طلب تسليم الأسد.. اختبار جديد للعلاقات بين موسكو ودمشق
أكدت الإدارة السورية اليوم الأربعاء أن إعادة بناء العلاقات مع موسكو يجب أن يتضمن معالجة “أخطاء الماضي”، بينما أكد مصدر سوري مطلع على المناقشات التي دارت بين السلطة الجديدة ووفد روسي بدأ الثلاثاء أول زيارة إلى دمشق منذ سقوط الأسد، أن قائد الإدارة أحمد الشرع طلب من روسيا تسليم الرئيس السابق بشار الأسد.
-
لحلحلة الخلافات العالقة بين أنقرة ودمشق.. اجتماع رباعي في موسكو
-
روسيا تتمسك بوجودها العسكري في سوريا.. ودمشق تكشف موقفها
وأكد الكرملين اليوم الأربعاء على أهمية الزيارة، مشددا على ضرورة الحوار مع السلطات في دمشق التي ركزت على وجوب تحقيق العدالة الانتقالية.
ولم تذكر السلطات السورية ما إذا كانت طالبت موسكو بتسليم الأسد وردا على سؤال للصحافيين بهذا الشأن، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف اليوم الأربعاء “سأترك ذلك من دون تعليق”.
وكان الأسد على امتداد حكمه الذي استمر ربع قرن، حليفا أساسيا لموسكو في الشرق الأوسط. وبعد أربعة أعوام من اندلاع النزاع في سوريا سنة 2011، تدخلت روسيا عسكريا لصالحه وساهمت، خصوصا عبر الغارات الجوية، في قلب الدفة لصالحه ميدانيا.
-
موسكو تستضيف أول لقاء رسمي بين وزيري خارجية تركيا وسوريا
-
لتطبيع العلاقات.. موسكو تستضيف أول اجتماع لوزيري خارجية تركيا وسوريا
وعقب هجوم مباغت بدأته أواخر نوفمبر/تشرين الثاني تمكنت فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام من دخول دمشق في الثامن من الشهر الماضي، بينما فرّ الأسد إلى روسيا.
ووصل وفد روسي يتقدمه نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف إلى دمشق الثلاثاء.
ونشرت وكالة الأنباء السورية “سانا” فجر اليوم الأربعاء صورة لقائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع يصافح بوغدانوف.
-
واشنطن تعارض جهود تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق
-
بوتين يعلن خططًا للقاء الأسد ويتحدث عن مستقبل القواعد الروسية في سوريا
واعتبرت الإدارة في بيان بعد اللقاء “أن استعادة العلاقات يجب أن تعالج أخطاء الماضي وتحترم إرادة الشعب السوري وتخدم مصالحه”، مضيفة أن المباحثات هدفت إلى ضمان المساءلة وتحقيق العدالة لضحايا الحرب الوحشية التي شنها نظام الأسد.
بدوره، شدد بيسكوف على أن “هذه زيارة مهمة، والتواصل مهم”، مؤكدا ضرورة “إقامة والإبقاء على حوار دائم مع السلطات السورية، وهذا ما سنواصل القيام به”.
بدورها، أكدت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن الجانب الروسي أكد دعمه الثابت لوحدة وسلامة أراضي وسيادة الجمهورية العربية السورية ورأت أن الزيارة أتت في “لحظة حاسمة” بالنسبة إلى العلاقات بين البلدين.
وعقد الوفد الروسي مباحثات لنحو ثلاث ساعات مع مسؤولين سوريين تقدمهم الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، بحسب ما أوردت قناة “روسيا اليوم”.
ونقلت القناة عن بوغدانوف قوله إن اللقاء كان ذا طابع “بنّاء وعملي، وجرى التأكيد على الطابع الودي لعلاقات الصداقة بين بلدينا”.
وأضاف أن “الأحداث التي عاشتها سوريا في السنوات الأخيرة والتغير الذي حصل في قيادة البلاد لن تبّدل طبيعة العلاقات”، مؤكدا أن روسيا “جاهزة دوما للمساعدة وتقديم العون في استقرار الأوضاع والوصول إلى حلول مناسبة لمختلف المشاكل الاقتصادية والاجتماعية”.
-
روسيا تستضيف الأسد وعائلته تحت غطاء “الأسباب الإنسانية”
-
تقرير: دعم طهران لنظام الأسد يستنزف الأسر الإيرانية بمعدل ألفي دولار
وتابع “لقد استمع الجانب السوري بتفهم واهتمام إلى وجهة نظرنا”، معتبرا أن التغييرات في دمشق لن تؤثر “على الصداقة والتعاون وفق أسس المنافع المتبادلة بين روسيا وسوريا”.
وسبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أكد أن سقوط الأسد لا يشكّل “هزيمة” لروسيا، رغم أن الأخيرة كانت، إلى جانب إيران، أبرز داعمي الرئيس المخلوع منذ اندلاع الاحتجاجات في العام 2011، والتي تحولت الى نزاع دامٍ بعدما قمعتها السلطات بعنف.
وتسعى روسيا لضمان مستقبل قاعدتها البحرية في طرطوس والجوية في حميميم، وهما الموقعان العسكريان الوحيدان لها خارج نطاق الاتحاد السوفييتي السابق، في ظل السلطات الجديدة.
-
عشرات الصواريخ الغوطة: هدنة وممرات آمنة وعشرات الصواريخ
-
هل يضعف سقوط الأسد نفوذ إيران في الشرق الأوسط؟
ويرتدي الموقعان أهمية كبرى لموسكو للحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا.
وأشار بوغدانوف، بحسب “روسيا اليوم”، إلى أنه “حسب فهمنا، فإنه إلى الآن لم يطرأ تغيير على وضع المنشآت الروسية في طرطوس وحميميم وقد جرى الاتفاق على مواصلة الحوار المعمق بشأن مختلف جوانب التعاون بين بلدينا”.
وصباح الأربعاء، شاهد مراسل لفرانس برس في بلدة حميميم الساحلية جنوب اللاذقية، عناصر أمن من السلطات الجديدة منتشرة عند نقاط تفتيش عند مدخل القاعدة. ويرفرف العلم الروسي فوق خزان للمياه داخل القاعدة، لكن لم يكن بالامكان مشاهدة جنود، مع تواصل حركة إقلاع طائرات منها.
ويرى مراقبون أن موسكو قد تُضطر لإعادة تنظيم وجودها في المنطقة والانكفاء نحو أماكن أخرى مثل ليبيا حيث دعم مرتزقة روس المشير خليفة حفتر.
ورغم أن روسيا كانت من أبرز الداعمين للأسد، إلا أن قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع اعتمد نبرة تصالحية إلى حد ما، إذ أثنى على “المصالح الاستراتيجية العميقة” بين البلدين، مبديا رغبته في إعادة بناء العلاقة مع موسكو.
وقال الشرع في خلال مقابلة مع قناة “العربية” في وقت سابق إن “هناك مصالح استراتيجية عميقة بين روسيا وسوريا. السلاح السوري كله روسي وكثير من محطات الطاقة تدار بخبرات روسية”، مضيفا “لا نريد أن تخرج روسيا من سوريا بالشكل الذي يهواه البعض”.
وأكد بوغدانوف أن المباحثات تطرقت للعلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وضرورة مواصلة العمل على مشاريع للبنى التحتية مع السلطة الجديدة.
وتعرضت روسيا لانتقادات شديدة بسبب تدخلها العسكري في سوريا دعما للأسد، خصوصا عبر الضربات الجوية المدمّرة. من جانبها، تعتزم أوكرانيا التي تخوض حربا مع موسكو، أن تضغط للدفع نحو منع روسيا من البقاء في سوريا.
وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول، التقى وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا الشرع في دمشق دعا بعدها إلى “القضاء” على الوجود الروسي في سوريا، مؤكدا أن هذا من شأنه أن يساهم “في الاستقرار ليس فقط على صعيد الدولة السورية، بل وأيضا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بأكملها”.