لماذا لا يتحدثون في لبنان عن وجود “حزب الله” في سوريا؟
لقد ألحقت مليشيات حزب الله الإرهابية التي عبرت الحدود نحو سوريا بلبنان سمعة سيئة عربياً وعالمياً.
وقتلت تلك المليشيات عدداً لا يستهان به من الشعب السوري قبل سنوات ولا تزال تفعل الأمر نفسه حتى اليوم.
ووفر رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره – بحسب أغلب اللبنانيين – الغطاء السياسي لهذا التصرف العبثي الإرهابي من قبل جماعة مسلحة معروفة بولائها المطلق للولي الفقيه في طهران، بل استغل الرئيس عون صلاحياته بعد وصوله رئيساً للجمهورية في لبنان، بغية الدفاع عن هذا العمل الإجرامي المدان، الذي فعله ويفعله حزب الله، لا سيما أن هذا الحزب المسلح يعتبر نفسه مكوناً سياسياً في لبنان.
والسؤال هنا: كيف لحزب ممثل في الحكومة والبرلمان أن يذهب للقتال في بلدٍ مجاور دون علم الدولة اللبنانية؟ والسؤال الذي يطرح نفسه أيضاً: إذا كان هذا التدخل غير المشروع لحزب الله في سوريا جاء نتيجة تبعية هذا الحزب لإيران، أليس هذا الأمر بحد ذاته خيانة عظمى يحاسب عليها القانون في لبنان؟
كل تلك الأسئلة يصمت عن الإجابة عنها كبار المسؤولين في لبنان، بل يتجاوزن الحديث عنها، ويصبون جام غضبهم على وجود اللاجئين السوريين الهاربين من جحيم سوريا نتيجة احتلال حزب الله لمدنهم وبلداتهم، لا سيما أن هذا التدخل “حزب الله” في سوريا غير القانوني والذي دمر اقتصاد لبنان وجعله وشعبه في مرمى العقوبات الغربية، هو تدخل في أتون صراع مستمر، يدفع ثمنه السوري واللبناني، ويجعل من لبنان مركزاً لتحقيق طموح طهران التوسعي، فضلاً عن الغارات الإسرائيلية المستمرة على عناصر حزب الله في سوريا.
واقتصادياً، دفع لبنان فاتورة الحرب السورية، ومن خلال حزب الله الذي غسل أموال تجارة الحرب السورية، ومارس معهم تجارته المحرمة دولياً، حيث شهدت مصارف لبنان نتيجة سطوة حزب الله حرب استنزاف اقتصادية لا تزال تبعاتها على انهيار العملة الوطنية في لبنان مستمرة، إن من خلال انهيار الليرة أمام الدولار الأمريكي، أو عبر عجز البنوك عن الإيفاء بتعهداتها لعملائها.
وقد شهدت المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية للبنان مع سوريا، نشاطاً غير قانوني بغية تنفيذ عمليات التهريب للمواد والسلع المدعومة في لبنان باتجاه مناطق سيطرة إيران ومليشياتها هناك، وحتى قضية انفجار مرفأ بيروت الشهيرة، فإن فصولها – بحسب كبريات الصحف الغربية – تتصل بتدخل حزب الله في الحرب السورية، فنترات الأمونيوم المدمرة تم استيرادها إلى هذا المرفق الحيوي في لبنان، من أجل شحنها نحو مخازن إيرانية في سوريا.
وبعد أن عجزت الدول المؤثرة عن حل الأزمة السورية، بقي حزب الله في سوريا، بينما الحزب نفسه هو من نقل تحت مرأى ومسمع الجميع عناصر داعش الإرهابيين بالباصات المكيفة وهم ينسحبون باتجاه البادية السورية.
وتفتخر مليشيا حزب الله بأنها فعلت ما فعلت بسوريا، في الوقت الذي لا يترك فيه بعض رموز العهد الحاكم في لبنان مناسبة إلا ويتحدثون فيها عن أزمة اللاجئين السوريين في لبنان، دون التطرق من قبلهم لمسألة احتلال حزب الله لبلدات وقرى سورية، وزراعة المخدرات بها، وتهديد سكانها في حال فكروا بالعودة إليها.
وخلاصة القول في ذلك أن حزب الله الذي أسهم بشكل موثق في تأجيج الصراع السوري، أصبح عبئاً حتى على مَن يسميهم حلفاءه، فالروس وهم أصحاب الكلمة الأولى في مناطق سورية كثيرة، يتحدثون عن ضرورة طرد حزب الله من سوريا ولا يخفون ذلك، وآخر ما صدر عنهم رسمياً هو بيان سوتشي قبل شهر تقريباً، فضلاً عن استدعاء حزب الله إلى موسكو قبل مدة من أجل النقاش حول ذلك.