أوضاعهم زادت سوءًا.. المهاجرون الأفارقة في تونس تسوء أكثر


يستمر الجدل قائما بشأن مسألة المهاجرين الأفارقة في تونس، خاصة بعد أن تدهورت خلال الآونة الأخيرة أحوال طالبي اللجوء الذين ينتظرون تسوية أوضاعهم إثر خطاب وُصف بأنه “يدعو للكراهية” أطلقه الرئيس التونسي قيس سعيّد في فبراير الماضي وانتقد فيه الهجرة غير القانونية والتواجد الكبير لمهاجرين من دول جنوب الصحراء في البلاد.

وتقول اليمنية الحامل “نصرة” وقد وقف إلى جانبها أطفالها السبعة “ليس لدينا مكان نذهب إليه، لا ماء ولا طعام” وهي على غرار مئة طالب لجوء آخرين يقفون كلّ يوم أمام مقرّ المنظمة الدولية للهجرة في تونس أملاً في حلّ لأزمتهم.

 

وتعيش نصرة محمد (27 عامًا) مع زوجها وأطفالهما السبعة في خيمة نصبوها بفضل مساعدة من متطوعين أمام مقرّ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في منطقة البحيرة بالعاصمة التونسية.

وحال نصرة من حال لاجئين آخرين قادمين من حوالي خمسة عشر دولة، معظمهم من دول جنوب الصحراء. يطالبون مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإجلائهم من تونس “إلى بلد آمن”

وفضت قوات الأمن التونسية الثلاثاء اعتصاما نفذه عشرات المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء أمام مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في العاصمة تونس.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية التونسية فاكر بوزغاية إن قوات الأمن تدخلت لفض الاعتصام “إثر ورود شكاية من الممثلة القانونية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين”. مضيفا أن “المفوضية طلبت حماية مقرها من الاعتداءات المتكررة على الموظفين والتجهيزات”.

وذكر أنه “تمت استشارة النيابة العمومية التي أذنت للوحدات الأمنية بالتدخل لفض الاعتصام، لكن المهاجرين بادروا برشق رجال الأمن بالحجارة وحطموا نوافذ المفوضية”.

وأفاد شهود عيان بأن المعتصمين قاموا منذ ساعات الصباح برشق نوافذ المفوضية بالحجارة والاشتباك مع رجال الأمن كما أقدم عدد المهاجرين المشاركين في الاعتصام على الاعتداء على السيارات الخاصة المركونة قرب مبنى المفوضية.

أمام السفارات

ووجد المئات من المهاجرين إثر تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد أنفسهم أمام سفارات بلادهم يطالبونها بترحيلهم وأعيد عدد كبير منهم إلى بلادهم ولا سيما إلى كل من ساحل العاج والسنغال وغينيا ومالي.

وفي المقابل، واصل آخرون محاولاتهم لعبور البحر الأبيض المتوسط في عمليات هجرة غير قانونية نحو السواحل الأوروبية تنتهي بهم أحيانا إلى حوادث غرق ويلقى العشرات منهم حتفهم.

وخلافا للمهاجرين، لا يمكن لطالبي اللجوء التوجه إلى سفاراتهم وطلب المساعدة لأنهم فروا من بلدان التي تواجه حروبا ومجاعات وكوارث إنسانية أو أنهم مهددون بأعمال انتقامية ومن المفترض أن يستفيدوا من حماية المفوضية.

وطلبت وكالة فرانس برس من المفوضية اليوم الأربعاء تفسيرا في خصوص طبيعة الحقوق التي يتمتع بها طالبو اللجوء، لكنها لم ترد.

وأكدت المنظمة الأممية في تونس على صفحتها على موقع فيسبوك “رفضها العميق للعنف” الذي حصل الثلاثاء أمام مقرّها.

المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تدعو إلى الحوار لإيجاد حل للأزمة

 حماية ومساعدة حيوية 

وبينت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن مجموعة صغيرة من 200 لاجئ وطالب لجوء ومهاجر قامت باعتصام لمدة ثلاثة أسابيع أمام مقرّها تدخلت بالقوة وتسببت في أضرار مادية ما دفعها لاستدعاء الشرطة للتدخل العاجل.

وأكدت المنظمة في بيانها الذي دعت فيه إلى “الحوار” لإيجاد “حلول”، على “التزامها بمواصلة توفير الحماية والمساعدة الحيوية للنازحين في تونس”.

وغادرت نصرة وعائلتها اليمن الذي تمزقه الحرب في العام 2020 ووصلوا إلى تونس في أبريل 2022 بعد أن عبروا بلدانا عديدة مثل السودان وإثيوبيا والنيجر والجزائر ثم ليبيا.

وتقول نصرة “نطالب الدول الأوروبية أن تتدخل…لا نريد أن نبقى في تونس. سندفن هنا”.

وعمل عمر خالد إسماعيل، السوداني الذي يبلغ من العمر 17 عامًا ويحمل بطاقة طالب لجوء، منذ وصوله في نوفمبر 2022 في تونس وكان يقيم لدى صاحب العمل، لكن بعد خطاب الرئيس وجد نفسه في الشارع مطرودا من عمله.

ويقول “ليس لي منزل ولا مكان أذهب إليه وجئت لمفوضية وأبلغوني أنهم كلّفوا محاميا للتفاوض مع السلطات وإيجاد حل”.

وفي المقابل، يبتسم عمّار (19 عاما)، وهو طالب لجوء آخر فرّ من الحرب في أفريقيا الوسطى في سن التاسعة ووصل إلى تونس في العام 2021 بعد أن عاش في مخيم للاجئين في تشاد.

ويأمل عمّار أيضًا في أن تجد المفوضية حلاً له ويقول “نحن لاجئون ونريد أن يتم إرسالنا إلى بلد آخر حيث يمكننا أن نلقى الاحترام والتقدير. وحيث يمكننا العيش والذهاب إلى التسوق دون التعرض للهجوم أو الإهانة”.

وفي الفترة الأخيرة برزت تونس كإحدى أبرز البوابات للهجرة نحو البلدان الأوروبية بشكل دفع السلطات إلى المطالبة بدعم خارجي لمواجهة هذه الظاهرة.

وتثير موجة الهجرة قلقا أوروبيا متصاعدا يظهر جليا في بعثاتها الدبلوماسية لدى تونس، من خلال لقاءات المسؤولين الإيطاليين والفرنسيين بنظرائهم التونسيين للتباحث حول مجابهة هذه الظاهرة المتفاقمة.

Exit mobile version