قبل نحو 6 قرون، وتحديدا في عام 1447م بدأت إرهاصات لظهور أسرة عربية عريقة في قلب الجزيرة العربية.
ستكون هذه جزءا من تحولات وأحداث لن تُكتب لها النهاية إلا بعد قرون من الكفاح والإصرار، وحزم وعزم لا يعرفان الكلل.
تلك البدايات البعيدة كانت مولد التاريخ الحقيقي لرحلة الدولة السعودية نحو الظهور على مسرح الأحداث العالمي، والذي دُشنت مرحلته الأبرز عند ظهور الدولة السعودية الأولى، التي أعقبت مرحلة طويلة ناهزت ثلاثة قرون.
لا نستعرض هنا تاريخ هذه الدولة المدوّن والمدقق والمعروف والمدهش، بقدر ما ننظر في ظاهرة تاريخية تكاد لا تتكرر، ظاهرة دولة خالدة ومؤثرة في خارطة العالم الحديث.
فعبر القرون الماضية، لم تتوقف كتب التاريخ عن تدوين الأحداث وتاريخ الدول، وكذا تَواريها ونهاياتها، لكن ما لم ندرج على قراءته في هذه الكتب هو قصة “عودة الدولة” أو كتابة ميلاد جديد لها.
وكانت رحلة كفاح “آل سعود” وإيمانهم المطلق بشعبهم محل إعجاب المؤرخين والمستشرقين، الذين تعقبوا تلك المراحل، التي انتهت أخيرا بتأسيس مملكة قوية، رسَّخت وجودها في الجزيرة العربية، بل تجاوزت ذلك بأن أصبحت أبرز قائد للعالم الإسلامي، ناهيك بتأثيرها القوي ودورها البارز في محيطها العربي وعلى خريطة الأرض.
استدعت هذه السطور ما أعلنه الديوان الملكي السعودي بأن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم “يوم التأسيس”، وهو ما يعني أن الاحتفال بالمملكة وتأسيسها سيتجاوز عمر الدولة السعودية الثالثة بـ”100 عام” إلى عمرها الحقيقي، وهو زهاء 3 قرون.
وبحسب البيان الملكي، فإن هذه المناسبة تأتي “اعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة، وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون، وبداية تأسيسه في منتصف عام 1139هـ/1727م الدولة السعودية الأولى، التي استمرت إلى عام 1233هـ/1818م، وعاصمتها الدرعية”.
ويأتي الإعلان السعودي هذا ترسيخا لرؤية المملكة 2030، التي يقودها الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد السعودي، تحت مظلة ودعم خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن العزيز آل سعود، تلك الرؤية التي تنص صراحة على العمل لتعميق الهوية والثقافة السعوديتين المنبثقتين من تاريخ كفاح الدولة السعودية الطويل، الذي بدأ منذ قرون، بغية إلهام السعوديين في هذا الوقت الهام بأهمية التجديد، والتطلع إلى دولة حديثة، شأنها أن تصنع تاريخها برؤية عصرية أسوة بسابقاتها، تاريخ يمكنها من تدشين طريق جديد نحو المستقبل يمكّنها من الاستمرارية بروح مختلفة وملهمة.
ما نشهده اليوم هو دولة متجددة على طول عمرها.. وسنؤرخ به للميلاد الرابع للدولة السعودية.