سياسة

خبير استراتيجي: تصعيد الاحتجاجات اللبنانية متواصل للتخلص من هيمنة حزب الله والنظام السياسي


أفاد الخبير الاستراتيجي والعميد المتقاعد ريشار داغر، بأن تصعيد الاحتجاجات اللبنانية متواصل نظرا لأن ما يطالبون به من تغيير أصبح يتعدى تغيير الوجوه إلى مجمل بنية النظام السياسي القائم، والتخلص من هيمنة حزب الله.

وفي حديث خاص من بيروت للعين الإخبارية، أشار داغر إلى أن المنظومة الحاكمة في لبنان أصبحت الخطر الأكبر على الشعب، وكارثة الانفجار المشبوه في مرفأ بيروت ستكون بمثابة نقطة تحول جذرية في البلاد، وشدد أيضا الخبير الاستراتيجي على أن الوضع قد أصبح على درجة عالية من الخطورة والتعقيد إلى الحد الذي لم يعد من الممكن إنقاذه إلا من خلال تدخل دولي ما.

هذا وقام يوم أمس السبت متظاهرون غاضبون وسط العاصمة اللبنانية بيروت، باقتحام مقر وزارة الطاقة، لتكون بذلك الوزارة الرابعة التي يتمكن المتظاهرون من اقتحامها بعد أن جرى اقتحام وزارات الخارجية والاقتصاد والبيئة، وأفاد شهود عيان للعين الإخبارية بأن المتظاهرين يطالبون باستقالة حكومة حسان دياب والرئيس ميشال عون، وأيضا حل مجلس النواب.

وكانت مظاهرات غاضبة قد خرجت عصر أمس السبت في العاصمة اللبنانية، معبرين بذلك عن الغضب من المسؤولين بعد الانفجار الهائل الذي حدث في مرفأ بيروت، والذي أدى إلى مقتل 158 شخصا وجرح الآلاف.

مسار تصعيدي سيستمر

وتابع الخبير الاستراتيجي قوله بأن الكارثة الوطنية التي تسبب بها الانفجار المشبوه في مرفأ بيروت ستكون وبلا شك نقطة تحول مفصلية في الوضع اللبناني؛ وسيكون ما بعد الرابع من أغسطس وبدون شك مختلفا عما قبله.

واعتقد داغر بأن المظاهرات التي عرفتها العاصمة اليوم هي بداية مسار جديد ومختلف في سياق الصراع مع السلطة الحاكمة في لبنان، فما حدث عقب احتلال مقرات وزارية مثل الخارجية والطاقة وغيرها من المرافق ليس سوى بداية لمسار تصعيدي سيستمر، ويتفاقم دون أي إمكانية للتكهن بالمستوى الذي يمكن أن يصل إليه.

تجاوزنا وضعية الدولة الفاشلة

إلى ذلك، فقد نبه داغر إلى أن الوضع في البلاد قد بات على درجة عالية من الخطورة، والتعقيد إلى الحد الذي لم يعد من الممكن إنقاذه إلا من خلال تدخل دولي ما، مشيرا إلى أن المقصود بالتدخل الدولي هو أن الوضع بكل ما فيه من تعقيدات وعقبات قد بات عصيا على أي إمكانية لحل داخلي، وهذا ما دلل عليه وزير خارجية لبنان السابق (ناصيف حتي) بتصريح حيث قال في بيان استقالته قبل أيام: إن لبنان يسير على طريق الدولة الفاشلة، لكنني أرى أنه تجاوز وضعية الدولة الفاشلة، مضيفا: المنظومة الحاكمة في لبنان قد أصبحت مصدر الخطر الأكبر على الشعب اللبناني، وهو ما بات يتطلب تحركا دوليا من إنقاذ لبنان، وشعبه.

وبخصوص شكل وكيفية هذا التدخل الدولي لحماية لبنان، قال: لا أستطيع أن أقدم تصورا واضحا حول كيفية حصول هذا التدخل، فقد يكون من خلال مبادرة يقوم بها أصدقاء لبنان الغربيين والعرب، أو ربما من خلال الأمم المتحدة، وتابع: لكن الفرصة اليوم متاحة في ظل واقع النكبة الذي يخيم على لبنان وفي ظل الحاجة الملحة للمساعدة الخارجية.

التخلص من هيمنة حزب الله

كما قلل الخبير الاستراتيجي اللبناني من جدوى وتأثير دعوة رئيس الوزراء اليوم بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، حيث قال: المبادرة تستهدف احتواء النقمة الشعبية، لكنها لن تغير شيئا في مسار الوضع التصعيدي.

كما أوضح: الجميع يعلم حجم التعقيدات والصعوبات التي ستعترض أي مشروع انتخابات جديدة، فضلا عن أن عملية التغيير التي يطالب بها الناس أصبحت تتعدى مسألة تغيير الوجوه لتطال مجمل بنية النظام السياسي القائم حاليا، بسبب حالة الفساد المتغلغلة في الدولة العميقة، أو للتخلص من هيمنة دولة الظل الممثلة بحزب الله على الدولة الشرعية التي تحولت إلى دولة واجهة متهالكة.

وكان رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، قد أعلن عن اعتزامه طرح مشروع قانون لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، على مجلس الوزراء يوم الاثنين المقبل، وأشار أيضا إلى استمراره في منصبه لمدة شهرين حتى تتفق القوى السياسية، وقال في كلمة وجهها، مساء السبت، إلى اللبنانيين: يجب محاسبة المسؤولين عن كارثة انفجار المرفأ، فقد وعدت اللبنانيين بالمحاسبة، ولا توجد خيمة فوق رأس أحد.

الحادث مسؤولية الطبقة السياسية

وبخصوص المسؤول عن حادث مرفأ بيروت، قال: لا أعتقد أن المسألة تحتاج إلى كثير من التفكير، فالمسؤولية الأساسية تقع على من حول البلاد إلى وضعية الدولة المشرعة الأبواب لكل المشاريع والمخططات، ومن قبل بذلك، ومن ساهم، ومن وفر الغطاء، ومن صمت، مضيفا:  كل الطبقة السياسية المسؤولة بصرف النظر عن التفاصيل التي أدت إلى هذه الفاجعة، وعن المسؤولين الصغار.

وكان لبنان قد شهد يوم الثلاثاء المنصرم انفجارا ضخما نتج عن اشتعال 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم (يعادل 1800 طن من مادة “TNT” شديدة الانفجار) في مرفأ بيروت، الأمر الذي أدى إلى مقتل 158 شخصا وإصابة ستة آلاف آخرين، وألحق الضرر بنصف العاصمة، وشرد أكثر من 300 ألف شخص.

وقد اطلق على انفجار يوم الثلاثاء الأسود، هيروشيما بيروت، وذلك لكبر حجمه وشكل سحابة الفطر التي خلفها وأيضا الدمار الذي لحق بالعاصمة، الأمر الذي جعل الكثيرين يشبهونه على أنه يضاهي تفجير قنبلة نووية، ودفع دول العالم إلى الإسراع في تقديم يد العون والمساعدة للبنان والإعراب عن تضامنها معه في هذه الفاجعة.

وعلى الرغم من فرضية أن الانفجار كان عرضيا، فإن ذلك لم يبرئ حزب الله اللبناني أو يخلِ مسؤوليته عن الحادث، وسط الحديث عن أنشطته المشبوهة في مرفأ بيروت وحوادثه السابقة المرتبطة بنفس المادة التي تسببت في الفاجعة، وأيضا لغز عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه هذه الكمية الكبيرة من نترات الأمونيوم الموجودة منذ 2013 بالرغم من عدة مطالبات بإعادة تصديرها والتخلص منها.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى