المجبري يذكر أن مغامرة السراج قد تشعل حربا إقليمية
ذكر مسؤول ليبي بارز بأن رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج قد دخل في مغامرة قد تشعل حربا في المنطقة بأكملها وذلك بتحالفه غير المنطقي مع تركيا.
ومن جانبه، فقد أوضح الدكتور فتحي المجبري، وهو نائب رئيس المجلس الرئاسي عن شرق ليبيا، بأن تركيا تقوم بمعاداة المنطقة كلها بما يدخل ليبيا في حالة استقطاب إقليمي حاد.
وفي مقابلة مع العين الإخبارية، قال المجبري بأن اتفاق السراج مع تركيا هو إحباط مسبق لترتيبات برلين ويجب الحجر عليه حتى لا يجهض بتصرفاته مساعي واتفاقات برلين.
فتحي المجبري هو عضو المجلس الرئاسي والذي يعد إحدى الهيئات التي نتجت عن اتفاق الصخيرات بالمغرب في ديسمبر 2015 وقد ضم 9 أعضاء برئاسة السراج، وقد تم انتخاب 3 نواب له عن مناطق ليبيا (شرق- غرب- جنوب) حتى لا ينفرد الإخوان والموالون لهم بالسلطة، وذلك بهدف تشكيل حكومة توافقية تسيّر الأعمال في ليبيا لحين وضع حل للأزمة التي تفجرت في 2014 برفض الإخوان نتيجة الانتخابات البرلمانية.
وإليكم ما تضمن الحوار من أسئلة وأجوبة:
ما موقفكم من الاتفاقية التي وقعها فايز السراج مع أردوغان؟
قال المجبري بأنه قد اعترض عليها لسببين رئيسيين؛ حيث من جهة إجرائية وشكلية، فأولها يرتبط بعدم صلاحية السراج لتوقيع أي اتفاق منفرد حسب اتفاق الصخيرات 2015 الذي يستمد منه المجلس الرئاسي شرعيته.
وقد أضاف بأنه ينبغي عرض الأمر أولا على أعضاء المجلس الرئاسي من أجل مناقشته نظرا لأن جميع الأعضاء يتمتعون بقوة صناعة القرار عمليا، أما السراج فما هو إلا شخص يعبر عن إرادة المجلس مجتمعا وليس معبرا عن إرادته هو شخصيا، غير أنه للأسف فقد قام السراج باتخاذ القرار بذاته، إلى جانب أن اتفاق الصخيرات لا يجيز للمجلس الرئاسي أساسا إقرار الاتفاقيات الدولية، وإنما يجيز له إعدادها وإحالتها للبرلمان الليبي لاعتمادها من عدمه كما يحدث في كثير من الدول الديمقراطية.
في حين قد ذكر أن السبب الثاني السياسي للاعتراض على الاتفاقية نظرا لأنه يراها على أنها باختصار اتفاقية بين من لا يملك ومن لا يستحق.. لقد قام فايز السراج بتوقيعه هذه الاتفاقية في هذا الوقت بالذات بعملية إجهاض وإحباط مسبق لاتفاقات برلين تماما كما فعل سابقا عندما أخل بالتزاماته التي تعهد بها في لقاء أبوظبي.
وقد نتج عن عدم وفاء السراج بالتزاماته وبالاتفاقات مواجهات عسكرية وإشعال فتيل الحرب في أبريل الماضي، ويعتقد المجبري بأن السراج قد أقدم على مغامرة قد تشعل حربا في المنطقة كلها بتحالفه غير المنطقي مع تركيا التي تعادي المنطقة بالكامل بما يدخل ليبيا في حالة استقطاب إقليمي حاد ليبيا في غنى عنه.
لكن.. من المستفيد من هذه الاتفاقية؟
لقد أجاب المجبري أنه إذا كانت حجة السراج مصلحة ليبيا واستفادتها من المجال البحري فقد كان عليه التحرك داخل الأطر الشرعية متعددة الأطراف والموجودة فعليا مع مصر واليونان وقبرص وبلدان أخرى، غير أنه باختياره طرفا معاديا ليس فقط لليبيا، بل إن السلوك التركي بالجملة معادٍ للمنطقة العربية بتمويله ودعمه للجماعات الإرهابية والمتطرفة.
