تتسارع عجلة وضع برنامج جديد للحزب الديمقراطي المسيحي الأكثر شعبية بألمانيا، يُنتظر أن تكون مكافحة الإخوان أحد أركانه منذ نهاية أغسطس.
حيث يدفع جناح قوي في الحزب الديمقراطي المسيحي (حزب المستشارة السابقة أنغيلا ميركل)، لوضع مكافحة الإسلام السياسي والإخوان، في البرنامج الجديد الذي يعوّل عليه الحزب في الوصول للسلطة مجددا.
ووضع مكافحة هذه التيارات في البرنامج الأساسي للحزب الذي يتصدّر استطلاعات الرأي منذ فترة طويلة بنحو 30% من نوايا التصويت، يُعد قمة تحول في نهج الحزب المنتمي إلى يمين الوسط، بدأ في أبريل 2021 بتبني كتلته البرلمانية ورقة موقف لمكافحة الإسلام السياسي.
وبين ورقة الموقف التي كانت خطوة أولى مفاجئة في حينه، وجهود وضع مكافحة الإسلام السياسي في برنامجه الأساسي، العديد من مشروعات القوانين وطلبات الإحاطة قدّمها الحزب للبرلمان لاتخاذ مواقف ضد هذه التيارات.
وقد كان ملف مكافحة الإسلام السياسي حاضرا في المناقشات التي أعقبت إعلان الأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، كارستن لينيمان، حاجة الحزب إلى برنامج أساسي جديد في 20 أغسطس الماضي.
ووصلت ذروة الدفع باتجاه وضع مكافحة الإسلام السياسي في برنامج الحزب، بعقد اجتماع في مقره الرئيسي برلين “كونراد أدناور هاوس”، لمناقشة هذا الملف، بحضور قيادات الديمقراطيين المسيحيين.
مكافحة التطرف
وذكرت ورقة صدرت عقب الاجتماع الذي جرى قبل أيام، “من الواضح أن التطرف العنيف، أياً كان اتجاهه، يمثل تهديداً لنظامنا الأساسي الحر والديمقراطي”.
وأضافت أن “الإسلام السياسي يشكل على وجه الخصوص خطراً غير معترف به على نطاق واسع، وغالبًا ما يتم الاستهانة بهذه المشكلة في السياسة والعلوم والمجتمع”.
وتابعت: “لهذا السبب، دعت لجنة الأمن التابعة للحزب الديمقراطي المسيحي في ألمانيا الجميع إلى كونراد أديناور هاوس. يتعلق الأمر بحلول يجب أن تجد مكانًا لها في البرنامج الأساسي الجديد”.
الورقة ذكرت أيضا أنه “يجب حماية النظام الأساسي الديمقراطي الحر من أعدائه. إن هذا النظام يمثل حريتنا والديمقراطية، ويعزز تمكننا من الحياة في مجتمع مفتوح، لهذا السبب تجب مكافحة أشكال التطرف كافة”.
وأشارت إلى أنه “كلما كان التحرك أسرع كان ذلك أفضل، لأن التهديدات المتطرفة المتزايدة تهدد الدولة الدستورية الديمقراطية”.
ومتحدثة عن الإسلام السياسي، قالت الورقة: “من المهم مراقبة هذه المخاطر واتخاذ التدابير الوقائية”، مضيفة “ما الذي يتطلبه الأمر؟ قوة شرطة قوية، ومحاكم فاعلة، وأجهزة استخبارات قوية يمكنها القيام بمهامها بفاعلية”.
واستطردت: “ومع ذلك، فإن الدولة ليست مسؤولة وحدها عن حماية الديمقراطية. بل إن جميع المواطنين مدعوون للدفاع عن حياة الأمن والحرية. ونحن في الحزب الديمقراطي المسيحي نشعر بالالتزام بشكل خاص بهذه المهمة”.
فصل بين الدين والإسلاموية
الورقة قالت “لقد تم تصميم قانوننا الأساسي ليكون صديقًا للدين، ولذلك فإننا نميز بوضوح بين الإسلام والإسلام السياسي.. إن الحوار بين الطوائف الدينية والدولة أمر في غاية الأهمية في بناء التماسك الاجتماعي”.
وتابعت “ومن ناحية أخرى، تتزايد الحركات الإسلاموية في ألمانيا.. الإسلاموية بمثابة سم لمجتمعنا الحر. لأنها ترفض الديمقراطية وفصل السلطات”، مضيفة: “في ظل الإسلام السياسي، أصبح السلام والتماسك الاجتماعي على المحك. فهو معادٍ للديمقراطية، ومعادٍ للسامية، ويمثل خطراً يجب مراقبته عن كثب”.
وفي سبيل مكافحة هذه التيارات، أكدت الورقة ضرورة تكثيف العمل البحثي في أنشطة وأفكار تنظيمات الإسلام السياسي، وقالت “إذا تم توسيع الأبحاث الأساسية حول هذا الموضوع في الجامعات، فيمكن للسلطات الأمنية الاستفادة منها أيضًا”.
وأضافت “ولهذا السبب أيضا، يدعو الحزب الديمقراطي المسيحي إلى استئناف عمل فريق خبراء “الإسلام السياسي” في وزارة الداخلية الاتحادية. والذي أوقفته الحكومة الحالية”، في إشارة إلى فريق بحثي كان مختصا بتقديم المشورة للحكومة في ملف الإسلام السياسي وأوقفت الحكومة عمله في قبل عام.
ومن المتوقع تقديم مسودة البرنامج الأساسي للحزب الديمقراطي المسيحي، والتي ينتظر أن تتضمن جزءا عن مكافحة الإسلام السياسي. في نهاية العام.
بعدها، سيتم الموافقة على البرنامج من قبل المجلس التنفيذي الفيدرالي للحزب في يناير/كانون الثاني المقبل، والتصويت عليه في المؤتمر العام في مايو/أيار المقبل.
ومنذ بداية 2022، لعب الحزب الديمقراطي المسيحي الدور الرئيسي في مسار برلماني تبنى مكافحة الإسلام السياسي، وقدم عدة مشروعات قرارات وطلبات الإحاطة، ونظم جلسات استماع لخبراء في الملف.
هذا الوضع يضرب بقسوة كل ما أسسه تنظيم الإخوان على مدار 7 عقود كاملة في الأراضي الألمانية. إذ يعود أول ظهور للجماعة بالبلاد إلى خمسينيات القرن الماضي على يد سعيد رمضان. صهر مؤسس الجماعة. حسن البنا، وزعيم إخوان سوريا في ذلك الوقت، عصام العطار. اللذين استقرا في ألمانيا، ولم يتعرضا لأي مضايقات حول نشاطهما، وفق دراسة للمركز الاتحادي للتعليم السياسي “حكومي ألماني”.