مصطلح مليشيا بحد ذاته لغوياً يعبر عن ماهية جماعة تمتهن العنف وتحمل سلاحا غير شرعي، بغية تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية في بلد ما.
وتعاني منطقة الشرق الأوسط وجود مليشيات إرهابية دمرت أوطانا ومنعت شعوبا من العيش بأمان داخل حدودها.
ففي العراق، جعلت المليشيات المسلحة، من هذا البلد دولة تعاني بعد سقوط النظام السابق، إذ سرقت هذه المليشيات ونهبت ثروات العراق وسيطرت على معابره الحدودية.
وعلى الرغم من محاولة إيران -الداعم الرئيسي لهذه المليشيات- شرعنة وجودها في الحياة السياسية داخل دول عربية، واعتبار ممثلي هذه المليشيات أعضاء برلمان أو وزراء في حكومات عربية، فإن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في العراق وما أعقبها من محاولة اغتيال فاشلة لمصطفى الكاظمي، رئيس الحكومة العراقية، أكدت المؤكد بأن المليشيات تبقى مليشيات ولو لبست ثياب العملية السياسية زوراً وبهتاناً.
وفي سوريا، التي تحاول الخروج من سنوات الحرب، تبقى المليشيات المسلحة أزمة عصية على الحل، بسبب انتشارها في شرق البلاد وغربها وشمالها وجنوبها، وتنفيذها أجندات دول إقليمية، ومحاربتها كل مفاهيم السلام والاستقرار داخل هذا البلد العربي.
أما لبنان، الغارق في عتمة العزلة العربية، نتيجة هيمنة مليشيا “حزب الله” الإرهابي على قراره وسيادته، فإن جديد المواقف العربية حوله لخَّصتها كلمات وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، حين قال: “لا حاجة لنا بالتعاطي مع الحكومة اللبنانية الخاضعة لأمر مليشيا حزب الله”.. فالمشاركة اللبنانية عبر “حزب الله” في الحرب السورية، وإرسال مرتزقة الحزب إلى اليمن من أجل قصف الشعب اليمني، والإشراف على عمليات استهداف المملكة العربية السعودية بطريقة فاشلة، كلها أدلة جديدة قديمة على خطر الإرهاب المتمثل في عصابة الحزب الخارجة عن سلطة الدولة اللبنانية وقانونها.
فضلاً عن ذلك، هناك آفة المخدرات في لبنان ومَن يصنعها ويحاول ترويجها في مختلف دول العالم، وتحديدا دول الخليج العربي، ناهيك بعجز الدولة اللبنانية عن مواجهة ممارسات هذه المليشيا، العازمة على إفشال كل جهود القاضي اللبناني طارق البيطار، الذي يحقق في انفجار مرفأ بيروت، وفي محاولات الحزب هذه ما يؤكد مخاوفه من الوصول إلى ما يدينه وعناصره في هذه الأحداث.
وفي اليمن، توجد أيضا مليشيا انقلابية تحتل العاصمة، صنعاء، منذ سنوات، وتبذل العديد من الدول جهوداً مضنية من أجل جلوس مليشيا الحوثي الإرهابية إلى طاولة مفاوضات لإنقاذ الشعب اليمني، لكن “الحوثيين” يردون على كل محاولات التهدئة والسلام بصواريخ بالستية يقصفون بها مخيمات النازحين في مأرب وغيرها، ويرفضون حتى استقبال مبعوث الأمم المتحدة الجديد.
وحال ليبيا، الواقعة في شمال القارة الأفريقية، لا تختلف كثيراً عن سوريا والعراق ولبنان واليمن، فجماعة الإخوان الإرهابية بميليشياتها ومرتزقتها هناك يهدرون المزيد من وقت الشعب الليبي، ساعية لنسف الجهود الدولية برمتها، فعناصر الإخوان مصمّمة على تأجيل موعد الانتخابات النيابية والرئاسية، التي يرى فيها العالم مدخلاً لحل سياسي شامل وعادل للأزمة الليبية.
بعد كل هذا يبقى المطلب الأساسي لكل الشعوب، الواقعة تحت نير حكم المليشيات، هو الخلاص من فوضاها، والتفكير بعالم خالٍ من وجودها، والانتقال إلى مرحلة جديدة من السلام والاستقرار القائم على الاحتكام لمنطق الدولة، لا منطق المليشيا.