إن اختيار السراج لتركيا وهي طرف مناوئ ومعادٍ ليس لليبيين وحدهم بل للمنطقة كلها يعد صفقة رخيصة بينه وبين أردوغان ضحى فيها السراج بالمصلحة الوطنية الليبية والمصلحة العربية العليا من أجل حصوله على فتات الدعم التركي للجماعات الإرهابية التي تساعده في الاستمرار في مكانه.
وما الخطوات التي يعتزم المجلس الرئاسي اتخاذها ضد السراج؟
لقد قال المجبري أنه بالرغم من مقاطعته للاجتماعات منذ بدء عملية طوفان الكرامة التي قام بها الجيش لتحرير طرابلس من الميليشيات فإنه ما زال في موقعي كنائب لرئيس المجلس وقد اعتزم مع عدد من أعضاء المجلس الرئاسي الآخرين السعي لإحباط هذا العمل بجملة من الجهود التي سوف تتنظم في الفترة المقبلة.
وقد أضاف أيضا المجبري في هذا الصدد بأن المجلس سيقوم بخطوات منها محلي سيقوم به البرلمان، وبعضها إقليمي ودولي حيث ساهمنا في إيصال الصورة إلى الاتحاد الأوروبي الذي أصدر بيانه، الأربعاء، رافضا هذه الاتفاقية لأنها ذات أثر سلبي، إلى جانب الموقف الأمريكي الذي أصبح أكثر وضوحا، بالإضافة إلى الموقف المتقدم الذي اتخذته جمهورية مصر العربية واليونان.
وقد ذكر أن الموقف واضح وسيقوم المجلس باتخاذ إجراءات واضحة ضد السراج، منها رفع دعاوى في المحكمة الدستورية العليا وأمام القضاء الإداري، بالإضافة إلى أنه سيعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على وقف هذه التصرفات، وسيتوجه بخطاب للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وكل المنظمات الإقليمية لتحريك عملية الهدف منها الحجر على تصرفات فايز السراج لإساءة استخدامه لموارد ليبيا.
وتابع بأن المجلس سيظل يحجر على تصرفات السراج إلى أن تنتج ترتيبات برلين واقعا وحكومة جديدة، وإلى أن يحدث ذلك لابد من فرض هذا الحجر واعتبار السراج وحكومته لتصريف الأعمال فقط وليس لها الحق في اتخاذ أية خطوات يترتب عليها التزامات قانونية على ليبيا.
إذا كانت حكومة الوفاق تتخبط.. فما الذي أنجزته؟
أجاب المجبري بأن حكومة الوفاق كما يشير اسمها والاتفاق الذي فرضها قد جاءت من أجل إنهاء حالة الانقسام بين الليبيين وتوحيد المؤسسات، ووضع ترتيبات بهدف خلق وضع دائم من خلال إنجاز تحول ديمقراطي في ليبيا وإنهاء الصراع الذي نشأ في 2014 واستمر إلى 2016 بين الشرعية المتمثلة في البرلمان المنتخب وبين القوى الأخرى الموالية للإخوان الذين اختاروا حكومة غير شرعية والتي عرفت بـ(حكومة الإنقاذ).
وفي نظره، فقد قد كان من المفترض أن ينهي المجلس الرئاسي هذا الصراع وقد اتخذ بذلك خطوات نحو التقارب مع القيادة العامة للجيش الليبي والتقينا المشير خليفة حفتر والمستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان، وذكر أنه بجهد شخصي منه فقد تم عقد لقاءات رعتها جمهورية مصر العربية بغرض توحيد المؤسسة العسكرية، حيث كانوا قريبين من تحقيق إنجازات في اتجاه حل الأزمة الليبية، غير أن رغبة السراج بالاستمرار في السلطة ورغبة التنظيمات الإرهابية والعناصر الجهوية في السيطرة على ليبيا قد أفشلتا كل هذه المحاولات لتبقى ليبيا في الفوضى التي يستفيدون منها على حساب المصلحة الوطنية في ليبيا، في حين قد ظهر تراجع السراج عن كل هذه التعهدات والمحاولات الجادة.
لكن كيف ترى الاعتراف الدولي بحكومة السراج؟
أجاب المجبري بأنه يقول للعالم الذي يصر على الاعتراف بفايز السراج: إذا كانت الحجة الأساسية في الاعتراف بفايز السراج وحكومته أنه نتاج تفاهمات الصخيرات فأنا أذكرهم بأن الصخيرات ليست فايز السراج، وانما هي اتفاق يجب عليهم احترامه، وبالتالي إذا كانت تصرفات السراج غير متوافقة مع الاتفاق فيجب عدم قبوله وإقصائه.
هل كانت لديكم خيارات أخرى غير العمليات العسكرية لمواجهة المليشيات؟
قال المجبري بأنه لم يكن هناك من خيار أمام القيادة العامة للجيش الليبي، وما من مناص إلا تصحيح الأوضاع بالعمليات العسكرية لاسيما بعد تردي الأحوال وضياع الموارد وعدم التزام السراج بتنفيذ أي اتفاقات وتعريضه ليبيا والليبيين ومقدراتهم وهويتهم للمخاطر.
وقد ذكر أنهم الآن أمام مفترق طرق جديد حيث وضعوا فيه فايز السراج الذي اختار الارتماء في أحضان التنظيمات الإرهابية وتركيا وابتعد عن الخيارات الوطنية ومعرضا المنطقة لحرب إقليمية.
وتابع أنه قد دعا مبكرا منذ انطلاق عمليات طوفان الكرامة شباب طرابلس أن يتواصلوا مع القيادة العامة للجيش، ودعا القيادة أيضا للتواصل مع الشباب لرص الصفوف لمواجهة قوى الإرهاب والتطرف، وحل أي خلافات أخرى غير الإرهاب بالحوار والنقاش والتطمين، فلا أحد يريد للمليشيات أن تحكم في ليبيا، وليس هنالك خلاف على ذلك.
لكن الحكومات المتتالية في ليبيا فشلت في القضاء على المليشيات.
بخصوص هذا الأمر، فقد أجاب المجبري بأن مسألة حل المليشيات ونزع سلاحها هي ضرورة وإنجاز للمصلحة الوطنية الليبية، من خلال توافق ينهي مثل هذه الأوضاع، وليس توافقا يخدع الناس أو يكرس الأوضاع غير القابلة للاستمرار.
وتابع أنه من أحد الاختلالات الأساسية في الاتفاق السياسي الليبي بالصخيرات، غير أنه نفذ بطريقة سيئة، أنه أيضا مصمم بطريقة غير كاملة وبه كثير من النواقص التي أدت إلى إساءة استخدامه، وقد كان واضحا المبدأ الذي بني عليه وهو الغموض البناء، والذي اتضح أنه غير بناء.
إن المليشيا جديدة على ليبيا بعد عام 2011 غير أنها ليست جديدة على العالم، وعملية استعادة احتكار الدولة لوسائل الإكراه في مجتمعات ما بعد الصراعات لها تجربة كاملة وكانت تحتاج إلى مثلث أساسي هو إصلاح القطاع الأمني ونزع السلاح والتفكيك وإعادة الدمج وأخيرا الترتيبات الأمنية المؤقتة هذا هو التعاطي الفني لمسألة إعادة احتكار الدولة لوسائل الإكراه.
وتابع أن هذا الأمر كان غائبا عن المسؤولين في ليبيا خاصة المجلس الانتقالي الذي تشكل بعد فبراير 2011، وقد استمر إلى يوليو 2012 لحين انتخابات المؤتمر الوطني والذي شهد فترة توليه من 2012 إلى 2014 جهدا منظما من التنظيمات الإرهابية لعرقلة قيام جيش وطني لحساب جيش وشرطة خاصين بها لتحويل ليبيا إلى أفغانستان جديدة إلى أن جاءت عملية الكرامة ردا على هذه المحاولات. إن القيادة العامة للجيش الليبي بقيادة المشير حفتر تسير الآن في الاتجاه الصحيح للقضاء على المليشيات والتنظيمات الإرهابية.
