من يتابع التقارير الصحفية عن كثب سيجد أن وسائل الإعلام التابعة لقطر، وجماعة الإخوان المسلمين، وإيران، والمنافذ الإعلامية الإقليمية والدولية المتعاطفة مع هذه الأطراف، هي من عملت على نشر أكاذيب واتهامات زائفة ضد المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بقضية اختفاء خاشقجي، هذا ما قالته مجلة أميركان ثينكرالأمريكية، في مقالة للمحامية الأمريكية كلاريس فيلدمان.
وأضافت: من الواضح أن تقارير هذه المنافذ الإعلامية غير نزيهة، ولا تهدف إلى تبيان الحقيقة أمام المشاهدين لعدم استنادها إلى أدلة، بل هدفت إلى بث روايات موجهة تستهدف سمعة الرياض، وتسعى إلى تشويه صورة المملكة وتخريب علاقاتها مع الدول الأخرى، لا سيما الولايات المتحدة.
وقالت فيلدمان إن من أطلقوا على أنفسهم شهودًا في واقعة اختفاء خاشقجي ليسوا إلا كاذبين مرتبطين فعليًا بالإخوان المسلمين، من بينهم الصحفي التركي توران كشلاكجي (المعروف بعلاقاته مع الإخوان في قطر)، وهاتيس جنجيز (الخطيبة المزعومة للصحفي السعودي، التي نفت أسرة خاشقجي أن تكون قد سمعت بها أو علمت بوجودها من الأصل)، وكذلك مراسل الجزيرة جمال الشيال (شقيق مدير قناة العربي الجديد الممولة من الدوحة، الواقعة تحت إشراف الإخوان، وإدارة مستشار أمير قطر عزمي بشارة).
وتحدثت فيلدمان كذلك عما وصفته تناوب الأدوار بين وسائل الإعلام القطرية والتركية في نشر أخبار عارية عن الصحة، تضمنت الحديث عن قيام 15 سعوديًا بقتل خاشقجي، استنادًا إلى تسريبات الشرطة التركية التي لم تحدث من الأساس. وتساءلت المحامية: لو كان حديث الإعلام القطري والتركي -عن وجود 7 كاميرات مراقبة وثقت اغتيال خاشقجي- صحيحًا، فلماذا لم تفرج الشرطة التركية عنها حتى هذه اللحظة؟!
وعلى المنوال ذاته، قالت مجلة“ذي فيدراليست الأمريكية إن الحملة الإعلامية الموجهة ضد السعودية تشير إلى أن الرئيس إردوغان يدير ملف خاشقجي شخصيًا ومباشرة. وقال الصحفي الأمريكي لي سميث، مؤلف العديد من الكتب السياسية: علينا ألا نشتري رواية الصحافة الموجهة قبل الإجابة على أسئلة وجيهة.
السؤال الأول، حسب سميث: هل هناك دليل على أن خاشقجي تعرض للقتل؟ ادعى الإعلام التركي أن مصادر تركية صرحت لصحف أمريكية حول وجود أدلة موثقة ومصورة لمقتل خاشقجي على يد سعوديين، لكن الغريب في الأمر هو عدم خروج أي مراسل أو صحفي أو حتى مواطن تركي ليقول إنه رأى شخصيًا تلك الأدلة المزعومة. ولو كان هذا صحيحًا، لجرى تسريب الأدلة المصورة للصحافة التركية على أقل تقدير؟
أما السؤال الثاني الذي يطرحه سميث: لماذا طلبت تركيا من الرياض الانضمام إلى لجنة تحقيق مشتركة؟ هذا يعني أن السلطات التركية لا تمتلك أي دليل على تورط السعوديين باختفاء خاشقجي. ولو كانت تركيا تمتلك حقًا أشرطة فيديو وصوت على تورط السفارة السعودية، كما زعم الإعلام التركي – القطري، لما كانت هنالك حاجة للجنة تحقيق أصلًا، ولجرى اعتبار القضية محلولة من الأساس”.
أما السؤال الثالث فهو: هل لعبت القضايا الداخلية التركية دورًا في قضية خاشقجي؟ بما أن المسؤولين الأتراك الذين يسربون للصحافة مجهولون، فمن المحتمل أنها لا تمثل الرئيس إردوغان، بل ربما معادية له، وهذا يعني أنها تحاول خلق بلبلة بين البلدين من أجل إضعاف إردوغان على حساب سمعة المملكة العربية السعودية، وهذا ما يعني كذلك أن إردوغان شخصيًا يتولى إدارة ملف خاشقجي كي لا تنفلت من يده الأمور.
السؤال الرابع: ما علاقة اختفاء خاشقجي بالحرب الباردة التي تشنها قطر؟ يمكن للمرء أن يلاحظ بسهولة كيف شنت المنافذ الإعلامية القطرية حملة إعلامية مكثفة وشائعات فاضحة ضد السعودية من وراء الكواليس، مثل تقطيع جسد خاشقجي بعد تعذيبه وقتله. ولكن من الملاحظ كذلك أن إردوغان وجد فرصة في قضية خاشقجي لتعزيز المصالح التركية ضد منافسي قطر
وقد سخر سميث من رسائل تركيا المتضاربة بالقول: بدأ الأمر بتسريبات تركية مجهولة المصدر، زعمت أن خاشقجي لم يغادر المنشأة الدبلوماسية على قيد الحياة، ثم انتشرت تسريبات أخرى أكثر غرابة، تدّعي أن خاشقجي تعرض للتعذيب والقتل، وأن عملية القتل موثقة بالصوت والصورة، إلا أن الرئيس التركي والشرطة التركية لم يتطرقا إلى أيّ من ذلك، ما يؤكد انتشار رواية ملفقة للإضرار بصورة الرياض، لكن الغريب في الأمر، حسب سميث، أن الصحافة الأمريكية تبنت بالفعل هاتين الروايتين مجهولتي المصدر، اللتين جرى ترويجهما من الدوحة وأنقرة.
من جانبها، قالت مجلة“المونيتور الأمريكية إن الإعلام الإيراني ساهم بشكل رئيس في تلفيق روايات زائفة ضد الرياض من أجل إحداث شرخ في العلاقات بين تركيا والسعودية. وبحسب أسرة تحرير الصحيفة، فإن دائرة الرقابة الإعلامية الإيرانية سمحت لوسائل الإعلام في طهران بتخصيص تغطية مكثفة موجهة في قضية اختفاء خاشقجي، بالتركيز على نشر رواية حدوث توترات بين السعودية وتركيا. ومن الملاحظ، حسب الصحيفة، أن التقارير الإيرانية كافة حملت عناوين التوترات بين الرياض وأنقرة، وأوردت روايات عارية عن الصحة، دون أن تغوص عميقًا في الأبعاد المحتملة للصراع.
وقد وافقت مجلتا تايم وموسايك الأمريكيتين على أن إيران رافقت قطر وتركيا في الافتراء على السعودية، وقالتا إن “المنافذ الإعلامية الإيرانية سعدت بنشر خبر إلقاء اللوم على السعودية إزاء اختفاء خاشقجي، دون الاستناد إلى أية أدلة حتى هذه اللحظة.
بينما أفردت مجلة هيرالد ريبورت تقريرًا تحت عنوان: الدعاية الإعلامية تستهدف السعودية في قضية اختفاء خاشقجي، وقالت إن جهات إعلامية بادرت إلى التشهير بالمملكة من خلال ادعاءات لا أساس لها من الصحة. الإعلام التركي بادر بإلقاء اللوم على السعودية دون أية أدلة حقيقية. وقد وثقت المجلة قيام أدوات إعلامية تحرّض على السعودية دون الاستناد إلى أدلة دامغة، من أبرزها قناة الجزيرة القطرية.
كما قالت منظمة كاونتر بروباغاندا الدولية في تقريرها بعنوان بدون أدلة: الإعلام يخفق في قضية اختفاء خاشقجي إن وسائل الإعلام الدولية استندت في قضية خاشقجي إلى روايات غير صحيحة روجتها الدوحة وأنقرة دون وجه حق. وقالت مؤلفة التقرير، المحامية الأمريكية في حقوق الإنسان، إيرنا تسوكرمان، إن وسائل الإعلام الدولية، لا سيما القطرية منها، أبدت معايير مزدوجة في التعامل مع ما جرى توثيقه من سجن وتعذيب لمئات الصحفيين الأتراك، ومع ما لم يجرِ توثيقه في قضية اختفاء خاشقجي. وأكدت تسوكرمان كذلك أن الأدوات الإعلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين استغلت قضية خاشقجي للقذف ضد السعودية وتشويه سمعتها.
وبالمثل، رأت مجلة“ذي ميديا لاين الأمريكية أن قناة الجزيرة القطرية لعبت الدور الرئيس في تلفيق تورط السعودية باختفاء خاشقجي، وقالت: إن الدافع وراء القناة القطرية في قضية خاشقجي لا يتمحور حول مهنة الصحافة الحرة أو الديمقراطية بقدر أهمية تشويه سمعة الرياض، وهو ما يتماشى مع أهداف النظام الحاكم في قطر. وهذا بالطبع ما دفع مجموعة قطر الإعلامية، حسب رويترز، إلى إصدار بيان تدّعي فيه القلق البالغ على حياة الصحفي السعودي.
علاوة على ذلك، عبّر الصحفي الأمريكي باتريك بول عن مخاوفه في مجلة بي جي ميديا الأمريكية إزاء اعتماد الصحف الأمريكية على وسائل الإعلام التركية في نقل أخبار خاشقجي دون الاستناد إلى أية أدلة. وقال: في ظل غياب الحقيقة، تنقل وسائل الإعلام الأمريكية تسريبات لا صحة لها من مصادر تركية غير معروفة، بما يتناغم مع أجندة إردوغان وبما يضر بسمعة الرياض.
وأضاف بول: في الـ24 ساعة الأخيرة، أصبح لدينا لمحة عن الشخص الذي يغذي تقارير وسائل الإعلام الغربية بروايات زائفة حول قضية خاشقجي، هذا الشخص يدعى خالد صفوري، لديه سوابق في مؤامرة مشتركة مع تنظيم القاعدة لاغتيال ولي العهد السعودي. وقد نشط صفوري في الأيام القليلة الماضية في كتابة مقالات باللغة الإنجليزية تدعي روايات زائفة، من بينها مقالة على صحيفة “ديلي بيست الأمريكية بعنوان: خاشقجي أراد أن يطلق مجموعة موالية للديمقراطية، فعمل السعوديون على إخفاءه.
وسخرت العديد من الصحف الدولية مما أسمته محاولة تركيا تسيّد العالم الإسلامي، وسعي إردوغان لاحتلال مكانة السلطان، من خلال تقويض السعودية باستغلال قضية خاشقجي، ومن أبرز هذه المجلات أورينتال ريفيو الأمريكية، التي عنونت: العثمانية الجديدة تعصف بسياسات الشرق الأوسط، وكذلك مجلة ذي سيفر بريف، التي قالت إن تركيا تحاول وضع نفسها في مركز العالم الإسلامي عبر قضية خاشقجي
وأخيرًا، انتقدت منافذ إعلامية الرئيس إردوغان إزاء سياسته في التنكيل بالصحفيين الأتراك من جهة، والسماح لوسائل إعلامه بالتشهير بالرياض إزاء الصحفي خاشقجي دون وجه حق من جهة أخرى، ومن أبرزها مجلة“ذي أتلانتيك الأمريكية، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.