بعد فشلها في حشد الشارع.. المعارضة التونسية تطرق أبواب الخارج
طالب الحزب الدستوري الحر، أحد الأحزاب المعارضة لمسار 25 يوليو، منظمة الأمم المتحدة إلى عدم تزكية الانتخابات التشريعية.
التي وصفها بـ”غير الشرعية” وعدم الاعتراف بالبرلمان الذي سينبثق عنها، في تصعيد جديد يكشف أن الحزب يطرق أبواب الخارج بعد أن فشل في تأليب الشارع ضد المسار الحالي.
وجاءت هذه الدعوة في بيان أصدره اعتصام ينفذه الحزب أمام مقر منظمة الأمم المتحدة بتونس منذ 14 يناير الحالي تحت شعار “دفاعا عن حق الشعب التونسي في تقرير مصيره”. حثّ فيه على عدم الانخراط في “تبييض الانتخابات النيابية”. وإصدار توصية لمنظمات مراقبة الانتخابات بعدم المشاركة فيها بسبب ما أسماه “مخالفتها للمعايير الدولية ومدونة حسن السلوك الانتخابي التي صاغتها لجنة البندقية”. وإدانة الأطراف التي تموّل مراقبة وملاحظة ما وصفها بـ”جريمة مقترفة ضد الشعب التونسي بغاية إضفاء شرعية وهمية عليها”.
ودعا إلى “عدم التعامل مع البرلمان المقبل باعتباره لا يمثل الإرادة الشعبية الحرة للمواطن التونسي. وجاء نتيجة الدوس على حقوقه الأساسية وعلى رأسها الحق في التظلم ومبدأ المساواة بين الجنسين”.
وحضّ الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على “التوقف عن التمويل المقنع وغير المباشر للعمل السياسي في تونس عبر إنشاء فروع لجمعيات أجنبية تستعمل كواجهة مدنية تتستر تحت عنوان مرافقة الانتقال الديمقراطي للتحكم في خيوط اللعبة السياسية الداخلية”، وطالبها “بالنأي بنفسها عن تمويل بعض مؤسسات سبر الآراء وبرامج ما يسمى بتطوير الإعلام قصد توجيه الرأي العام ومغالطته بهدف التوصل لانتداب حكام وبرلمانيين ومسؤولين موالين لها خدمة لمصالحها الخاصة على حساب مصلحة الشعب التونسي”.
ووجه الحزب الدعوة إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لوقف تمويل الانتخابات التونسية غير الشرعية عبر الصندوق المشترك الذي يديره في إطار برنامج المساعدة الانتخابية لتونس وإطلاق عملية تدقيق شاملة حول تصرف الجهات المستفيدة من التمويلات التي أسندت لها في مختلف المحطات الانتخابية منذ 2011 إلى اليوم”.
وأكد ضرورة “وضع حد لسياسة المكيالين التي تعتمدها الجمعيات والمنظمات الدولية تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في تونس وإدانة انحرافها عن مهمتها الأصلية وتعمدها عدم نقل الواقع التونسي بأمانة وتجرد عند تحرير التقارير النهائية التي تنشر للعالم مما حولها إلى أبواق لتبييض الإخوان وحلفائهم وتقديمهم في ثوب ضحايا مقابل التعتيم على الهرسلة والمظالم والانتهاكات والتهديدات التي يتعرض لها كل مناهض للتنظيمات الإرهابية المتطرفة”.
ويأتي التجاء الدستور الحر إلى المنظمة الأممية إثر فشل المعارضة السياسية في تونس في حشد الشارع خلفها في عدة مناسبات وآخرها الذكرى الثانية عشرة للثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في العام 2011.
ويجد مراقبون أن أسباب إخفاق المعارضة في تجييش الشارع ضد مسار 25 يوليو تكمن في وجود قناعة شعبية بأن هؤلاء المعارضين يتحملون جزءا كبيرا من مسؤولية “العشرية السوداء” بما أنهم كانوا في السلطة أو مشاركين فيها بشكل أو آخر.
وعوّل أقطاب المعارضة السياسية في تونس وتتصدرهم جبهة الخلاص التي تقودها حركة النهضة الإسلامية على ذكرى الثورة لتعبئة الشارع والنزول بقوة يوم الرابع عشر من يناير للمطالبة برحيل الرئيس سعيّد، لكنهم اصطدموا بحضور شعبي ضعيف زاد في إحراجهم وكشف ضعف شبعيتهم وفشلهم في التأجيج باستغلال تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وحالة العزوف التي شهدتها الانتخابات التشريعية التي أجريت الشهر الماضي.
ويوجد لدى التونسيين إيمان شبه مطلق بأن جميع تحركات المعارضة ضد المسار الحالي لا تهدف سوى إلى استعادة مكانها في المشهد السياسي. والعودة بالبلاد إلى مربع الخصومات السياسوية والانقسامات والتحالفات من أجل تقاسم غنيمة السلطة، ما أدخل البلاد في دوامة أزمة اقتصادية خانقة.
وتتعزز هذه القناعة في صفوف فئات واسعة من التونسيين بأخرى مفادها أن المعارضة تفتقر إلى أي بديل للمشروع الذي يطرحه الرئيس قيس سعيد. ولا أدل على ذلك من أنها استنفدت فرصتها بالكامل خلال العشرية الماضية وأثبتت عجزها عن الاهتداء إلى وصفة لمشاكل البلاد المتراكمة فضلا عن تسببها في ارتفاع منسوب الحنق الشعبي.
وكان الرئيس سعيد حذر في مناسبات عديدة من وجود مخططات مدفوعة من الخارج لاستهداف استقرار البلاد وتهديد أمن الدولة واتهم أطرافا بتوزيع أموال طائلة على المواطنين “بهدف إفشال الدور الثاني من الانتخابات التشريعية، وتأجيج الأوضاع”.
ويجرى الدور الثاني من الانتخابات البرلمانية يوم 29 يناير الحالي ويأمل الرئيس سعيّد أن يشهد مشاركة لافتة بعد النسبة المحدودة المسجلة في الدور الأول الذي شارك فيه نحو 11.22 في المئة من الناخبين المقدر عددهم بـ9 ملايين شخص.