“صادات”.. الذراع الطولى لأردوغان بأفريقيا
في سنة 2011 لم يخفِ الوزير التركي آنذاك رجب طيب أردوغان خططه لجعل دول العالم العربي تحت سيطرته، خاصة النصف الشمالي من أفريقيا، ولتحقيق ذلك كان مستعداً لاتخاذ بعض الإجراءات المعينة، لكنها لم تكن مقبولة من طرف المجتمع الدولي. ومن أجل القيام بتلك المهمة تم إنشاء “صادات” في عام 2012، كغطاء لشركة عسكرية خاصة، وصلت ذراعها إلى سوريا ومالي والصومال وليبيا وغيرها، ليصل حالياً إجمالي الدول الإسلامية التي تقدم فيها خدمات أمنية إلى 22 بلداً.
وأفادت المعارضة التركية بأن “صادات” لها صلات بإرهابيي جبهة النصرة والقاعدة وداعش. وتمتلك الشركة معسكراً تدريبياً في مدينة الإسكندرون على الساحل التركي بالقرب من الحدود السورية، وكانت في السابق تُشرف على تدريب المقاتلين في غازي عنتاب وأضنة حتى لا تَتهم وسائل الإعلام مباشرة تركيا بأنها تُدرّب الإرهابيين.
طيلة سنوات، كانت “صادات” بمثابة القوة غير المرئية للحرس الثوري التابع لحزب العدالة والتنمية في تركيا أو الإخوان المسلمين أو أردوغان، لقد كانوا يستقطبون أتباعهم من خلال ما أطلقوا عليه “الفروع الشبانية” في 1500 مسجد في تركيا، وهو نظام عملوا على تصديره وتوسّعه لاحقاً ليشمل أفريقيا وآسيا الوسطى وأوروبا، وبهذه الطريقة قامت جماعة الإخوان المسلمين بإمداد “صادات” بشبان مؤهلين للانخراط في الجماعات الإرهابية، في الغالب كان يتم توجيههم إلى سوريا والآن إلى ليبيا، هذه المعلومات أكدتها المخابرات الروسية التي قالت إن 25% من المقاتلين الذين يصلون إلى سوريا مرتبطون بشركة “صادات” التركية.
ركّز أردوغان أولاً على شريكته قطر، أين شيّد أول قاعدة عسكرية تركية في الخارج سنة 2015؟ وبهذه الخطوة يكون قد وضع نفسه في موقعٍ متقدمٍ في طريقه إلى أفريقيا، وبعد الحرب السورية ازداد جنون العظمة لدى أردوغان، ليُقرر افتتاح أكبر معسكر تدريبٍ لتركيا في الخارج في الصومال سنة 2017، وقد استقبِلت تلك الخطوة بالرفض من طرف جماعة الشباب الإرهابية، التي تقول إن تركيا تساعد الحكومة الصومالية باستخدام مديرية الشؤون الدينية التركية “ديانيت”، عن طريق تمويل المساجد لتقديم أنفسهم كسلطةٍ دينيةٍ شرعية وحقيقية، وبالتوازي مع ذلك قدّمت شركة “صادات” الخدمات اللوجستية والعسكرية والتدريب ونقل الأسلحة من بين أنشطة أخرى في البلاد.
أما في ليبيا فيستخدم أردوغان “صادات” أيضاً، وعلى الرغم من أن الشركة نفت وجودها في البلاد في البداية، إلّا أن المخابرات الفرنسية أكدت أنها موجودة هناك منذ عام 2012، وأفاد أحد قادة الجيش الوطني الليبي في يناير المنصرم بأن “صادات” تعمل لصالح حكومة الوفاق الوطني بزعامة السراج وبالتنسيق مع الإخوان المسلمين.
كانت الشركة تُدرّب مرتزقة سوريين لنقلهم إلى ليبيا، كما كانت مسؤولة عن النشاط الاستخباراتي لتركيا بمساعدة جماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى التوسط في عمليات بيع الأسلحة والمعدات العسكرية التي تُنتجها الشركات التركية لحكومة الوفاق الوطني. لقد تم انتهاك حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة على ليبيا منذ عام 2011 بشكلٍ مستمر من قبل تركيا. وخلال هذه الفترة كانت شركة “صادات” متورطة في الموضوع.
المعلومة الأخرى التي تم الكشف عنها هي تكليف الإخوان المسلمين بتسيير مكاتب إصدار جوازات السفر أو السجلات المدنية. ونتج عن ذلك أنه حتى عام 2017 تم إصدار جوازات سفر غير قانونية لصالح شركة “صادات” من سرت أو بنغازي للمقاتلين الأجانب، هذا المعطى سيساعد في فهم كيف أمكن تبرير تدفق المقاتلين إلى سوريا من الأراضي التركية بجوازات السفر ومن دول أخرى كانت في ذلك الوقت تحت سيطرة الإخوان المسلمين.
وإذا كان من المفترض أن ينجح الضغط الدولي المُمارس على تركيا وشركة “صادات” بسبب إيصال المرتزقة من سوريا إلى ليبيا، في خفض مستوى سرعة نقلهم، إلّا أن الحال لم يكن كذلك، فقد كشفت المخابرات الليبية في 10 فبراير الجاري أن مجموعة من المرتزقة غيَّرت طريق وصولها إلى نيامي، عاصمة النيجر، ومن هناك إلى ليبيا.
في مطلع سنة 2020، لم يتوقّف أردوغان عن محاولة الحصول على الدعم في شمال أفريقيا، بأي ثمن، لقد أظهرت تلك الدول رفضها؛ لأنها تريد الحلّ الليبي بأسرع ما يمكن، ولأن تلك البلدان تعرف جيداً جشع أردوغان، ولأنهم متيقنون من أن انتصار حكومة الوفاق الوطني في الصراع الليبي يعني بالضرورة الإبقاء على قاعدة تركية دائمة بالقرب من بلدانهم.
نقلا عن العين الإخبارية
