سياسة

إدارة “بايدن” وإصلاح العلاقة مع دول الخليج

ماريا معلوف


تسعى الإدارة الأمريكية الحالية، منذ فترة ليست قصيرة، إلى إصلاح علاقتها مع دول الخليج، وتحديدا قيادته المتمثلة في السعودية والإمارات.

ومنذ تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن تشهد العلاقة بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي شبه عدم استقرار.

ويبدو أن مواقف الدول الخليجية، خصوصا السعودية والإمارات، تجاه مجمل سلوك الإدارة الأمريكية نحو المنطقة، تجلت في عدم الرضا عن الإدارة الديمقراطية، خاصة بعد ترسيخ سياسة الانسحاب الأمريكي، لكن إدارة “بايدن” أدركت خطأها بالاتجاه نحو إضعاف علاقاتها بهذه الدول، التي تشكل محورا عالميا كبيرا اقتصاديا وسياسيا.

كان رفض السعودية والإمارات زيادة الإنتاج النفطي، وفق طلب إدارة “بايدن” لتعويض نقص الطاقة بسبب العقوبات على روسيا، منطقيا، بل كان ضرورة لتوصل دول الخليج العربي رسالة أن الأمر يرجع إليها ولا يمكن فرضه نتيجة ظرف عالمي تسببت فيه الولايات المتحدة بتأجيج صراع بين روسيا من جانب والناتو من جانب آخر.

ملف مليشيا الحوثي الإرهابي في اليمن أيضا كان ولا يزال ضمن قائمة نقاط الخلاف مع الإدارة الأمريكية، خاصة بعد رفع إدارة “بايدن” اسم المليشيا من قائمة الإرهاب، رغم ما تمثله من تهديد، ليس فقط لأمن دول الخليج، بل لأمن الإقليم والعالم ككل عبر تهديدها طرق التجارة والملاحة الدولية، دون اتخاذ أي تحرك أمريكي حاسم ضدها.

السعودية والإمارات ليستا بالطبع في حاجة إلى أي حماية، فقواتهما العسكرية تزداد تطورًا، فضلا عن ثقلهما الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي على المستوى الدولي، وهذا يكفيهما للدفاع عن أمنهما ضد أي خطر، بالإضافة إلى أن إدارة “بايدن” تواجه رفضًا لسلوكها من أطراف أخرى بالإقليم غير دول الخليج، مثل إسرائيل، التي ترى أن واشنطن تحاول جاهدة الوصول إلى ما يرضي إيران عبر اتفاق نووي لا يراعي مصالح دول الإقليم.

أما داخليا، فإن وضع الإدارة الأمريكية مربك في ظل المواجهة المحتملة مع الكونجرس حول ملف إيران النووي، مع وجود شرخ كبير بين وجهتي النظر الأمريكية والأوروبية حول نووي إيران، لذا لاحظنا أن إدارة “بايدن” بدأت تدرك حجم الخطورة المحتملة عليها في هذا الصراع بسبب تخبط قراراتها.

كانت الرسالة الخليجية للبيت الأبيض واضحة، خاصة بعد زيارة رئيس الوزراء البريطاني للسعودية والإمارات لطلب ضخ مزيد من النفط، إذ لا شيء يمكن فرضه على القرار الخليجي ضد مصالح شعوبه.

لذلك تحاول إدارة “بايدن” جاهدة إعادة العلاقات بين الطرفين إلى سابق عهدها، من خلال زيارة متوقعة للرئيس الأمريكي إلى المنطقة في نهاية يونيو الجاري، بحسب مصدر قريب من “البيت الأبيض”، وربما يحدث نوع من التطمين من قِبل “بايدن” لقادة الخليج فيما يخص مستجدات ملف إيران النووي.

هناك مطالب من الإدارة الأمريكية تتعلق بالوقوف بحسم ضد المخاطر التي يسببها النظام الإيراني في المنطقة عبر أذرع “الحرس الثوري” المنتشرة في بعض البلدان العربية.

ستكون إدارة “بايدن” خلال الزيارة المقبلة في حالة إصغاء وتلبية للمطالب المشروعة في ظل موقف خليجي متوازن وفشل أمريكي في إدارة ملفات المنطقة بما يحقق الاستقرار.

وبحسب ما قاله مسؤول كبير لـ”سي إن إن” الأمريكية، فإن منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مجلس الأمن القومي الأمريكي، بريت ماكغورك، ومستشار وزارة الخارجية لأمن الطاقة العالمي، آموس هوشتاين، قد سافرا إلى السعودية أربع مرات منذ ديسمبر/كانون الأول، وهذا يؤكد أن الزيارة الأمريكية ستكون مخصصة لملف إيران النووي وأزمة الطاقة.

وفي الختام، بات واضحا لإدارة “بايدن” أن الخليج مركز ثقل كبير لا يمكن الاستغناء عنه، ولا يمكن أن تضحي الإدارة الأمريكية بمصالحها فيه، وإلا خسرت وجودها وتأثيرها في المنطقة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى