مظاهرات في إدلب تطالب بإسقاط الجولاني وانتخابات لإدارة المنطقة.. والأخير يرد
تواصل “هيئة تحرير الشام” التي تفرض سيطرتها على محافظة إدلب السورية، حملة اعتقالاتها بحق ناشطين في الحراك المناهض لها، بعد فشل زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني في خفض سقف المطالب التي ينادي بها الحراك وأبرزها تنحيه.
ويطالب المشاركون في التظاهرات الجولاني بالتنحي عن منصبه والإفراج الفوري عن معتقلين سوريين وأجانب أكدت عائلاتهم أنه تمّ احتجازهم لأسباب سياسية، في حين تظاهر مشاركون آخرون لأسبابٍ مختلفة، ويقول أحدهم أن الوضع المعيشي الذي لم يعد يطاق، ففرص العمل باتت معدومة والقبضة الأمنية للهيئة في ارتفاع، لافتاً إلى أن “إدلب وصلت إلى طريقٍ مسدود”.
ويزداد الاستياء بين أهالي المنطقة من الهيئة التي كانت تُعرف في السابق باسم “جبهة النصرة”، ذراع تنظيم “القاعدة”، لاسيما أنها تواصل تضييق الخناق على السكان بقراراتها المثيرة للجدل، ما أدى إلى نشوب غضب شعبي في المحافظة.
ودعا الطبيب محمد فاروق كشكش أحد منسقي الحراك في إدلب، إلى الانتباه من حملة الاعتقالات، لافتًا إلى أن الأمور في إدلب مفتوحة على كل الاحتمالات، وفق تسجيل صوتي متداول له، وذلك بعد لقاء جمعه بالجولاني، الأحد الماضي.
وخلال اللقاء، تحدث الجولاني عن إصلاحات أجرتها “الهيئة” ومظلتها السياسية “الإنقاذ” وعن دعوات الحوار منذ ثلاثة أشهر، بينما اعتبر كشكش أن الإصلاحات لا تزال دون المأمول، لأن المطلب الرئيس هو تداول سياسي حقيقي للسلطة.
وذكر كشكش أن أعضاء الحراك جاهزون للحوار بعد ترتيب بنية الحراك التنظيمية، لكن الجولاني رفض لأن الأمر تأخر وطلب توقف المظاهرات مقابل الإفراج عن المعتقلين، ليجيب كشكش أن الناس لهم مطالب ولا يمكن أن يمنعهم أحد من الخروج.
في المقابل، قالت وزارة الداخلية في “الإنقاذ” إن الاعتقالات تتم وفق إذن من النائب العام، وبررت أسباب الاعتقال بأن الأشخاص مارسوا إرهابًا فكريًا على المتظاهرين المحقين، وعملوا على تشويه من يسعى إلى الإصلاح، وجر المنطقة إلى المجهول وشق الصف والعودة إلى الاقتتال الداخلي وتضييع ما بذل من جهد لبناء المؤسسات.
وأضافت أن الأشخاص المعتقلين لهم دور كبير في التشجيع على حمل السلاح والأحزمة الناسفة، عدا السب والشتم والقذف والإساءة إلى المسؤولين والموظفين، والتسبب بتعطيل عمل المؤسسات في كثير من الأوقات.
من جهته، ذكر “تجمع الحراك الثوري” أن المعتقلين لم تصدر عنهم دعوة واحدة للعنف أو استخدام السلاح، ولم يعرف عنهم إلى المظاهرات السلمية الحضارية، وأن تصريحات وزارة الداخلية تدل على نية مبيتة لاعتقال الناشطين في الحراك.
وتأتي الاعتقالات بعد أن انتشار القوات الأمنية التابعة للجولاني في الشوارع خلال مظاهرات رافضة لسياسة “تحرير الشام” وتفردها بالقرار، ومطالبة بإسقاطه.
ووقعت حوادث اعتداء على متظاهرين خلال المظاهرات في مدينتي بنش وجسر الشغور، ولقيت تفاعلًا واسعًا واستنكارًا من الأهالي في المنطقة، واستذكارًا لممارسات النظام السوري مع المظاهرات السلمية.
وقبل حوالي أسبوعين قال الجولاني إن “الهيئة” استخدمت خلال الأشهر الثلاثة الماضية “لغة الحوار”، ولديها 50 “كرتًا” (بطاقة) لم تستخدم واحدًا منها، مضيفًا أن “من هان عليه المحرر فقد هان علينا، ولن نتهاون مع أي شخص أو تجمع أو حزب أو فصيل يريد إيذاء المحرر”.
ويراهن الجولاني على عامل الوقت لإحباط الحراك الاحتجاجي، لكنّ الواقع في المناطق الخاضعة لسيطرة الهيئة لم يعد يسمح في مواصلة إدارتها بنفس الطريقة.
ويرى متابعون للوضع أن هذا الحراك هو نتيجة طبيعية للطريقة التي تُدير بها هيئة تحرير الشام المناطق الخاضعة لها، خصوصا أن جزءاً كبيرا من السوريين في هذه المناطق يرفض العقلية التي تحكم بها الهيئة، وهناك وعي متزايد بالحاجة إلى إعادة تشكيل الحالة المعارضة وإخراجها من الخندق الذي انزلقت إليه في السنوات التي أعقبت صعود المتطرفين في سوريا.