مسبار الأمل.. رسالة الإمارات للعالم
الدول والحضارات تُبنى بالعمل الجادّ والسواعد المفتولة المقترنة بالعقل النيّر والخطط المدروسة.
وباقتران حكمة القائد بمثابرة الشعب، فعبارةُ: “لا شيءَ مستحيلٌ”، عبارةٌ يتحدّث بها كثيرٌ من الناس عموماً، والقادةُ على وجه الخصوص؛ ولكنْ قلّةٌ منهم الذين يقرنون القولَ بالفعلِ، ومن يعرف الإمارات قيادةً وشعباً يُدرك حقيقة أنه بالفعل لا شيءَ مستحيلٌ، وإذا قالوا فعلوا، فلا همَّ لقيادةِ الإمارات إلا بلوغ سنامِ المجدِ بتذليل الصعوبات وشق الطرقات إلى ذروته تخطيطاً ودعماً، ومن ورائهم شعبٌ يسير على خططهم بثقةٍ وهمّةٍ عاليةٍ لا همّ لها سوى تحويل الخطط إلى إنجازٍ.
في الحقيقة إنّ توجه الإمارات إلى الفضاءِ ليس وليدَ اللحظةِ، بل إنه طموحٌ إماراتيٌّ بتخطيطٍ مدروسٍ بدأ منذ ما يقارب الخمسة عقود، وتحديداً باستقبال المغفور له بإذن الله “الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان” طيب الله ثراه الفريق المسؤول عن رحلة “أبولو” إلى القمر في وكالة ناسا الأمريكية عام 1976، فكان هذا اللقاء حافزاً لتوجّه الإماراتِ دولةً وشعباً إلى الفضاء، وبذرةً لولادة قطاع الفضاء الإماراتي الذي تدرّج منطقياً ومنهجيّاً وعلميّاً فيما بعد على يد الأبناء الأوفياء “حفظهم الله” لنهج وطموحات الأب المؤسس “طيّب الله ثراه” لبلوغ هذه اللحظة في الوصول إلى أبعد نقطةٍ استطاع الإنسان بلوغها عبر التاريخ البشري ببلوغ مسبار الأمل مدار المريخ.
إنجازٌ لم يأتِ من فراغٍ ولا بمجرّد قرارٍ وقولٍ، بل إنه حصيلة عملٍ مضنٍ وجهدٍ استثنائيٍّ تمثّلَ بخمسة ملايين ساعة عملٍ، وأكثر من مئتي مهندسٍ ومهندسةٍ إماراتيّةٍ واصَلوا الليلَ بالنهار ليترجموا الأقوال إلى أفعالٍ، لتصدَح الأفعال في جنباتِ العالم أجمع: الإماراتيون قادرون، والعرب قادرون، على المنافسة، وعلى وضع أقدامهم في النقطة التي لم يضعها إنسان بعد على أبعد منها، فما هي إلا خطوةٌ تدل على طريقٍ معبّدة بالعرق والجهد بخطواتٍ سابقةٍ، ثقافية وسياسيّة واقتصاديّة وعلميّة وتكنولوجيّةٍ، فبتظافر وتوفر كل تلك المقومات كانت النتيجة “مسبار الأمل”، فالقدرة على بناء المسبار ونجاح المهندس والعقل الإماراتي ببناء المسبار وترجمة الطموح إلى فعلٍ، ونجاح الإطلاق والوصول إلى الفضاءِ الذي لا تنقصه إلا لحظةً من جهد سنوات طويلةٍ ليدخل المسبار المدار، كفيلةٌ بأنْ تُدخل الإمارات والعرب التاريخ من أوسع أبوابه، وكفيلةٌ بالمزيد من الإلهام والتحفيز لمواصلة العمل لبناء البلدان والإنسان.
فمسبار الأمل ما هو إلّا هو رسالة الإماراتيين للعالم قريبه وبعيده، وللإماراتيين والعرب على وجه الخصوص كما قال سمو الشيخ “محمد بن راشد آل مكتوم” نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بأنّ الهدف هو إعطاء الأمل لكل العرب بأننا قادرون على منافسة بقية الأمم والشعوب على مجد الحضارة والبناء، ببلادٍ أعطى قادتها جلّ وقتهم لخدمة شعبها ومن يقيمون فيها، فقالوا: لبيكم، وقال الشعب لهم: على خطاكم وعلى نهجكم سيروا ونحن من خلفكم بعقولنا وسواعدنا لنبني حضارتنا وأمتنا.