متابعات إخبارية

شويغو يصل بغداد… تعاون عسكري واستخباراتي على رأس الأولويات


 بدأ سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو زيارة عمل رسمية إلى العاصمة العراقية بغداد، التقى خلالها عدداً من كبار المسؤولين العراقيين في الحكومة والمؤسسة العسكرية. الزيارة تأتي في توقيت بالغ الدقة، وتعكس رغبة موسكو في تعزيز شراكتها مع العراق في مختلف المجالات، وعلى رأسها التعاون العسكري والأمني في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشرًا واضحًا على اتساع نطاق الحضور الروسي في المنطقة.
شويغو، الذي كان حتى وقت قريب وزيرًا للدفاع في روسيا، أشار في تصريحات مقتضبة أدلى بها من مطار بغداد الدولي إلى أن الاتصالات بين البلدين تتكثف بوتيرة سريعة، لافتًا إلى أن المحادثات الجارية تشمل ملفات “الاقتصاد، النقل، والأعمال، إلى جانب التعاون العسكري والتقني”، ما يعكس مقاربة روسية شاملة لتعزيز موطئ قدمها في العراق.
ولا يمكن فصل التحركات الروسية في بغداد عن سياق إقليمي ودولي أوسع، إذ يرى محللون أن موسكو تسعى إلى ملء فراغات النفوذ التي قد تتركها واشنطن في بعض مناطق الشرق الأوسط، خاصة في دول تواجه تحديات أمنية داخلية وخارجية، كالعراق.
وفي هذا السياق، تبدو زيارة شويغو جزءًا من استراتيجية روسية حثيثة لـ”العودة التدريجية” إلى الساحة العراقية، عبر أدوات متعددة تشمل التعاون الاستخباراتي، التسليحي، والتقني. كما أن إشاراته الواضحة إلى برنامج متنوع وشامل للزيارة تؤكد أن الكرملين لا ينظر إلى العراق بوصفه مجرد شريك أمني، بل كبوابة محتملة لتوسيع نطاق التعاون الروسي في المنطقة.
وقد تثير الزيارة الروسية حفيظة واشنطن وعواصم غربية أخرى، خصوصًا في ظل القلق الغربي المستمر من تمدد النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، على وقع الحرب في أوكرانيا وإعادة اصطفاف العديد من الدول.
لكن في المقابل، يبدو أن بغداد تتبنى نهجًا أكثر براغماتية في سياستها الخارجية، إذ تسعى – بحسب مصادر عراقية – إلى تنويع شراكاتها الدفاعية بعيدًا عن الارتهان الكامل لأي طرف خارجي. ويرى مسؤولون عراقيون أن تنويع مصادر التسلح والتقنيات العسكرية يمثل خيارًا ضروريًا في ظل ما تواجهه البلاد من تحديات أمنية مستمرة، لا سيما على حدودها الغربية والشمالية.
وفي هذا الإطار، تبدو روسيا لاعبًا مقبولًا من وجهة نظر العراق، نظراً لخبرتها العسكرية الواسعة، واستعدادها لتقديم أنظمة تسليح دون قيود سياسية كتلك التي تفرضها الدول الغربية أحيانًا.
ويعتقد أن مباحثات المسؤول الروسي في بغداد لن تقتصر على الملفات الثنائية، بل ستشمل على الاغلب أيضًا قضايا إقليمية حساسة، مثل الوضع الأمني في سوريا، والتوترات في الخليج، والتحديات المشتركة في مواجهة التنظيمات المتطرفة.
ويبدو ان بغداد منفتحة على قبول صيغ جديدة للتعاون الاستخباراتي والعسكري مع روسيا في ظل لتحديات الأمنية والعسكرية الحالية في المنطقة.
ويرى مراقبون أن العراق يحاول، عبر هذه الزيارة وغيرها من التحركات الأخيرة، ترسيخ سياسة توازن دقيقة بين القوى الدولية، من دون الانحياز الكامل لأي محور. فبينما يحافظ على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة والتحالف الدولي، لا يمانع في فتح قنوات تنسيق مع روسيا، بل وحتى الصين، بما يخدم مصلحته الوطنية أولاً.
وفي هذا السياق، فإن استقبال شخصية بوزن سيرغي شويغو يحمل دلالات رمزية واستراتيجية في آن، إذ يعكس قبولًا ضمنيًا بدور روسي متنامٍ في العراق، لا سيما في مرحلة تعيد فيها بغداد رسم أولوياتها الأمنية والاقتصادية.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى