زيارة وفد استخباراتي تركي إلى غرب ليبيا والتفاصيل الكاملة للتحركات في المنطقة
إن الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد استخباراتي تركي إلى غرب ليبيا أثارت عدة علامات استفهام بخصوص طبيعتها وأسبابها وتوقيتها لاسيما وأنها جاءت في الوقت الذي تقع فيه بعض الأحداث داخل طرابلس.
وجاءت الزيارة بالتزامن مع تحركات لعناصر إرهابية واستعدادات وتحريك آليات عسكرية وإعادة تمركزات لبعض الميليشيات والمرتزقة، وفق ما ذكرته مصادر أمنية ليبية.
في حين أكدت مصادر ليبية بأن وفدا مخابراتيا تركيا برئاسة هاكان فيدان قام بزيارة طرابلس في سرية قبل مطلع مايو الجاري، حيث التقى فيها عددا من الشخصيات بحكومة فايز السراج، ونقلت من جانبها فضائية العربية عن مصادرها بأن قوات خاصة تركية جرى نشرها في طرابلس بعد الزيارة وذلك لدعم حكومة السراج.
وشهدت طرابلس في نفس الوقت حوادث متتابعة لمسؤولين محسوبين على السراج إذ كان أبرزها الوفاة الغامضة للواء عبد القادر التهامي، رئيس مخابرات السراج، وأعلنت حكومة السراج وفاته بأزمة قلبية يومه السبت، فيما أكد الجيش الليبي وفاته جراء التعذيب على يد ميليشيا النواصي التابعة لفتحي باشأغا وزير الداخلية بحكومة الوفاق.
إن هذه الحادثة وقعت بعد مرور ساعات من اختطاف القاضي الفيتوري حميدة من أمام منزله بمدينة زليتن من قبل عناصر مسلحة مجهولة وأخذه إلى مكان مجهول.
وفي نفس السياق، كشف أيضا مصدر أمني ليبي عن لقاء سري بين الإرهابي القاعدي معمر الأمين الخمسي، المكنى بأبو مصعب الليبي وخالد الشريف المكني بأبو حازم الليبي أمير الجماعة المقاتلة السابق (الموالية لتنظيم القاعدة) بعد عودة هذا الأخير الأسبوع الماضي من إسطنبول التي كان يقيم فيها.
هذا وتوالت أنباء بشأن تكليف الشريف برئاسة جهاز الأستخبارات التابع لحكومة الوفاق، خلفاً لعبد القادر التهامي الذي توفي في ظروف مبهمة، وتابع المصدر نفسه، مفضلا عدم نشر اسمه، في تصريح خاص للعين الاخبارية بأن الأجهزة الأمنية التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي قامت برصد استعدادات قام بها أبو مصعب الليبي بعد لقائه بخالد الشريف.
وتم رصد اتصالات بين أبو مصعب الليبي وعناصر إرهابية شديدة الخطورة للترتيب لعمل عسكري ضد مدينة ترهونة خط الامداد الاول للجيش الليبي تزامنا مع قاعدة الوطية العسكرية التي تعد غرفة عملياته المتقدمة.
كما أوضح نفس المصدر بأن مشاركة عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي يمكن أن تكون جاءت في إطار تحالف إرهابي جديد بقيادة تركيا، إلى جانب أن هناك رغبة لدى تنظيم القاعدة الارهابي للثأر لمقتل الإرهابي عبد الرؤوف الصاري قائد مليشيات زليتن، والذي قتل على يد الجيش الليبي في محور القربولي على الطريق الساحلي قبل أسبوعين.
وتابع المصدر بأن المحور الرئيسي للهجوم على مدينه ترهونة (88كم جنوب طرابلس) سيتم عن طريق عدة محاور أهمها منطقة مسلاتة القريبة منها، والتي تقع تحت سيطرة ميليشيات الوفاق شرق طرابلس.
إلى ذلك كشف المصدر ذاته عن تحركات عسكرية متزامنة للإرهابي صلاح بادي المطلوب دوليا والذي قام قبل يومين بإدخال آليات ثقيلة إلى منطقة العقريبة، التي تقع 45 كلم شمال شرق قاعدة الوطية الجوية، منها 3 منصات متحركة لصواريخ جراد.
وقال من جهته المحلل السياسي زياد الشيباني، كتعقيب على زيارة الوفد المخابراتي التركي السرية لغرب ليبيا، بأن الزيارة قد جاءت بعد فشل الميليشيات والمرتزقة بقياداتها العسكرية التركية في اقتحام قاعدة الوطية العسكرية التابعة للجيش الليبي أكثر من مرة، حيث رجح في تصريح خاص للعين الاخبارية بأن يكون الهدف من الزيارة هو الترتيب لعمل عسكري واسع حتى يتم تعويض الفشل ورفع معنويات المرتزقة الذين قتلوا أو اعتقلوا على يد قوات الجيش الليبي.
وتابع المتحدث ذاته بأن تحقيق أي انتصار وهمي سيكون ذو أهمية كبرى لدى الرئيس التركي رجب أردوغان وهاكان فيدان لاسيما وأن هذا الأخير مكلف من أردوغان بإدارة ملف المرتزقة والإرهابيين والعمليات العسكرية في ليبيا.
كما يعتقد الشيباني بأن الزيارة لا تنفصل بأي حال من الأحوال عما عاشته طرابلس من أحداث ساخنة، ورجح بأن يكون التهامي وهو رجل السراج قد قتل قربانا لتحالف إرهابي جديد كان من ضمن شواهده أيضا الظهور المتزامن مع ذلك كله للإرهابي المطلوب دوليا صلاح بادي في محاور طرابلس والوطية وهو رجل استخبارات فتحي باشأغا.
وبالرغم أن حكومة الوفاق المسيطرة على طرابلس متبوعة لتركيا وقطر وتنظيم الاخوان الارهابي، إلا أنها تعيش صراعا داخليا بين كتلتين الأولى بزعامة فايز السراج والثانية بزعامة فتحي باشأغا واللتان تتقاسمان المناصب الاقتصادية والمالية والأمنية، غير أنها تتنافسان على توسيع نفوذهما وبسط سيطرتهما.
بينما تحاول ميليشيات الوفاق مدعومة بالمرتزقة والعسكريين الأتراك اقتحام قاعدة الوطية العسكرية لما تشكله للجيش الليبي كقاعدة عسكرية متقدمة، حيث تقوم المليشيات بشن غارات جوية يومية على قاعدة الوطية في الوقت الذي تحشد فيه قوات مرتزقة على رأسهم عسكريين أتراك بمنطقة العسة القريبة منها وذلك في محاولة لاقتحامها تحت غطاء القصف الجوي من الطيران التركي المسير، بيد أن الجيش الوطني الليبي يحبط في كل مرة محاولتها ويكبدها خسائر فادحة.
ومن جهة أخرى، فإن الميليشيات والتنظيمات الارهابية المدعومة من تركيا تحاولان كسر إرادة مدينة ترهونة والتي تمثل للجيش الوطني الليبي خط الإمداد الرئيسي، فضلا عن كونها الحاضن القبلي الأقوى له في غرب ليبيا.
هذا وتقوم تركيا بمد حكومة السراج بالمرتزقة والسلاح والآليات والعناصر الإرهابية والعسكريين الأتراك حتى تضمن استمرارها في السطو على مقدرات الليبيين في طرابلس و ذلك في سعي من تركيا لتمكين تنظيم الإخوان الإرهابي الذي تستخدمه في ليبيا حاليا لتنفيذ مخططاتها التوسعية في المنطقة.