إيران تدخل على خط الوساطة بين دمشق وأنقرة.. إلى ماذا تسعى؟
في خضم جهود تمهد لمصالحة بين أنقرة والنظام السوري بعد سنوات من العداء والقطيعة توجه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الثلاثاء إلى تركيا بعد أن اختتم زيارتين مماثلتين لكل من لبنان ودمشق.
ورحبت إيران التي تدعم إلى جانب روسيا النظام السوري، بخطوات التقارب التركي السوري. وتسعى على ما يبدو إلى لعب دور الوسيط إلى جانب موسكو التي ترعى لقاءات بين مسؤولين سوريين وأتراك.
ولا تريد طهران أن تكون خارج سياق التحركات الأخيرة التي من شأنها إعادة ترتيب الوضع في الساحة السورية. بينما من المتوقع أن يُعيد التقارب التركي السوري تشكيل المشهد السياسي في شمال سوريا.
ولطهران مصالح حيوية في سوريا وتسعى لتعزيز وجودها في الشرق الأوسط من البوابة السورية التي تعتبر منفذا مهما للبنان. من جهة حيث يتواجد حزب الله أحد أبرز وكلاء إيران في المنطقة وكذلك ساحة مواجهة قريبة من إسرائيل العدو اللدود للجمهورية الإسلامية.
وبالإضافة إلى ذلك فإن للإيرانيين مصالح اقتصادية في سوريا من بينها عقود إعادة الاعمار. وقطاع الطاقة وهي قطاعات تتنافس فيها مع روسيا. التي انتزعت بالفعل الكثير من الصفقات وعززت حضورها أمنيا وعسكريا واقتصاديا في الساحة السورية.
ودخول تركيا على خط المصالحة يعني أنها ستكون أيضا من المنافسين. وهي التي كانت ترتبط قبل الثورة السورية في 2011 بعلاقات جدية مع دمشق. ولها مصالح تجارية واقتصادية مهمة بحكم القرب الجغرافي والحدود بين البلدين.
وأكد وزير الخارجية الإيراني قبل أيام أن بلاده تدخّلت من أجل منع تركيا من شن هجوم في الشمال السوري. وهو هجوم خفت ضجيجه على وقع خطوات المصالحة الجارية، لكن من المتوقع أن يكون أكراد سوريا ضمن صفقة التسوية المرتقبة بين دمشق وأنقرة.
وقال عبداللهيان حينها “عندما علمنا باحتمالية شن القوات التركية هجوما على الشمال السوري تدخلنا لمنعه. نحن سعداء بأن الجهود الدبلوماسية لإيران أدت إلى أن يحل الحوار محل الحرب”.
وذكرت وكالة ‘إرنا’ الإيرانية اليوم الثلاثاء أن وزير الخارجية الإيراني سيحل ضيفا على تركيا في زيارة رسمية تلبية لدعوة من نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، مشيرة إلى أنه سيناقش في أنقرة عدة ملفات وقضايا إقليمه ودولية وتعزيز العلاقات.
وأوضحت الوكالة الإيرانية أن تركيا وإيران تعملان في إطار تبادل وجهات النظر حول ملفات ذات اهتمام مشترك بينها الملفين السوري واللبناني. بينما كان عبداللهيان قد زار الأسبوع الماضي بيروت ودمشق وأجرى خلال تلك الزيارة محادثات مع نظيره اللبناني عبدالله بوحبيب ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. ثم التقى بالأمين العام لحزب الله قبل أن يتوجه للعاصمة السورية اين اجتمع بداية بنظيره السوري فيصل المقداد ولاحقا التقى الرئيس بشار الأسد.
وكانت آخر زيارة أجراها عبداللهيان لتركيا في صيف العام 2022 بدعوة رسمية من نظيره التركي.
وتلتقي إيران وتركيا في عدة ملفات بينها الملف السوري على الرغم من أن كل منهما كانت تقف على طرف نقيض من الأزمة السورية وانخرطا في مسار استانا التفاوضي بين دمشق والمعارضة السورية بصفتهما دولتان ضامنتان للاتفاقيات التي تم التوصل لها ومنها اتفاق خفض التصعيد.
لكنهما تلتقيان أكثر في الملف الكردي حيث تقصف كل منهما جماعات كردية مسلحة في شمال العراق، فتركيا. التي تحتفظ بوجود عسكري في العراق تشن هجمات مستمرة على معاقل حزب العمال الكردستاني، بينما تستهدف طهران منظمات إيرانية كردية مسلحة.
وسبق لهما أن نفذا عمليات متزامنة وبتنسيق بين قيادات البلدين العسكرية والسياسية، فيما تثير تلك العمليات غضبا عراقيا باعتبارها انتهاكا للسيادة العراقية.