كيف ترى المواقف الدولية في التعاطي مع أزمات ليبيا؟
أجاب المجبري بأن ليبيا الآن ليست في أفضل حالاتها، فهي بلد مفكك، وبها كثير من الموارد ولديها موقع استراتيجي وهناك الكثير من الأطراف المهتمة بليبيا، ونحن ندرك أن مصالحنا متشابكة مع محيطنا.
وأضاف أنه ما يهم المجلس هو أن يبني علاقة بناءة تتحقق فيها مصالحنا مع مصالح جوارنا الحيوي العربي الذي لا نرى فيه كثير من التعارض، ويعلم أن أمن ليبيا من أمن مصر، وأمن مصر من أمن ليبيا، ومصر بلد نطمئن في تعاطيها مع أزمتنا ومصالحنا الجوهرية واحدة ومتكاملة.
وتابع أنه لا ينكر أن هناك بعض الأطراف تتعارض مع مصالحنا لكن يربطهم حيز جغرافي معها، ويضطرون للتعاطي معها ويظن يأنه من الأفضل الآن أن تبدأ هذه الدول في فهم أنها لكي تحقق مصالحها في ليبيا، فعليها أن تنظم مصالحها بحيث تتلاءم مع المصلحة الوطنية الليبية، وليس تحقيق مصالحها على حساب ليبيا والليبيين؛ لأنها ربما تحقق مصلحتها في المدى القصير لكنها حتما ستخسر في المدى المتوسط والطويل؛ لأن الليبيين لن ينسوا من وقف معهم في محنتهم ومن دعم عناصر عدم الاستقرار في ليبيا.
وقد تابع المجبري القول بأن هناك حالة من النفاق التي تطغى على سلوك بعض الفاعلين الدوليين وبعض الإقليميين تجاه ليبيا، وهناك أيضا حالة من العداء، حيث أن بعض الأطراف الدولية نحن في تعارض تام معها وكان بإمكانهم أن يكونوا شركاء تجاريين لليبيا، لكن أن يحاولوا فرض رؤيتهم على ليبيا فهذا منطق مرفوض لدى الليبيين الذين لن يسمحوا بتحقيق الرؤى الشاذة والمتطرفة لبعض العابثين، كما أن هذه الرؤى مرفوضة عربيا بالإجمال وغير متوافقة مع قيمنا وديننا.
التنافس الدولي على الساحة الليبية كيف أثر في الأزمة؟
أجاب المجبري بأن هناك بعض التنافس الأوروبي على ليبيا، وقد هذا اتخذ جانبا هداما للمصلحة الوطنية الليبية، وكان ينبغي على الأوروبيين أن يساعدوا ليبيا من أجل إعادة الاستقرار إليها ودعمها في بناء مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء بشكل قوي ومتين يمكنها من استعادة الاستقرار، وأن تحقق لليبيين مصلحتهم كما تحقق للأوروبيين مصالحهم بمنع الهجرة غير الشرعية لكن بعض الأطراف اتخذت مسار التعامل مع بعض المليشيات.
ماذا عن آمال التغيير من خلال مؤتمر برلين؟
أجاب المجبري بأن الأمل دائما موجود في خروج ليبيا من أزمتها، وبأن المنطقة مرت بتاريخ مرير، وبأن ليبيا بالذات كان لها نصيب في ذلك، ونقل عن أحد المؤرخين قوله: إن التاريخ لم يكن يوما لطيفا مع ليبيا.
غير أن الليبيين قادرون على أن ينهضوا بعد كل فترة مرة في تاريخهم، سواء من الحروب الأولى مع الإيطاليين، أو الحرب العالمية الثانية، وقد استطاعت ليبيا أن تنجز استقلالها في فترة مبكرة نسبيا قد تكون الدولة الثانية بعد مصر في شمال أفريقيا.
وتابع أنه لديهم ثقة بأنفسهم للوصول إلى حالة وئام ووفاق، وثقة بجيرانهم خاصة مصر؛ للوصول إلى هذه الحالة، وتمنى أن يدرك الفاعلون الدوليون بأن من مصلحتهم أن تستقر ليبيا، وأن يتركوا الليبيين وشأنهم، لينقذوا بلادهم.