سياسة

الصراع على الجنوب العالمي: سباق نفوذ بين الصين وأمريكا


بينما تركز الولايات المتحدة وحلفاؤها على الجبهتين العسكرية والتكنولوجية، ركزت الصين على جبهة ثالثة هي “الجنوب العالمي”.

ولا تحظى الجبهة الثالثة التي يطلق عليها أيضا “العالم النامي” بالتقدير الكافي، رغم أنها كانت جبهة رئيسية في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في القرن العشرين، ومع ذلك من غير المستغرب أن يعود الجنوب العالمي ليصبح مجددا المسرح الرئيسي للمنافسة على مدار الأربعين سنة القادمة، وفقا لما ذكره موقع “ناشيونال إنترست”.

ويشمل مفهوم الجنوب العالمي العديد من المناطق، بما في ذلك أفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية ودول جزر المحيط الهادئ وجنوب آسيا وآسيا الوسطى وبعض دول ما بعد الاتحاد السوفياتي والشرق الأوسط.

ويعكس “الجنوب العالمي” ما كان يُعرف تاريخيا باسم “العالم الثالث”، لكن هذا المصطلح عفا عليه الزمن كما أنه أصبح مهينا إلى حد ما.

وانتشر مصطلح “الجنوب العالمي بفضل الحزب الشيوعي الصيني الذي حاول على مدى عقود التقرب من هذا المسرح، الذي يُطلق عليه أحيانا “العالم النامي” أو “مجموعة الـ77” أو “دول عدم الانحياز الجديدة”.

ويمثل الجنوب العالمي بعض المصادر الرائدة في العالم للمواد الاستراتيجية، والأسواق الاستهلاكية، والحلفاء المحتملين بالإضافة إلى الشركاء الحاليين أو المحتملين في تقاسم الأعباء الأمنية.

ولأكثر من 20 عاما، حققت الصين تقدمًا نشطًا في هذه المنطقة بفضل علاقات يعود تاريخ بعضها لأكثر من 50 عاما، ويعتمد بعضها على المشاعر المناهضة للاستعمار كما تحظى روسيا بعلاقات جيدة في الجنوب العالمي بفضل التقدير الشعبي المستمر لدعم الاتحاد السوفياتي خلال نضال هذه الدول ضد الاستعمار.

وتنظر الصين إلى الجنوب العالمي باعتباره سوقًا محوريًا وشريكًا في تحدي النظام العالمي الليبرالي، وتستفيد من مخاوف هذه المنطقة من النظام الدولي الحالي.

هذه النظرية تعد جزءًا من استراتيجية الصين الأوسع لإعادة تشكيل النظام العالمي حول مصالحها الخاصة بدلاً من مصالح الولايات المتحدة، ويتم تقديمها باعتبارها نهجا مضادا لجهود واشنطن لاستعادة جاذبية الديمقراطية الليبرالية، التي تقول عنها بكين إنها “عقلية الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن” والتي تهدد الطموحات الصينية، على المستويين الإقليمي والعالمي.

وتؤكد مشاركة الصين مع الجنوب العالمي، في مبادرات مثل مبادرة التنمية العالمية التي تضم أكثر من 70 دولة على طموح بكين لتقديم نفسها كمزود للمنافع العامة الدولية في مجالات مثل التخفيف من حدة الفقر، والأمن الغذائي، والتحول الرقمي، وهو ما يتناقض مع الحمائية العالمية المزعومة للولايات المتحدة، المتهمة بالفشل في تقديم الدعم الاقتصادي الكافي.

ويرى الباحثون الصينيون أن استعداد بكين لتعبئة العالم النامي، خاصة في المناطق التي تشهد توترات تاريخية مع الغرب، يجعلها لاعبا حاسما في النظام العالمي خلال مرحلة ما بعد الولايات المتحدة.

ويشكل استثمار الصين في هذه المناطق جزءا من رؤيتها “للتغيرات العظيمة” غير المسبوقة منذ قرن من الزمان التي تؤكد الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية المتنامية للجنوب العالمي وقدرته على إعادة تشكيل المشهد الدولي.

وبإمكان الصين الآن أن تبدأ في ملء أي فراغ تتركه الولايات المتحدة، وهو أمر لم تكن تستطيع فعله قبل عقدين فقط من الزمان، لكنه أصبح ممكنا بعد التغير الكبير في المشهد الاقتصادي، بحسب “ناشيونال إنترست”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى