الجزائر تداري خيبة الأمل في وساطتها في أزمة النيجر
أعلنت الجزائر اليوم الاثنين أنها قررت إرجاء المشاورات بشأن تنفيذ مبادرة الوساطة لحل الأزمة في النيجر عبر فترة انتقالية تستمر ستة أشهر، بعد إعلان النظام العسكري الحاكم رفضه لهذا الشرط، ما جعل الدبلوماسية الجزائرية المربكة في موقف محرج بعد تسرعها في الإعلان عن موافقة المجلس العسكري في جارتها الجنوبية على المبادرة التي قلّل مراقبون من جدواها، إذ لم تفض التجارب السابقة التي توسطت خلالها الجزائر لإنهاء نزاعات أفريقية أو عربية إلى أي نتائج ملموسة.
وقال بيان للخارجية الجزائرية “قررت الحكومة الجزائرية إرجاء الشروع في المشاورات التحضيرية المزمع القيام بها إلى حين الحصول على التوضيحات التي تراها ضرورية بشأن تفعيل الوساطة الجزائرية”.
وكان يفترض أن يزور وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف نيامي لبدء مشاورات تحضيرية بتكليف من الرئيس عبدالمجيد تبون، بعد إعلان الجزائر الأسبوع الماضي أن المجلس العسكري الحاكم في النيجر وافق على الوساطة الجزائرية.
وأوضح بيان الخارجية الجزائرية “يوم الأربعاء 27 أيلول/سبتمبر 2023، وعبر رسالة رسمية، أبلغت السلطات النيجرية الحكومة الجزائرية بقبولها الوساطة الجزائرية في الأزمة السياسية والمؤسساتية والدستورية…”.
وتابع “منذ هذا التاريخ قام وزير الشؤون الخارجية مباشرةً مع محاوره النيجري وكذلك سفارة الجزائر بنيامي مع وزارة الشؤون الخارجية النيجرية، بإجراء إتصالات حول برنامج و محتوى هذه الزيارة. غير أن هذه الإتصالات لم تستجب لما كان ينتظر منها بشأن هذين الموضوعين”.
ومنذ إعلان الوساطة الجزائرية كان باديا أن نقطة الخلاف الرئيسية تتعلق بمدة المرحلة الانتقالية إذ كشف عطاف أن قائد الانقلاب الجنرال عبدالرحمن تياني “يطالب بمرحلة انتقالية تستمرّ ثلاث سنوات كحدّ أقصى“، لكن الجزائر اعتبرت أن العملية الانتقالية يمكن أن تتم في ستة أشهر حتى لا يصبح الانقلاب “أمراً واقعاً”.
وقالت وزارة الخارجية النيجرية إنّ “السلطات النيجرية أعربت عن استعدادها لدراسة عرض الجزائر للوساطة”، مشدّدة في الوقت عينه على أنّ “مدة الفترة الانتقالية” سيتمّ تحديدها من خلال نتائج “منتدى وطني شامل”.
وتحدثت تقارير إعلامية أفريقية وغربية عن تراجع الدبلوماسية الجزائرية في أفريقيا بسبب انشغالها خلال السنوات الأخيرة في معالجة الأزمات المتراكمة الناجمة عن الحراك الشعبي الذي أجبر الرئيس السابق الراحل عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة، فيما يعكس عدم الاستقرار على رأس الخارجية التي تولاها 3 وزراء في نحو عامين حالة الإرباك.
ويرجع متابعون للشأن الجزائري حالة التخبط في التعاطي مع الأزمات الإقليمية والتي تمس الجزائر باعتبار موقعها الجغرافي. إلى أنها تسعى فقط إلى منافسة المغرب الذي عاد بقوة إلى العمق الأفريقي بعد إنهاء العاهل المغربي الملك محمد السادس الكرسي الشاغر باستعادة عضوية بلاده في الاتحاد الأفريقي.
وبنت الدبلوماسية المغربية التي أرسى دعائمها الملك محمد السادس التحرك أفريقيا على التوافقات وعدم التدخل في شؤون دول المنطقة. والتركيز على التنمية والاستثمار وهو أمر تحتاجه المنطقة بشدة وهو ما صنع الفارق بين دبلوماسية مغربية هادئة .ودبلوماسية جزائرية مربكة في التوجه والأهداف.
واتخذ المغرب مسافة واحدة من جميع أطراف الأزمة في النيجر وفي كافة الدول التي شهدت انقلابات عسكرية وحرص على الدعوة لضبط النفس والحوار سبيلا للتسوية. مشددا على أن الحلول تأتي من أصحاب الشأن بعيدا عن الاستعراضات والتدخل في الشؤون الداخلية.