ايران تعقد محاولات التعاون المفتوح بين العراق وتركيا
تبرز “تحديات ايرانية” بوجه الاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى العراق، باعتبار أن طهران منافس اقليمي يتمتع بنفوذ أكبر في العراق، هي التي تساهم في نهاية المطاف في تحديد علاقات انقرة مع بغداد.
وأشار تقرير لإذاعة “صوت أميركا” الى اتفاق أردوغان ورئيس الوزراء محمد الشياع السوداني على توسيع العلاقات الثنائية، لافتا إلى أن “الخبراء يعتبرون أن ذلك سيواجه تحديا من الجار الإيراني الذي أقام لنفسه نفوذا سياسيا كبيرا في العراق”.
وتم التوصل الى 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم تشكل “خريطة طريق” لاستدامة التعاون بين تركيا والعراق، و”نقطة تحول” مثلما وصفها اردوغان، وتناولت قضايا رئيسية مثل الامن وادارة المياه والتجارة والاتفاق الأولي بين أنقرة وبغداد والدوحة وأبوظبي حول مشروع “طريق التنمية” الذي يفترض أن يربط دول الخليج بتركيا وأوروبا عبر العراق.
القادة السياسيون السنة حائرون ما بين تركيا والسعودية وقطر والإمارات وحتى الاردن، ولا يوجد إجماع بين سنة العراق حول شغل منصب رئيس البرلمان
ونقل التقرير الأميركي عن خبراء تشكيكهم في قدرة تركيا على توسيع مصالحها في العراق، وقال الباحث في مركز الإمارات للسياسات سردار عزيز، وهو مستشار سابق في برلمان إقليم كردستان، انه “من المشكوك فيها ان توافق إيران على ان تصبح دولة عضو في حلف الناتو، ومنافسة لطهران، اللاعب الرئيسي في العراق”.
ولفت عزيز أيضا الى أن ولاية الحكومة العراقية الحالية تشارف على نهايتها، مما يزيد من الشكوك بالنسبة لتركيا، موضحا أنه “لم يتبق لرئيس الوزراء السوداني سوى عام واحد في منصبه، وفرص بقائه في منصبه منخفضة جدا”.
وأضاف أنه “لم يتم تخصيص اية أموال في الميزانية العراقية لهذه المشاريع، وهو ما يجعل من المستحيل أن تصبح هذه الاتفاقيات طويلة الأمد، ما لم توافق عليها ايران”.
وبينما تعتبر المنافسة على النفوذ بين تركيا وايران حول العراق ليست جديدة، إلا أن طهران تتمتع بالنفوذ الاكبر منذ الغزو الاميركي في العام 2003، مضيفا ان قوات الحشد الشعبي، عززت نفوذ الأيدي الايرانية في العراق منذ العام 2014. بينما تحاول تركيا موازنة الهيمنة الايرانية من خلال دعم المكونين السني والتركماني في العراق.
وذكر التقرير بان اردوغان التقى مجموعة من ممثلي المكون التركماني في بغداد، وذلك بعد اجتماع آخر مع ممثلي المكون السني.
لكن بحسب الكاتب العراقي حسن الناصر، فان النفوذ التركي على السنة في العراق، قد لا يكون عاملا مساعدا اردوغان في ظل الانقسام الكبير في القاعدة السياسية السنية، خاصة بعد اقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وهي الخطوة التي اعتبرها بعض قادة السنة بمثابة محاول تهميش للمكون السني في البلد.
واضاف الناصر أن “القادة السياسيين السنة حائرون ما بين تركيا والسعودية وقطر والإمارات وحتى الاردن، ولا يوجد إجماع بين سنة العراق حول شغل منصب رئيس البرلمان”.
من جهته يرى نزار حيدر، وهو مدير المركز الإعلامي العراقي ومقره في فرجينيا، أن تركيا تستغل الانقسامات الطائفية في العراق باعتبارها “ورقة تفاوض”، موضحا ان الجمهور العراقي أصيب بصدمة بصورة اردوغان وهو يجتمع مع من وصفهم بأنهم ممثلو الطائفة السنية والطائفة التركمانية، مضيفا “هذه مسألة شديدة الخطورة”.
وأضاف حيدر ان الطائفتين السنية والتركمانية “تنظران الى انقرة باعتبار انها قوة داعمة في العملية السياسية العراقية، كما تنظر انقرة الى الطائفتين السنية والتركمانية على انهما ورقة التفاوض مع الحكومة العراقية”.
واعتبر التقرير ان الدور الايراني قد يؤدي الى تعقيد محاولات العراق وتركيا للتعاون في المجال الأمني، مذكرا بما قاله اردوغان على متن طائرة سفره العائدة الى انقرة حيث اشار الى ان المسؤولين العراقيين وافقوا على التعاون مع حكومته ضد حزب العمال الكردستاني، وانه يرغب بان يرى نتائج ملموسة لتصنيف بغداد للحزب على انه “منظمة محظورة”.
وبحسب عزيز، الباحث في مركز الإمارات للسياسات، فإنه “يبدو بان تركيا لم تحقق هدفها المتمثل في اقناع العراق بالاعتراف بحزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية”.
واوضح سنجار انه “من الناحية العملية، تعتبر مساعدة العراق لتركيا ضد حزب العمال الكردستاني مسألة صعبة، لأن للقضية أبعادها الجيوسياسية والاقليمية”، مضيفا ان العمليات العسكرية التركية المتوقعة داخل العراق، خصوصا في مدينة سنجار، حيث ينشط حزب العمال الكردستاني وقوات الحشد الشعبي ايضا، يمكن ان يتسبب في انخراط مباشر من جانب إيران.
ومن جهته، يتوقع حيدر، من المركز الإعلامي العراقي في فرجينيا، ألا تكون هناك معارضة من جانب إيران للعملية العسكرية التركية مستقبلا ضد المسلحين الكرد في العراق. موضحا أن طهران “ستوافق على مثل هذه العملية من قبل تركيا لأنها ستؤمن لإيران فرصة جيدة لتعزيز مصالحها الاستراتيجية داخل الأراضي العراقية، وهو سيناريو مفيد للطرفين، إيران وتركيا”.