سياسة

كاراكاس تعلن تعبئة عسكرية غير مسبوقة في مواجهة التهديد الأمريكي


أعلن نظام الرئيس نيكولاس مادورو عن حشد واسع لمسلحي “البوليفارية” المدنية في مواجهة ما وصفه بـ«التهديد الأمريكي»،

وتأتي الخطوة في ظل تصاعد في لهجة الاحتكاك بين كاراكاس وواشنطن.

وتحدثت وسائل إعلام ونشطاء على منصات التواصل الاجتماعي عن أرقام ضخمة، حيث أشار مادورو إلى تفعيل 4.5 مليون عنصر في أغسطس/ آب، بينما ظهرت تقديرات لاحقة تتحدث عن نحو ثلاثة ملايين من «المتطوعين» – ما أثار قلقًا إقليميًا حول تصعيد محتمل، بحسب مجلة “ناشيونال إنترست”.

لكن الارقام المثيرة للجدل لم تمرّ دون تشكيك. فذكرت تقارير صحفية، من بينها تحقيقات لشبكات دولية، تقديرات مضادة تشير إلى أن الحجم الحقيقي للقوة قد يكون أصغر بكثير.

وتتراوح التقديرات المتحفظة حول 343 ألف عنصر مُسجّل، وهو رقم أقل بكثير من المزاعم الرسمية لكنه لا يزال يَبقى أكبر من بعض القوى غير النظامية التاريخية.

على المستوى الرسمي، ترى القيادة الفنزويلية أن هذه التعبئة تشكل رادعًا ضد أيّ خيار عسكري أمريكي قد يبدأ بضربات محدودة – كما حدث في عمليات تستهدف زوارق ومنصات مرتبطة بتهريب المخدرات – قبل أن تتسع لتشمل حملة تغيير نظام كاملة.

فنزويلا تسلح عناصر مدنية في ظل التصعيد مع واشنطن

 

ومن هنا يأتي أيضاً تعزيز الروابط العسكرية مع دول مثل روسيا، التي زودت كاراكاس بأسلحة ومنصات قتالية، وأرسلت عناصر مقاتلة – بحسب تقارير – تابعين لمجموعة “فاغنر”.

وحول القدرة القتالية الفعلية لهذه القوة المسلحة، يظل السؤال المركزي عن مدى فاعليتها أمام قوات أمريكية محترفة ومجهزة تجهيزًا متطورًا.

ويرى محلّلون أن التفوق التقني والتدريبي للقوات الأمريكية سيظل عاملًا حاسمًا، لكنهم يقرّون أيضًا بأن الحجم الكبير للمسلحين، إلى جانب جغرافيا فنزويلا – من غابات استوائية وتضاريس جبلية – قد يحول أي عملية برية سريعة إلى حملة معقّدة وممتدة.

تاريخيًا، أظهرت تجارب التدخل الخارجي أن تكنولوجيا وعتاد الجيش لا يضمنان بالضرورة نتائج سياسية مستقرة. ويحذر خبراء من سيناريو «اكسرها.. وامتلكها»: أيّ عمل عسكري يطيح بالنظام قد يغطّي على مسؤولية إعادة الإعمار والاستقرار السياسي، فتتحول البلاد إلى رقعة فوضى أو ساحة نفوذ لأطراف إقليمية ودولية.

تثير هذه المخاطر نقطة استراتيجية مركزية: فحتى لو نجحت الولايات المتحدة في تحقيق نصرٍ تقليدي سريع، فإن غياب خطة واضحة لما بعد الصراع قد يُولّد فراغًا قد يستغله خصوم واشنطن.

وقد تتحول فنزويلا، بحسب مراقبين، إما إلى حالة فوضى شبيهة بليبيا بعد 2011 أو إلى تعاظم نفوذ الصين أو روسيا إذا تدخلتا لإعادة البناء والدعم.

وعلى مستوى الخطاب السياسي، يروج البيت الأبيض – في صيغته الحالية – لفكرة استعادة “النفوذ” الأمريكي في نصف الكرة الغربي، مستندًا إلى ما يسميه إحياءً لمبدأ مونرو.

لكن الفاعلية الاستراتيجية لمثل هذا التوجّه تبقى مشروطة بقدرة واشنطن على تحقيق نتائج مستقرة ودائمة، لا نتائج عسكرية عابرة تدفع البلاد إلى مستنقع طويل الأمد.

 

عسكريًا، تواجه الولايات المتحدة تحديًا لوجستيًا وتكتيكيًا، فتجهيزات القوات وخبراتها الأخيرة تميل إلى ميادين قتال في الصحارى أو الغابات الأوروبية، وليس بالضرورة في أدغال واستوائيات أمريكا الجنوبية.

لكن بعض المراقبين يرون جانبًا آخر، إذ أن مواجهة في غابات فنزويلا قد تمنح الجيش خبرة واقعية مفيدة لمواجهات مستقبلية في بيئات مماثلة.

في الداخل الفنزويلي، تبدو الرغبة الشعبية في القتال غير موحّدة؛ فالتقارير الميدانية تفيد بأن كثيرين لا يستجيبون بحماس لدعوات التعبئة، ما يقلّل من احتمال فعالية مقاومة شعبية منظمة تُحدث فارقًا استراتيجيًا أمام قوة عسكرية متقدمة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى