توسيع وجود إيران في السودان: مستشارون وفنيون للطائرة المسيرة
العلاقات الإيرانية-السودانية: تحول في الديناميات الأمنية الإقليمية وتأثيره على نفوذ مصر
زودت طهران قوات الجيش السوداني بمسيرات قتالية بدون طيار من طراز مهاجر-6، حسبما ذكرت بلومبرغ في 24 يناير نقلاً عن مسؤولين غربيين كبار.
وأكدت صور الأقمار الصناعية تسليم الطائرات بدون طيار إلى قاعدة وادي سيدنا الجوية الاستراتيجية، شمالي أم درمان قرب العاصمة الخرطوم. ومسيرات مهاجر-6 هي مسيرة إيرانية الصنع ذات محرك واحد، وتحمل ذخائر موجهة، ومؤهلة لمهام الرصد ونقل المتفجرات.
ومن مميزات هذه الطائرة المسيرة المدى العملاني لمسافة 2000 كم وقابلية حمل قنابل “قائم” الذكية بالغة الدقة حيث تم استخدامها خلال العمليات للقوة البرية للحرس الثوري ضد مواقع الزمر في حدود اقليم كردستان العراق.
ويبلغ سطح مقطع الجناح للطائرة 10 امتار وطولها 5.67 متر والوزن الاقصى عند الاقلاع 600 كغم واستمرارية التحليق لفترة 12 ساعة وسقف ارتفاع الطيران 18000 قدم والسرعة القصوى 200 كم في الساعة والمدى العملاني 2000 كم.
فيما تتميز قنبلة “قائم” الذكية بمدى عملاني يبلغ 6 كم ووزن الراس الحربي 1.7 كغم ونوع الراس الحربي؛ متشظي، وطول القنبلة 1.16 متر وقطر القنبلة 15.3 سنتيمتر ووزن القنبلة 19.5 كغم وسرعة التحرك 310 متر في الثانية.
مستشارين وفنيين إيرانين على أرضي السودان
يتضمن وجود الطائرة المسيرة استشارات في مجالات التكنولوجيا العسكرية والتدريب، فتاريخ تجارب إيران في سوريا، اليمن، العراق، ولبنان يظهر أن قد كان لها دور في دعم القوات المحلية و المليشيات الموالية لها باستخدام التكنولوجيا العسكرية، بما في ذلك الطائرات المسيرة، كما يُشير ذلك إلى إمكانية نقل الخبرات والتقنيات إلى السودان، مما يعزز القدرات العسكرية للجيش السوداني.
تبدأ أطوار الحكاية من أكتوبر الماضي، حيث أعلن السودان استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وذلك بعد مرور سبعة أعوام على قطعها وثلاثة شهور على لقاء بين وزيري خارجية البلدين. ومن خلال تقديم الدعم العسكري للجيش السوداني، تراهن طهران على إعادة بناء نفوذها على المدى الطويل في السودان والذي تلقى ضربة جذرية عندما قرر الرئيس السابق عمر البشير قطع العلاقات ووضع رهاناته السياسية والاقتصادية على تطوير العلاقات مع السعودية.
في المقابل، تنظر مصر لكل من السودان وليبيا كمناطق استراتيجية ترتبط مباشرة بالأمن القومي المصري، وتضع القاهرة ضمن أولوياتها إبعاد أي نفوذ أجنبي عن البلدين باعتبار أن ذلك يخصم من النفوذ المصري أو حتى يمثل تهديدا لأمن البلاد القومي. وينطبق هذا حتى على النفوذ الخليجي في السودان، رغم التحالف المصري الوثيق مع السعودية، لكن حساسية مصر تجاه الوضع في السودان جعل من التواجد الخليجي يتخذ طابعاً مقلقاً، بما في ذلك المشروعات الزراعية الخليجية في السودان والتي أثارت قلق القاهرة من جهة تأثيرها على تزايد احتياجات السودان المائية.
وفي السياق نفسه، تنظر القاهرة للتطبيع السوداني “الإسرائيلي” كتهديد مباشر، ليس فقط في ظل تنامي العلاقات الأمنية بين الجانبين تحت حكم مجلس السيادة الذي يقوده الجيش، ولكن أيضا في ظل الخطط المحتملة لنقل تكنولوجيا الزراعة “الإسرائيلية” المتقدمة إلى السودان وما يعنيه ذلك من زيادة احتياج السودان لمياه النيل مستقبلا.
وبينما تقف مصر في نفس جانب الجيش السوداني ضد محاولة قوات الدعم السريع السيطرة على البلاد، فإن لجوء الجيش للدعم الإيراني. وقبل ذلك للدعم التركي أيضا من خلال الحصول على مسيرات (بيرقدار تي. بي. 2)، يشير إلى تواضع قدرة مصر على دعم حليفها. وعدم قدرتها على إسقاط القوة خارج حدودها بشكل فعال. لأسباب اقتصادية وعسكرية على حد سواء في ظل تراجع قدرات التصنيع العسكري المصري مقارنة بالجانبين التركي والإيراني.
بموازاة ذلك، فإن هذا الأمر يعطي إشارة واضحة. أيضا ترجح عدم قدرة مصر على تقديم دعم فعّال للصومال في أزمته الراهنة المتصاعدة مع إثيوبيا التي باتت تشكل منافساً جيوسياسياً مقلقاً لمصر. في القرن الإفريقي وشرق أفريقيا.
على الرغم من أن الدعم الإيراني والتركي يصب في نفس الجانب الذي تدعمه مصر. فليس من المتوقع أن يكون تنامي نفوذ أي من الجانبين في السودان مرحباً به من قبل القاهرة. كما أن الدعم الإيراني سيثير بعض التعقيدات في علاقة مصر مع الجيش السوداني. لكنّ القاهرة على الأرجح ستظل عاجزة عن توفير الإمداد الكافي لدعم الجيش.