متابعات إخبارية

بإجراءات اجتماعية.. أردوغان يستقطب صوت الناخبين


في الفترة الأخيرة يتقلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بين إجراء وآخر يهدف لتبريد الجبهة الاجتماعية واحتواء احتقان كامن بسبب تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي.

بينما عينه على صوت الناخبين قبل أشهر من انتخابات رئاسية وتشريعية تجمع كل الآراء على أنها لن تكون سهلة بالنسبة للرئيس وحزبه العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم والذي يهيمن على الحياة السياسية في تركيا منذ العام 2002.

وبعد أيام من إعلانه زيادة في الحد الأدنى للأجور، قرر أردوغان اليوم الثلاثاء رفع أجور موظفي الدولة والمتقاعدين بنسبة 25 بالمئة بحسب ما أوردته وكالة أنباء “الاناضول” التركية الحكومية.

ولا تخرج الإجراءات الأخيرة عن سياق الاستقطاب الانتخابي، بينما يستعد أردوغان وحزبه لخوض الانتخابات الرئاسية والتشريعية في مواجهة معارضة استفادت من النكسات الاقتصادية والسياسية للرئيس التركي وانشقاقات وانقسامات في حزب العدالة والتنمية.

وتشكل تحالف سياسي يضم 6 أحزاب يقودها حزب الشعب الجمهوري ويضم في صفوفه حزبين زعيميهما كان من حلفاء أردوغان ومن المقربين منه. وأيضا من المؤسسين للحزب الحاكم وهما رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو الذي كان يوصف بأنه الصندوق الأسود للعدالة والتنمية ومنظومة الحكم وعلي باباجان الذي شغل مناصب وزراية في الحكومات السابقة من بينها وزيرا للاقتصاد.

وتخطط المعارضة التركية لعزل أردوغان سياسيا واعدة بضمان الحريات واصلاح العلاقات الخارجية وتعزيز النمو ومعالجة مسببات الأزمة المالية وتدهور القدرة الشرائية للأتراك ونسبت تردي الوضع الراهن اقتصاديا واجتماعيا وعلى مستوى حقوق الإنسان إلى ممارسات الرئيس ونزعته الاستبدادية.  

ويسعى أردوغان جاهدا لترميم الشروخ في حزبه وكذلك تصحيح مسار العلاقات مع الخصوم الإقليميين والشركاء الغربيين على أمل خلق منافذ أوسع لتنفيس الأزمة الاقتصادية. وهي خطوات تستهدف بالأساس استقطاب أصوات الناخبين، بينما يعتبر الخروج من الأزمة الراهنة مفتاح عبور خلال الانتخابات القادمة.

ويطغى على إعلانات الرئيس التركي الرسمية الطابع الدعائي. بينما يحاول تسويق نفسه واستعادة شعبيته، متوجسا في الوقت ذاته من أن يقلب منافسوه المعادلة السياسية.

وتقول مصادر محلية إنه حتى في حال فوز أردوغان بولاية رئاسية جديدة وفوز حزبه في التشريعية، فإنه لن ينجح في انتزاع الأغلبية وستشكل الانتخابات استفتاء على شعبيته.   

وقال الرئيس التركي في كلمة أثناء مشاركته في حفل “الموظفين المتعاقدين” بالعاصمة أنقرة “هدفنا هو إزالة فقاعة التضخم هذا العام وإخراجه من أجندة بلادنا تماما اعتبارا من السنة المقبلة”.

وتكابد تركيا في مواجهة معدل تضخم بلغ مستويات قياسية متجاوزا عتبة الـ80 بالمئة بحسب بيانات رسمية تشير أحدثها إلى أنها قد تباطأت بأقصى وتيرة لها منذ أكثر من ربع قرن، وهو تباطؤ قد يكون معرضا للخطر بسبب حجم الإنفاق العام المخطط له قبل إجراء الانتخابات المقبلة.

وتراجع التضخم السنوي في تركيا مجددا في ديسمبر من مستوى قياسي غير مسبوق منذ عقدين، ما يعطي دفعا لفرصة أردوغان في الانتخابات التي ستجري في يونيو القادم.

وعبر عن تفاؤله قائلا  “سنرى معا كيف سيواصل التضخم انخفاضه خلال الأشهر القادمة”. مشيرا إلى أن تركيا أغلقت عام 2022 عند مستوى أدنى من الهدف المتوسط المدى لتضخم أسعار المستهلكين، مضيفا أن التضخم السلبي لأسعار المنتجين في ديسمبر يشير إلى انتعاش سريع في هذا المجال أيضا.

وارتفعت أسعار الاستهلاك بنسبة 64.3 بالمئة في الشهر الماضي من المستويات التي كانت عندها قبل عام، وفق وكالة الإحصاء الحكومية، مقارنة بزيادة 84.4 بالمئة على أساس سنوي في نوفمبر الماضي.

ويعزو المحللون التراجع الحاد إلى ما يسمى بالتأثير الأساسي والذي يجعل الزيادات في الأسعار على أساس سنوي تبدو أصغر مقارنة بالمعدلات المرتفعة جدا والمسجلة قبل 12 شهرا.

وتفي هذه النسبة بوعد حملة أردوغان بأن التضخم سيبدأ في التراجع في بداية العام بعد وصوله إلى أعلى مستوياته العام الماضي منذ العام 1998. لكن مجموعة من الخبراء المستقلين شككت في البيانات الرسمية وقالت في الفترة الماضية إن معدل التضخم الحقيق هو ضعف ما تعلنه الحكومة رسميا، مقدرة أنه يبلغ في الواقع 165 بالمئة.

وعزا وزير الاقتصاد التركي نورالدين نباتي تسجيل معدلات تضخم قياسية العام الماضي إلى “الظروف الصعبة في جميع أنحاء العالم”، واعدا بمستقبل أكثر إشراقا.

واندلعت الأزمة الاقتصادية الأخيرة في تركيا عندما قام أردوغان الذي لطالما كان يعارض أسعار الفائدة المرتفعة بالضغط على المصرف المركزي بغية خفض الارتفاع الشديد في أسعار الاستهلاك من خلال خفض تكاليف الاقتراض.

وتقوم التوصيات الاقتصادية التقليدية على دفع صناع السياسات إلى لجم التضخّم من خلال احتواء الطلب ورفع تكلفة الأعمال من خلال رفع أسعار الفائدة.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى