الأمر الذي أنا مطمئن منه تمام الاطمئنان، أن حركة جماعة الإخوان والحركات المنبثقة عنها، كالسروريين، والجهاديين، وكل من يجعل الدين مطيته لتحقيق مآرب سياسية، هي لم تنته بعد، لكنها (حتما) في طريقها للاندثار، السبب الأول والرئيس أنها لا يمكن أن تتماهى مع روح العصر ولا منطقه، وأنا أعتبر هذه حقيقة قطعية، يوما بعد الآخر تتأكد وتثبت صحتها.
دولتان هما الآن من تجعلان من أرضهما ملاذا للجماعة، وتفرعاتها، الأولى تركيا أردوغان، والثانية دويلة قطر، التي لا تملك من عوامل البقاء والسيادة إلا المال.
بالنسبة لتركيا أردوغان هي الآن تمر بأزمة اقتصادية خانقة، وعملتها في تدهور مستمر، كما أن أردوغان، خاصة بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة من الجولة الأولى، أصيب بنوع من أنواع الغرور والتعالي، وعمل على أن تكون تركيا دولة (ديكتاتورية)، وتحدى أوروبا، والآن أمريكا، عندما عاقب وزراء أمريكيين بعقوبات مماثلة للعقوبات التي اتخذتها الولايات المتحدة للضغط على الحكومة التركية للإفراج عن القس الأمريكي المعتقل في تركيا، والمتهم بدعمه للإرهاب.
وليس لدي أدنى شك أن هذا التحدي (الشعبوي)، لن يمر مرور الكرام، خاصة أن تركيا دولة لا يمكن أن تنأى باقتصادها عن النفوذ الأمريكي، الذي لا يمكن لدولة معاصرة أن تتحداه لأسباب موضوعية محضة، لذلك فأنا على يقين أن الموقف المناوئ لأمريكا، الذي يصفق له الشعبويون كثيرا، سيترتب عليه انعكاسات خطيرة، سيجعل أردوغان في موقف اقتصادي وسياسي لا يحسد عليه، وبإمكان الولايات المتحدة أن تتخذ كثيراً من الإجراءات التي من شأنها وضع تركيا في مآزق كثيرة ومتنوعة، ستُسقط أردوغان. فهو رجل يمر في تقديري بحالة طاووسية، من شأنها أن تستفز العالم الحر، وبالذات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الأمر الذي سيجعل تركيا في موقف مشابه لموقف إيران إلى حد بعيد، وتركيا في نهاية المطاف ليست إيران، فالشعب الذي صوت لأردوغان له متطلبات أهمها الاقتصاد واستمرار الرفاه الاجتماعي، وإذا عمل على تحدي هذه المتطلبات لإرضاء حالته الطاووسية، فإن مَنْ نصّبه في منصب الرئاسة، قادر على أن يضعه في الهامش، وهذا ما يظهر لي أن تركيا ستنتهي إليه، ربما ليس في المستقبل القريب، لكن قطعا على المدى المتوسط والبعيد.
الدولة الثانية دويلة قطر. هذه الدولة مربوط دعمها (الغبي) لحركة الإخوان بشيخها، حمد بن خليفة، الذي يدير قطر من خلف الكواليس، وحسب المعلومات المتوفرة لدي، فإن اللحظة التي سيعلن فيها هلاك حمد بن خليفة، ستصبح قطر دولة أخرى، لأن هناك كثيرا من المؤشرات التي تؤكد أن تميم بن حمد، والذي هو الآن الأمير الرسمي، سيعيد قطر إلى عمقها الخليجي والعربي، وهذا طبعا لن يتحقق إلا بإلقاء الإخوان، وطرد كوادرهم خارج الجغرافيا القطرية.
لذلك، وكما قلت في المقدمة، فإن نهاية جماعة الإخوان حتمية، ولن يكون لها في المستقبل السياسي للمنطقة أي تأثير يذكر.