وعسكرية خاصة في مديرية “القطن” في وادي حضرموت.
ومن بين المضبوطين قياديان داعشيان هما الإرهابي”أبو محمد المداني” مسؤول أمني بداعش في “قيفة” و”يكلا” في البيضاء والإرهابي”عبادة العدني” قائد كتيبة المدفعية للتنظيم في ذات المحافظة الخاضعة للحوثيين.
وكان تنظيم داعش في اليمن توعد بشن عمليات إرهابية ضد التحالف العربي بقيادة السعودية والمجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي والمقاومة الوطنية وذلك في إصدار “إلى أين تذهبون” الصادر في أغسطس/آب 2022.
مسرحيات الحوثي
لم يعد خافيا تحالف الحوثي والقاعدة ضد تنظيم داعش في محافظة البيضاء (قلب اليمن) ضمن استراتيجية استهدفت من خلالها المليشيات إضعاف وتطويع التنظيمين الإرهابيين (القاعدة وداعش) في سبيل خدمة أنشطتها الإرهابية الواسعة.
تلك الاستراتيجية تمثلت بإرسال مليشيات الحوثي دفعات من خلايا القاعدة وداعش للمناطق الخاضعة للحكومة اليمنية ووصل الأمر إلى مد تنظيم القاعدة بالطائرات المسيرة مؤخرا.
يأتي ذلك في وقت ترفع مليشيات الحوثي شعار الحرب على الإرهاب كذريعة لتمددها في المحافظات اليمنية ولاعتقال اليمنيين، كان آخرها في 7 من أبريل/نيسان عندما حاولت اعتقال أحد الأشخاص في صنعاء.
آنذاك خرجت مليشيات الحوثي على وسائل إعلامها تزعم أن عنصرين من داعش فجر نفسيهما داخل حافلة ركاب أثناء محاولة القبض عليهما مما أدى إلى مصرعهما ومقتل مواطنين اثنين دون أن تبث أي لقطات فيديو أو صور للواقعة.
مصدر أمني بصنعاء نفى المعلومات الحوثية، وأكد أن ما حدث أن عناصر المليشيات الحوثية اعترضت حافلة ركاب للقبض على شخصين إلا أن أحدهم ويدعى “إبراهيم الجراف” رفض تسليم نفسه وفجر قنبلة كانت بحوزة عنصر حوثي مما أدى لمقتله مع عنصر المليشيات.
واعتبر المصدر المزاعم الحوثية مسرحية مفضوحة وأن المليشيات تبحث عن عمليات وهمية لتسويق نفسها أمام المجتمع الدولي أنها تحارب الإرهاب فيما هي تتخادم بشكل واضح مع تنظيمي داعش والقاعدة.
خطر يمكن محاصرته
ورغم سقوط خلايا داعش وتراجع عملياته واندماجه مع قوى قبلية لاسيما في محافظتي البيضاء ووادي حضرموت إلا أن عناصر التنظيم الإرهابي ما زالوا يشكلون تهديدا محتملا، وفقا لخبراء يمنيون.
وأكده الخبير العسكري اليمني العميد ثابت حسين صالح بأن مليشيات الحوثي أصبحت تملك علاقة وثيقة مع تنظيم داعش في المناطق المحررة، مشير إلى أن التنظيم تعرض لضربات موجعة ليس في اليمن وإنما خارجه.
وأشار إلى أن نشاط “داعش” في اليمن بات محددا للغاية مقارنة بتنظيم القاعدة ويمكن محاصرة هذا النشاط عن طريق محاصرة مأواه ومصادر دعمه والقوى التي توفر له الحماية.
وحول الصراع القائم بين القاعدة وداعش في البيضاء أو اليمن، يرى صالح أنه “انعكاس للصراع القائم بينهما على مستوى المركز”.
وأشار إلى أن داخل القاعدة وداعش يوجد أيضا صراع داخلي على القيادة وعلى أساليب تنفيذ العمليات، منبها إلى “نقطة مهمة وجوهرية” وتتمثل بدخول إيران خط المعركة للسيطرة على زعامة التنظيمين الإرهابيين بعد مقتل زعيميهما.
وكان وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك أكد في يونيو/حزيران 2023 أن حكومة بلاده “تمتلك أدلة على علاقة تعاون وتنسيق وطيد بين الحوثيين وتنظيم داعش الإرهابي”.
وأكد بن مبارك أن “الأجهزة اليمنية المعنية بمكافحة الإرهاب، وثقت عديد الشواهد والقرائن التي تثبت علاقة التعاون الوطيدة، والتنسيق والتمويل، والتسليح بين تنظيم داعش ومليشيات الحوثي“.
وأضاف: “منح هذا التنظيم الفرصة لترتيب أوضاعه بل ومكنه من القيام بعدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت الأبرياء في اليمن”.
وتأمل حكومة اليمن ومعها لقوات الجنوبية الفاعلة في مكافحة الإرهاب بالمناطق المحررة عن مساعدتهم من قبل المجتمع الدولي لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن وبما ينعكس إيجاباً على الجهود الرامية لإنهاء خطر تنظيم داعش الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية.