“كتائب الإخوان” في حرب السودان ومناورة العودة
3 عقود قضاها الإخوان في حكم السودان تجر وراءها كابوسا من العنف والمجازر التي يخشى كثيرون استنساخها في ظل مساعي التنظيم للعودة للسلطة.
تنظيم لا يؤمن بمبدأ التداول السلمي على الحكم، فكان أن تشبث بمقاليده حتى أطاحت به ثورة شعبية عام 2019.
وخلال تلك الفترة، اتهم النظام بالعنف المفرط ضد المعارضين، وارتكاب مجازر في أماكن متفرقة من البلاد خاصة في إقليم دارفور، فيما لاتزال المحاكم الدولية تلاحق قادة النظام السابق ورئيسه عمر البشير بسبب تلك التهم.
ويخشى سياسيون أن تكون عودة إخوان السودان لصدارة المشهد خطوة لعودتهم إلى السلطة لاحقا.
هوس السلطة
يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني، محمد الأسباط، أن الأزمة الراهنة تشكل آخر “آخر ورقة” يناور بها التنظيم للعودة إلى الحكم، خصوصا عقب جميع محاولاتهم طوال السنوات التي أعقبت ثورة ديسمبر/ كانون الأول 2019،
يقول الأسباط إن الإخوان يعتبرون هذه الحرب “مثابة الحل والجسر الوحيد الذي يعيدهم إلى السلطة”.
وأضاف أن كل الإخوان “بمختلف تياراتهم، سواء في المؤتمر الوطني أو المؤتمر الشعبي أو الذين تواروا عن العمل السياسي طوال السنوات الأربع الماضية، أو السنوات الأخيرة من عمر حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، كل هؤلاء من دعاة الحرب وحسم المعركة عسكريا”.
وشدد الخبير على أنه لا يوجد إخواني واحد “تحدث عن الحل السلمي أو التفاوض، مع العلم أن كل الحروب في العالم تنتهي إلى طاولة التفاوض”.
استنفار ومخاوف
استنفار بصفوف الجيش وقوات الدعم السريع، فيما تستمر المعارك التي لم تهدأ منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، محملة بالمخاوف والمضي في نفق مظلم تغيب فيه بوادر انفراجة.
الحشد والحشد المضاد يرعب كثيرين، لاسيما قوى الحرية والتغيير، أبرز كتلة للمعارضة المدنية في السودان.
وهو ما عبّر عنه، المتحدث الرسمي باسم قوى “الحرية والتغيير” (الائتلاف الحاكم السابق) جعفر حسن، محذرا من تمزق البلاد حال استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” إلى شهور أخرى.
وقال حسن إنه “إذا استمرت الحرب لعدة شهور أخرى يمكن أن يفتت السودان، والبلاد الآن على حافة التفكك.”
وأضاف: “سمعنا خطابات من الكيزان (الإخوان) تشير إلى تشكيل حكومة في بورتسودان، ورد عليهم محمد حمدان دقلو (قائد قوات الدعم السريع) بتشكيل حكومة أخرى في الخرطوم، وهذا يعني بداية الانشطار، وهذا لن يكون آخر انشطار، إذ يستتبعه انشطارات أخرى، لذلك استمرار الحرب يعني تفكك السودان”.
مصلحة إخوانية
كذلك، اعتبر رئيس المكتب التنفيذي لحزب التجمع الاتحادي في السودان القيادي بقوى الحرية والتغيير، بابكر فيصل، أن الحرب في بلاده مصلحة إخوانية.
وفي حوار اعتبر فيصل أن الحزب السياسي الوحيد الذي يدعو لاستمرار الحرب هو المؤتمر الوطني المحلول (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) وأنصاره.
وقال إن الطرفين المتنازعين يقران بأن هذه الحرب “عبثية” و”المنتصر فيها مهزوم” بحسب تعبير قائدي الجيش عبدالفتاح البرهان والدعم السريع محمد حمدان دقلو.
وتدور المعارك في المناطق الرئيسية في العاصمة الخرطوم وامتدت إلى أقاليم أخرى أبرزها دارفور، التي كانت مسرحا لحرب أهلية مريرة أيضا.
وأوضح القيادي في قوى الحرية والتغيير أن الجبهة كطرف مدني لا تملك سوى أدوات الضغط السياسية والجماهيرية، مضيف “في هذا الإطار بقينا نعمل وسط الجماهير لتعبئتها في اتجاه الدعوة لوقف الحرب، كما واصلنا مساعينا مع المجتمعين الإقليمي والدولي للضغط على الطرفين من أجل الجلوس للتفاوض”.
وبينما تشتد وطأة المعارك، يجد معظم السودانيين أنفسهم دون كثير من الخيارات، لا سيما وأن الكثير منهم باتوا نازحين، ويكِدُّ أغلبهم لتوفير قوت يومهم، في ظل حرب تبدو طويلة الأمد.
وفي تقرير لها، استعرضت “بي بي سي” البريطانية، اليوم الثلاثاء، هوية المقاتلين المتطوعين بجانب الجيش. وماذا يفعلون؟ ولماذا يتخوف كثيرون من ظهورهم؟
من بين هؤلاء، الشاذلي عطا، وهو سوداني من ولاية كسلا شرقي البلاد.
ينتمي الشاذلي للحركة الإسلامية السودانية (إخوانية)، وقد تطوع بالانضمام للجيش، من أجل مواجهة قوات الدعم السريع، حيث نشب القتال بين الطرفين في منتصف أبريل/ نيسان الماضي.
وبمجرد اندلاع القتال أعلن الجيش حالة الاستنفار. فهبَّ الإخوان لنصرته، وكثفت قيادات في نظام الرئيس المعزول عمر البشير جهودها، لاستنفار من يُسَمَّون بـ”المجاهدين”.
وينفى الجيش منذ فترة طويلة اتهامات خصومه في قوات الدعم السريع بأنه يعتمد على الموالين للبشير الذين فقدوا مصداقيتهم.