ما علاقة قطر بالفوضى التي يحاول الإخوان افتعالها في السودان؟
شهدت العاصمة السودانية الخرطوم ومدينة كسلا، يومي الخميس والجمعة على التوالي، تظاهر عشرات من أنصار الرئيس المعزول عمر البشير مطالبين بإسقاط الحكومة الانتقالية.
هذه التحركات بدأت في التصاعد منذ قامت لجنة التمكين بحل منظمة الدعوة الإسلامية أكبر ممول لنظام الرئيس المعزول التي تنشط تحت غطاء اغاثي والمدعومة من تركيا وقطر.
ويراهن إسلاميو السودان ومن خلفهم الحاضنة القطرية على تأجيج الفوضى للتشويش على جهود السلطة الانتقالية ومساعيها لاجتثاث وتفكيك منظومات الفساد في الدولة وأذرع النظام السابق التي تغلغلت في مفاصل المؤسسات.
حل منظمة الدعوة كان بمثابة ضربة لجهود قطر وتركيا لإحياء مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة ولمحاولاتهم استعادة زمام المبادرة بعد سقوط حليفهما البشير وتفكك منظومات الدعم والإسناد محليا وإقليميا.
وقال عبدالرحمن أحمد أحد سكان كسلا عبر الهاتف بعد صلاة الجمعة تجمع في وسط المدينة عشرات من أنصار البشير يحملون لافتات كتب عليها الحشد الشعبي وهم يهتفون تسقط تسقط يا حمدوك، تسقط تسقط أنت ولجابوك وجيش واحد شعب واحد.
وفي نفس السياق، قال حامد محمد الذي يسكن كذلك في المدينة عبر الهاتف: يبدو أنهم كانوا متفقين على مكان المظاهرة فقد وصلوا من شوارع مختلفة رغم أن سوق المدينة مغلق الجمعة إضافة لقرار السلطات بوقف التجمعات.
وكبقية دول العالم، سجل السودان كذلك32 إصابة بفيروس كوفيد-19 وفرضت السلطات حظر تجول جزئيا على أن يمدد إلى 24 ساعة اعتبارا من السبت وهو ما يشير إلى أن توقيت خروج مظاهرتين لأنصار البشير الخميس في الخرطوم والجمعة في كسلا مدروس ومحاولة لاستغلال الظرف الحالي حيث تقاوم الحكومة الانتقالية لمنع انتشار فيروس كورونا وفي الوقت ذاته تتحرك محليا مثقلة بتركة من المشاكل المالية والاجتماعية من مخلفات النظام السابق.
ويسعى إسلاميو السودان المدعومين من تركيا وقطر إلى إرباك مسار الانتقال الديمقراطي وفتح جبهة جديدة لتقويض الجهود الحكومية وأيضا لإبطاء جهود تفكيك منظومة الحكم السابقة بشبكاتها المعقدة وارتباطاتها الخارجية.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع الخميس لتفريق تظاهرة مناهضة للحكومة الانتقالية أمام القيادة العامة للقوات المسلحة في وسط العاصمة الخرطوم.
وفي بيان وقعه العميد عامر محمد الحسن أعلنت القوات المسلحة السودانية أن المنطقة حول القيادة منطقة عسكرية ممنوع الاقتراب منها وسوف تتخذ القيادة كافة الإجراءات والتدابير اللازمة بما فيها قفل الطرق المؤدية إلى القيادة العامة للقوات المسلحة وما حولها اعتبارا من الجمعة 17 أبريل وحتى إشعار آخر”.
ووضع الجيش حواجز خرسانية وأسلاكا شائكة على مداخل الطرق المؤدية للقيادة العامة في وسط الخرطوم.
وفي أبريل 2019، أطاح الجيش بالبشير الذي حكم البلاد ثلاثين عاما بعد أشهر من الاحتجاجات واعتصام أمام قيادة الجيش.
وفي أغسطس من العام الماضي وقع العسكريون وتحالف الحرية والتغيير الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير اتفاقا سياسيا تم بموجبه تشكيل حكومة لتدير البلاد في فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات تجرى بعدها انتخابات عامة.
وتتكون السلطة من مجلس سيادي يضم خمسة عسكريين وستة مدنيين ويرأسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ومجلس وزراء من المدنيين على رأسه الاقتصادي عبدالله حمدوك الموظف السابق في الأمم المتحدة.
وبدأت الاحتجاجات ضد البشير في ديسمبر 2018 في مدينة عطبرة على بعد 350 كلم شمال العاصمة بسبب تردي الأوضاع المعيشية.
وبعد مرور عام على إسقاط البشير لم تتحسن الأوضاع الاقتصادية إذ ارتفع معدل التضخم وفق الأرقام الرسمية إلى 72 بالمئة. كما يعاني السودانيون للحصول على رغيف الخبز إذ ينتظرون لساعات أمام المخابز، كما يقفون ساعات في طوابير من أجل الحصول على الوقود.
وتعتبر هذه المشاكل المتراكمة من مخلفات النظام السابق وتسعى السلطة الحالية لتأمين مرحلة الانتقال الديمقراطي لكنها مثقلة بأكثر من أزمة يحتاج حلّها إلى وقت للتعافي من إرث ثلاثة عقود من حكم البشير.
وتمثل منظمة الدعوة الإسلامية النواة الصلبة في نظام الرئيس المعزول ولطالما شكلت سندا له منذ انقلابه على الحكم في 1989. وتتهم السلطات السودانية المنظمة بأنها جزء من نظام البشير ودولته العميقة.