من الفصول إلى التنظيم.. الإخوان يعيدون سيناريو التسعينيات

في حادثة أعادت إلى الأذهان تاريخًا أسود من الاستغلال الإيديولوجي، كشفت واقعة “صلاة” في فناء مدرسة تونسية عن مخطط إخواني ممنهج لاختراق المؤسسات التربوية واستهداف التلاميذ، مستنسخين بذلك أساليب “الجهاز السرّي” الذي ورّط آلاف الطلاب في صراعات سياسية خلال تسعينيات القرن الماضي.
ما بدأ كقرار إداري بمنع الصلاة في ساحة معهد بمدينة الحمامات، تحوّل بسرعة إلى قضية رأي عام أشعلتها قيادات إخوانية من الخارج، وتحركت على إثرها شبكاتهم في الداخل، في محاولة يائسة لإعادة البلاد إلى مربع الصراع بين الهوية الدينية والدولة المدنية.
لم تكن الحادثة عفوية، بل كانت الشرارة التي استغلها تنظيم الإخوان لتنفيذ أجندته. فبمجرد انتشار فيديو منع مديرة المدرسة التلاميذ من الصلاة، انطلقت حملة منظمة قادها البرلماني الإخواني الهارب رضا الجوادي، الذي دعا الأئمة إلى “نصرة حق التلاميذ” في خطب الجمعة، محاولًا تحويل قضية تربوية إلى معركة دينية.
وعلى الأرض، سارع حلفاء التنظيم إلى تشكيل “لجنة دفاع” قانونية من (13) محاميًا، وصفهم المحلل السياسي المنجي الصرارفي بأنّ “جلّهم تابعون للإخوان، وبعضهم مختص في القضايا الإرهابية الكبرى”، مؤكدًا أنّ ما حدث هو “عملية انقضاض إخوانية كبرى على واقعة عادية لخدمة مشروعهم الظلامي”.
التحرك الإخواني السريع أثار مخاوف شخصيات مطلعة على خبايا التنظيم، على رأسهم المنشق عن حركة النهضة صابر الحمروني، الذي حذّر من تكرار كارثة التسعينيات.
وقال الحمروني في تصريح صحفي لـ (العين الإخبارية): “التاريخ الأسود ما يزال يصرخ: آلاف التلاميذ سقطوا ضحايا تجييش سياسي على يد محمد عون في الجهاز السرّي لحركة النهضة”، مشددًا على أنّ “هذه مسؤولية وطنية عاجلة لا تحتمل التأجيل” لمنع أيّ محاولة لاستغلال الأطفال مجددًا.
من جهته، دقّ المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة ناقوس الخطر، معتبرًا أنّ “ممارسة التديّن من قبل التلاميذ قد يُمثّل إشارة لانطلاق حملة من قبل الإسلام السياسي ضد الدولة المدنية”.
وأكد المرصد دعمه لحرّية المعتقد، لكنّه شدد على أنّ “المساجد وفضاءات العبادة هي المكان الطبيعي للشعائر، بينما تبقى المدرسة مخصصة حصريًا للعلم والمعرفة”، داعيًا إلى سنّ تشريعات واضحة لتحييد المؤسسات التربوية عن أيّ استغلال ديني أو سياسي.