توكل كرمان.. هل تكتب نهاية “فيسبوك”؟
أثارت شركة فيسبوك بقرار اختيار الناشطة اليمنية المثيرة للجدل توكل كرمان، في محكمة الفيسبوك، كثيراً من حملات الاستنكار والاستهجان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أنّ كرمان معروفة بتوجهاتها وانتمائها وولائها لجماعة الإخوان المصنّفة في كثير من الدول كتنظيم “إرهابي” يبث الكراهية والفتن في دول مختلفة.
وتفاجأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالخطوة التي قامت بها شركة فيسبوك، متسائلين عن المقاييس والأسس التي اعتمدتها الشركة في تعيين القيادية في حزب الإصلاح اليمني الإخواني، الذي كُشفت مؤخراً علاقته بتنظيمي؛ القاعدة وداعش الإرهابيين.
كرمان وتغريدات محرضة
واستعرضت بعض وسائل الإعلام ومراكز الدراسات والرصد الطريق الذي سلكته الإخوانية اليمنية توكل كرمان، المقيمة في تركيا، في طريق الفتنة والتحريض، حيث كانت على رأس العناصر التي استخدمتها أنظمة داعمة لتنظيم الإخوان المسلمين، لنشر الفتن في بعض الأقطار العربية.
وفي السياق، أورد مركز المرجع للدراسات والأبحاث حول الإسلام الحركي بعض التغريدات لكرمان تؤكد توجهاتها التحريضية؛ حيث زعمت كرمان في عام 2014 أنّ العراق أصبح دون جيش كما التقت مسؤولين في إقليم كردستان العراق لبحث دورهم السياسي الساعي إلى انفصال الإقليم عن العراق، وذلك في إطار الدعوات التحريضية لتفتيت بلاد الرافدين.
وفي سوريا دعمت كرمان القوى والميليشيات الإرهابية التي تدعو إلى تقسيم سوريا إلى 3 دويلات صغيرة “سنيّة وشيعية وكردية”، وذلك وفق المخطط الغربي.
فيما كشف مؤسس جهاز الاستخبارات العامة القطرية، اللواء محمود منصور، أنّ كرمان هي أحد الأبواق التي تستخدمها الاستخبارات القطرية لبث سموم الكراهية والفوضى في دول المنطقة العربية، فقد لعبت، وفق قوله حسبما أورد مركز المرجع للدراسات، دوراً مشبوهاً لإثارة القلاقل والاضطرابات في وطنها اليمن؛ الأمر الذي ترتب عليه تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية على الساحة اليمنية، وأسفر ذلك عن وقوع اليمن تحت براثن الميليشيات الحوثية التي بسطت سيطرتها على العاصمة صنعاء وبعض المناطق الأخرى بقوة السلاح، ومازال اليمن يئن حتى الآن من تداعيات الدعاوى التحريضية التي تطلقها كرمان بين الحين والآخر.
ويكشف حصول كرمان على منصب في مجلس الإشراف على “فيسبوك” عن الاختراق الإخواني بدعم قطري وتركي للمؤسسات الإعلامية ومراكز الدراسات ومنظمات حقوق الإنسان، هذا بالإضافة الى جانب دعم الدوحة لكرمان وهو ما كشفت عنه صحيفة “الاتحاد” الإماراتية، التي أكدت أنّ كرمان لديها صندوق بريد مسجل في بنك قطر الوطني برقم «PO.BOX 23123» وهو عنوان بريد مشترك تابع لجهاز الاستخبارات القطرية، كما أنّ لديها حساباً بنكياً به رصيد يبلغ أكثر من 35 مليون ريال قطري ببنك قطر الوطني يحمل رقم «234442220001».
ما أسباب صعود توكل كرمان؟
ولا يجد المتتبع لخطابات كرمان السياسية ما يبرر تلك الهالة التي صنعها الإعلام حولها، سوى كونها إخوانية، وقام الإخوان بدفعها إلى صدارة المشهد اليمني؛ بل على العكس من ذلك سرعان ما يُصدم المتابع لخطاباتها السياسية والتحررية واستخدامها لغة غير مؤثرة وخالية من الفصاحة.
لكن يبدو أنّ انتماءها إلى جماعة الإخوان كان كفيلاً بتضخيم دورها، وتحويلها إلى “مناضلة” دائمة الظهور على قناة “الجزيرة” القطرية، شاشة الإخوان التي توزع الألقاب على ضيوفها بالمجان؛ تبعاً للدور الذي يقومون به، فتجد على شاشتها “المناضل” الإخواني، و”الناشط” الإخواني، و”شاهد العيان” الذي ينقل ما يريد الإخوان.
سبب آخر يقف خلف شهرة كرمان، هو عمل أختها صفاء كرمان، كمراسلة لقناة “الجزيرة” في العاصمة اليمنية صنعاء؛ وهي أول مراسلة للقناة في اليمن، الأمر الذي عجَّل من صعود توكل، متجاوزةً آلاف النشطاء والناشطات ممن هم أكثر علماً وفصاحةً وكاريزما واستقلالية منها.
بعد نيل توكل كرمان جائزة نوبل للسلام، صارت واجهة للسياسات الإخوانية في المنطقة العربية. وسرعان ما غيَّرت مكان إقامتها متنقلةً ما بين الدوحة وإسطنبول، كمتحدثة وراعية لسياسة البلدين، ومروجة لسياسات الإخوان في وسائل الإعلام العالمية.
مواقف متضاربة لكرمان
خرجت كرمان من ثوبها اليمني، وصارت ناشطة دولية، فحاولت الدخول إلى مصر للاعتصام في ميدان “رابعة” أثناء ثورة 30 يونيو ضد الإخوان؛ في محاولة للتأثير في الرأي العام العالمي لصالح الإخوان، فتم رفض دخولها من مطار القاهرة. بدأت كرمان بعدها في شن حملة إعلامية ضد الجيش والمؤسسات المصرية.
إبان بداية الحرب في سوريا صعَّدت كرمان من هجومها على “حزب الله” اللبناني وحليفته إيران عندما كانت علاقتهما سيئة بالمحور القطري- التركي؛ حيث تم استخدامها إعلامياً لتحذر على الملأ من المشروع الصفوي الإيراني، إلا أنّ ذلك الزمن انتهى بالنسبة إلى كرمان، وتوقفت عن مهاجمة مشروع إيران بعدما تصالح المحوران واتفقا ضد المشروع العربي بعد المقاطعة الخليجية للدوحة في عام 2017.
كما قامت توكل كرمان في 2 نيسان (أبريل) 2015، بزيارة إلى سفارة بلادها في الرياض، والتقت الرئيسَ اليمني هادي، ووصفته بـ”الأخ الرئيس المناضل”، قبل أن تنهال عليه وعلى التحالف العربي الذي يدعم شرعيته، بحملات السب والتشويه، وبما يتناسب مع الأهواء الخارجية للسياسة الخارجية القطرية والتركية.
في تلك الزيارة تحديداً أجرت توكل كرمان حواراً مع جريدة “الرياض”، وقالت فيه صراحةً إنّ “عاصفة الحزم أنقذت اليمن”، عاصفة الحزم ومع دخولها عامها السادس لم تتغير أهدافها؛ ولكن من تغيَّر هم الحلفاء الذين انقلبوا، ورفعوا شعارات قد ترضي الأطراف التي يدينون لها بالتبعية، ومن تبدلوا هم الأدوات التي استخدمتها تلك الأطراف؛ ومنهم كرمان التي تختارها شركة فيسبوك اليوم عضواً في مجلسه الاستشاري.
مواقع التواصل تنادي بمقاطعة فيسبوك
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من التعليقات حول تعيين الإخوانية اليمنية لافتين إلى أنّ إدارة فيسبوك تجهل طبيعة الواقع السياسي والاجتماعي العربي في اختيار كرمان ضمن لجنة الحكماء، فهي التي وظفت مواقفها لخدمة أنظمة وأحزاب ترفض التنوع وتنشر الفتنة والتحريض وتدعم تنظيمات إرهابية وترعى ميليشيات مسلّحة.
وعلق الكثير من النشطاء عبر تويتر قائلين : “فيسبوك عمل لجنة أخلاقيات عليا وضع فيها توكل كرمان للإشراف علي البوستس التي تخص منطقتنا، هذا معناه إعطاء إشراف على فيسبوك للإخوان مباشرةً! هي عدوة صريحة لأنظمة سياسية من مصر للسعودية للإمارات، إما سيتم حذفها من اللجنة أو مصير فيسبوك سيكون الإغلاق”، مؤكدين أنّ القرار “كارثي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى خاصة أنّ كرمان بمواقفها المتضاربة ستستهدف دولاً بعينها وأنظمة لا تتوافق مع أجندات الإخوان المسلمين”.
وطالب عدد كبير من الناشطين بمخاطبة فيسبوك لتعليق هذا القرار؛ لأنّ كرمان لا تمثل إلا دولتين في منطقة الشرق الأوسط وتنظيم الإخوان الذي أصبح مطارداً بسبب تنظيماته الخاصة ودعم لتنظيمات إرهابية.
وطالب الناشطون بمقاطعة فيسبوك “المخترق من قبل تنظيم الإخوان المصنف في الكثير من الدول كتنظيم إرهابي”.
وكانت القيادية في حزب الإصلاح الإخواني توكل كرمان أعلنت عن انضمامها إلى مجلس الإشراف العالمي على محتوى ما ينشر على منصتي “فيسبوك” و”إنستغرام” للتواصل الاجتماعي.
وكتبت كرمان على صفحتها في “فيسبوك”: “يسعدني الانضمام إلى مجلس الإشراف العالمي لمحتوى فيسبوك وإنستغرام، الذي لم يعد احتكار الحكومات لوسائل الإعلام والمعلومات ممكناً بفضل منصات التواصل الاجتماعي”.
وأعلنت شركة فيسبوك عن الأعضاء العشرين الأوائل في مجلس الرقابة التابع لها، وهو هيئة مستقلة يمكنها إصدار أحكام على سياسات فيسبوك والمساهمة في الإشراف على المحتوى وسماع الطعون في القرارات الحالية.
وستتمكن الهيئة المستقلة، التي أطلق عليها البعض “المحكمة العليا” لفيسبوك، من إلغاء قرارات الشركة والرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ بشأن ما إذا كان يجب السماح بحجب أنواع معينة من المحتوى على فيسبوك وإنستغرام.
نقلا عن حفريات