صراع الدرونز في السودان: تأثيرات عميقة على المدن
وتيرة الحرب في السودان تمضي بشكل متسارع. والعمليات تتوسع برا وجوا، مع اقتراب جولة جديدة من المفاوضات في سويسرا بدعوة أمريكية.
إذ أفادت مصادر عسكرية بأن طائرتين مسيرتين هاجمتا، الليلة الماضية، مقار حكومية بمدينة “الدامر” عاصمة ولاية نهر النيل، شمالي السودان. بينما استهدفت ثالثة مقرا للجيش السوداني بمدينة “ربك” بعاصمة ولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد.
ووفق المصادر العسكرية، فإن الطائرات المسيرة أطلقتها قوات “الدعم السريع” في استهداف مباشر لمقرات حكومة ولاية نهر النيل بمدينة الدامر شمالي السودان.
فيما أبلغ شهود عيان بسماع دوي انفجارات عنيفة في موقع الحكومة بمدينة “الدامر” التي تبعد حوالي 310 كيلومترات شمالي العاصمة السودانية الخرطوم.
وحسب المصادر العسكرية، فإن المضادات الأرضية تعاملت مع المسيرات الانتحارية وأسقطتها. ما أدى إلى اشتعال النيران في مبنى وزارة الحكم المحلي وأمانة الحكومة.
المصادر قالت أيضا، إن قوة من الدفاع المدني .وصلت على الفور لإطفاء الحرائق التي نشبت في الطابق العلوي لوزارة الحكم المحلي، إثر إسقاط الطائرات المسيرة.
نهج “العدوان والإرهاب”
بدورها، ذكرت لجنة أمن حكومة نهر النيل في بيان أن الدفاعات المتقدمة “تمكنت من إسقاط مسيرتين انتحاريتين هاجمتا مدينة الدامر عاصمة الولاية”.
وبحسب البيان، فإن طائرة مسيرة سقطت في أعلى مبنى الحكم المحلي. والأخرى على حائط المقر دون وقوع أية إصابات أو خسائر بشرية. بينما نتج عن الهجوم اشتعال نيران محدودة تعاملت معها شرطة الدفاع المدني على الفور.
وتضم المنطقة التي استهدفها الطيران المسير بالدامر. أمانة الحكومة وأغلبية الوزارات ومقر جهاز المخابرات العامة ومقر الشرطة ومستشفى الدامر التعليمي.
النيل الأبيض
إلى ذلك، قالت مصادر عسكرية، إن طائرة مسيرة أخرى استهدفت معسكرا للعمل الخاص في مدينة ربك عاصمة ولاية النيل الأبيض، حوالي 400 كيلومتر جنوبي الخرطوم.
وأوضحت المصادر أن المضادات الأرضية التابعة للجيش السوداني تعاملت مع المسيرة بنجاح وحالت دون وصولها للهدف.
ولم تعلق قوات الدعم السريع على الفور على هذه الاتهامات.
ومنذ أشهر، تتردد الاتهامات لقوات “الدعم السريع“. باستهداف المدن التي يسيطر عليها الجيش السوداني بالطائرات المسيرة.
وسبق أن تحدثت قوات الجيش عن استهداف الطائرات المسيرة التابعة للدعم السريع، مدن القضارف والفاو والشواك شرقي السودان، وشندي وعطبرة بولاية نهر النيل. ومروي بالولاية الشمالية، وكوستي وكنانة بولاية النيل الأبيض، والمناقل بولاية الجزيرة.
تصعيد في الفاشر
ومع تصاعد وتيرة العنف، أعلنت حكومة ولاية شمال دارفور، ليل الإثنين. مقتل نحو 60 شخصا على الأقل وإصابة العشرات إثر القصف المدفعي العنيف الذي تنفذه قوات “الدعم السريع” في مدينة الفاشر لليوم الثالث على التوالي.
وعلى مدى 3 أيام متواصلة، تتعرض مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور لهجوم عنيف بواسطة مدفعية قوات “الدعم السريع” والطائرات المسيرة. ما أدى إلى مقتل أعداد كبيرة من المواطنين ودمار هائل طال البنى التحتية.
وقال حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي. إن “الدعم السريع قرر دخول المفاوضات بدماء الأبرياء بعد قصفها تجمُعات المدنيين في الجوامع والمستشفيات وخاصة المستشفى السعودي”.
وأضاف في تغريدة عبر منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي. “اليوم من أكثر الأيام دمويةً في الفاشر.”
ولم تعلق قوات الدعم السريع أيضا على هذه الاتهامات.
ويأتي استمرار استهداف الفاشر بالأسلحة الثقيلة ضمن خطط قوات الدعم السريع للسيطرة على المدينة المكتظة بضحايا الحروب. كآخر المواقع في إقليم دارفور غير الخاضعة لسيطرتها.
وذكر بيان أصدرته حكومة ولاية شمال دارفور. إنه “خلال الثلاث أيام الماضية قتل أكثر من 60 شخصا وأصيب ما يزيد عن 100 مواطن في الفاشر جراء القصف المدفعي لقوات الدعم السريع.”
واتهم البيان قوات “الدعم السريع” بـ”تعمد استهداف الأسواق والأحياء السكنية والمرافق الخدمية”.
إلى ذلك أفادت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر (نشطاء) باستمرار قصف الدعم السريع لليوم الثالث لمواقع داخل مدينة الفاشر، مستهدفا منازل المواطنين والمستشفيات ومراكز الإيواء”.
وأوضحت أن “المدينة المكتظة قصفت خلال ساعات قليلة من اليوم بنحو 70 صاروخا. وأن ما وثقته التنسيقية للضحايا خلال الثلاث أيام الماضية بلغ نحو 43 طفلا بجانب 13 سيدة و9 رجال”.
وعادة ما تنفي قوات الدعم السريع تلك الاتهامات.
أزمة إنسانية كارثية
وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023. أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور. لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
وتستعد أطراف الحرب في السودان لجولة من التفاوض في سويسرا منتصف الشهر المقبل. بدعوة أمريكية، ودعم دولي واسع، على أمل شق طريق أمل لتخفيف الأزمة الإنسانية.