سياسة

السيسي في تركيا: زيارة قد تضع جماعة الإخوان في مأزق سياسي

زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا تضع جماعة الإخوان المسلمين في مأزق سياسي، حيث قد تؤدي إلى إعادة تشكيل العلاقات الإقليمية وتخفيف التوترات بين البلدين


بثباتٍ، خطت كلٌ من تركيا ومصر خطواتهما نحو مرحلة جديدة عنوانها “صفر مشاكل”، ترنو إلى تعاون مشترك واستقرار لمنطقة تسير على رمال متحركة.

وما بين ثنايا التطبيع بين البلدين، يبرز ملف جماعة الإخوان الإرهابية، الملف الذي شكّل حجر العثرة الأساسي بين البلدين لما يزيد على عشر سنوات، قبل طي صفحة القطيعة.

ومع زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى تركيا، التي بدأت اليوم الأربعاء، يجد الإخوان أنفسهم في مأزق بدأ يحاصرهم منذ عودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة.

ويجزم مراقبون أن الإخوان يراقبون الزيارة بعين “الحسرة” وهم مقتنعون بأن قادم الأيام بالنسبة لهم في تركيا ليس كما مضى، حيث من المرجح أن تتخذ أنقرة مزيدا من الإجراءات المشددة بحق أعضاء الجماعة.

وتحمل الزيارة الرسمية الأولى للرئيس السيسي إلى تركيا منذ توليه الحكم، أجندات حافلة بملفات ساخنة.

ووفق ما أعلنته الرئاسة المصرية، ستشهد الزيارة مباحثات معمقة للسيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، إضافة إلى رئاسة الجانبين للاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين مصر وتركيا.

وستتناول المباحثات أيضا تبادل الرؤى إزاء القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وعلى رأسها جهود وقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنهاء المأساة الإنسانية بالقطاع، وخفض التصعيد في الشرق الأوسط.

كما سيشهد الرئيسان التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين حكومتي الدولتين في مختلف مجالات التعاون.

أبواق الإخوان تصمت

ولوحظ قبل الزيارة أن الأبواق الإعلامية “لجبهة إسطنبول”  الإخوانية، تجاهلت الإشارة إلى زيارة السيسي، حتى لا تثير حفيظة السلطات التركية التي اتخذت بحقها إجراءات رادعة في السنوات الماضية، إذ طالما دأبت تلك المنصات على التشكيك في السياسات الخارجية لمصر وتوجهاتها.

يقول اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية في مصر، إن زيارة الرئيس السيسي لتركيا “تعكس آليات الدبلوماسية الجديدة للدولة المصرية، التي لا تتبنى عداوات دائمة”.

وأضاف أن “تنقية الأجواء وتصفية الخلافات أمر واجب في إطار التعاون الثنائي والإقليمي، خصوصا في هذا التوقيت”، مشيرا إلى أن مصر تسعى إلى التنمية والرفاهية الاقتصادية، وتلك الأهداف لا تتحقق في وجود صراعات أو خلافات.

وتابع: “مصر ومن منطلق القوة التي حازتها في العقد الماضي، بدأت التوجه إلى تركيا والتعاطي مع النقاط الخلافية في العلاقات معها”.

وعن ملف الإخوان، لفت العمدة إلى أن “الشواهد تؤكد وجود تغيير نوعي في التوجهات التركية تجاه مصر، خصوصا فيما يخص أبواق الإخوان، التي بدأت تُغير من لهجتها في العامين الماضيين».

وفي هذا الصدد، رأى أن “الزيارة ستضع النقاط فوق الحروف في هذا الملف”، مؤكدا أن الإخوان يشعرون أنهم في مأزق كبير يحاصرهم بعد تتويج العلاقات بين البلدين بهذه الزيارة.

واستدرك: “لكن قياس تأثير الزيارة على نشاط الإخوان في تركيا يحتاج إلى وقت، لرصد الخطاب الإعلامي لتلك الأبواق، وإجراءات السلطات التركية في هذا الصدد”.

إجراءات تركية رادعة

ومنذ استعادة أنقرة والقاهرة العلاقات الدبلوماسية، تواجه جماعة الإخوان ضغوطا كبيرة في الأراضي التركية، بدأت بالتضييق الإعلامي ووصلت إلى الاعتقالات وسحب الجنسية.

ومن بين حلقات التضييق، أثارت واقعة القبض على الإعلامي المحسوب على جماعة الإخوان عماد البحيري في تركيا، في يونيو/حزيران الماضي، جدلًا وقلقًا في صفوف أعضاء الجماعة المقيمين على الأراضي التركية.

وشهد عام 2023 تطورات متسارعة في عودة العلاقات بين البلدين، أثمرت في يوليو/تموز، عودة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين على مستوى السفراء، لأول مرة منذ عشر سنوات.

وكانت مصادر مطلعة قد أكدت أن السلطات التركية بدأت منذ منتصف العام الماضي، حملة مداهمات طالت عناصر الإخوان المقيمين في البلاد.

وشملت الإجراءات التركية احتجاز من لا يحمل أي هوية أو إقامة أو جنسية، والطلب من البعض مغادرة البلاد.

وبحسب مصادر مطلعة اكتشفت السلطات التركية في الفترة الأخيرة، رواج تجارة جوازات السفر المزورة في أوساط الإخوان الموجودين على أراضيها ممن انتهت صلاحية وثائق سفرهم، ولم يستطيعوا تجديدها بصورة رسمية من السفارة المصرية، لكونهم مطلوبين على ذمة قضايا جنائية في مصر.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى