سياسة

هجوم المسجدين يعري أردوغان يكشف استغلاله للمأساة لصالح حساباته السياسية


عرت مجزرة المسجدين التي وقعت في مدينة كرايست تشيرتش بنيوزيلاندا يوم الجمعة الماضي وأودت بحياة 50 شخصا على الأقل، حقيقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي استغل المأساة لصالح حساباته السياسية، بينما أظهرت المواقف المشرفة لرئيسة وزراء النيوزالندية جاسيندا أرديرن.

وأبرز الحادث الإرهابي الفرق بين أرديرن، التي تعاملت بكل مسؤولية انطلاقا من منصبها كـ امرأة دولة، وحاولت جاهدة الخروج بأقل الخسائر من هذا الهجوم، وأردوغان، الذي حوّل الهجوم الدامي إلى ورقة انتخابية وعاد مرة أخرى إلى خطاباته الشعبوية.

وسارعت رئيسة وزراء نيوزيلاندا البالغة من العمر 38 عاما، بعد مرور دقائق قليلة من الهجوم، إلى القيام بكل ما يمكنها من أجل تهدئة الأوضاع وطمأنة مواطنيها، وإعادة الدفء إلى قلوب مسلمي البلاد، لتجسد بذلك مفهوم القيادة الحقيقي، ونددت في أول تصريح لها بما وقع وشددت على أن المتضررين منا ونيوزيلندا وطنهم.

وبعدها، واصلت تقديم المعلومات والتواصل مع وسائل الإعلام، كما زارت عائلات الضحايا مرتدية الحجاب للتعبير عن تضامنها معهم، فاحتضنتهم وطمأنتهم لتظهر لهم الاحترام والتعاطف الحقيقيين، وأعلنت دفع تكاليف جنازات الضحايا وتقديم أي مساعدة مالية لمن تأثروا بالمذبحة، كما تعهدت بتشديد قوانين السلاح.

وفي المقابل، أقحم رئيس تركيا نفسه في المعمعة بالطريقة الخطأ، فاختار الخروج بتصريحات، وصفت بـ المتهورة والمشينة، على شاكله تلك التي كتبها القاتل في رسالة مطولة قبل تنفيذ المجزرة.

وفي مواجهة عبارة رئيسة وزراء نيوزيلندا التي تنطق بالاحتواء والتعاطف، كان لأردوغان عبارة مغايرة تنطق بدلالات أخرى.

وضخّم الرئيس التركي الحادث الإرهابي واقتنص مرة أخرى الفرصة لانتقاد الغرب، قائلا: تركيا ستكتب التاريخ مرة أخرى، إذا وقف أي شخص ضد الأتراك والمسلمين وكل المظلومين، وذهب إلى أبعد من ذلك، حين أعاد الحديث عن معركة جاليبولي، التي وقعت أثناء الحرب العالمية الأولى (1915)، وفشلت خلالها القوات الأسترالية والنيوزيلندية والبريطانية والفرنسية في السيطرة على شبه جزيرة جاليبولي، في محاولة للدخول إلى إسطنبول، العاصمة العثمانية آنذاك.

وفي تعليق موجه إلى المهاجم الأسترالي، قال أردوغان لقد جاء أجدادك وعادوا في توابيت. إذا أتيت مثل أجدادك، فتأكد أنك ستعود مثلهم

وجاءت تصريحات الرئيس التركي في وقت يسعى فيه لحشد الدعم لحزبه (العدالة والتنمية) في الانتخابات المحلية المقررة يوم 31 مارس الجاري، وهو ما اعتبره البعض استغلالا للفاجعة وتحويلها إلى ورقة انتخابية، وانتقدها مراقبون وأشاروا إلى أن أردوغان اختار المناسبة الخطأ لحشد أنصاره وكسب تأييد مؤيدين جدد، موضحين أن الحسابات السياسية لأردوغان يجب أن تبقى بعيدة عن مصائب الناس.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى