الكوارث المناخية والدروس المستفادة: بناء بنية تحتية قادرة على التكيف
تسلط الكوارث المناخية الضوء على الحاجة إلى المزيد من الاستثمار في البنية التحتية القادرة على الصمود في وجه تغير المناخ.
في أبريل 2022، شهدت مقاطعة كوازولو ناتال أسوأ كارثة مناخية منذ عام 1987، وبحسب دراسة أجراها باحثو جامعة ويتواترسراند في جنوب أفريقيا وجامعة برايتون بالمملكة المتحدة، أدت الفيضانات المدمرة إلى إخلاء الشركات اللوجستية على طول الساحل وإغلاق النشاط الاقتصادي.
وكانت الفيضانات بمثابة إشارة تحذير لصناع السياسات بشأن واقع تغير المناخ وتأثيره على حياة مواطني جنوب أفريقيا، والاقتصاد، ومؤسساته.
كوازولو ناتال هي مقاطعة تتميز بأنها المركز الاقتصادي لجنوب أفريقيا، فهي مسؤولة عن أكثر من 60% من الصادرات والواردات التي تمر عبر ميناء ديربان، وتقدر مساهمتها الإجمالية في الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 16%، مما يجعلها ثاني أكبر سوق اقتصادي لجنوب أفريقيا.
ووفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي يتضح عدم استعداد البنية التحتية لمنع وقوع كارثة مناخية بالقدر الكافي، نتيجة نقص الاستثمار التاريخي، والسياسات التي يعود تاريخها إلى السبعينيات والتي تحدد الاستثمار في البنية التحتية الوطنية. وللمرة الأولى أصبح تغير المناخ يواجه حقبة ماضية في جنوب أفريقيا، حيث إن البنية التحتية في البلاد لم تكن مستعدة على النحو الواجب.
الاستثمار في البنية التحتية القادرة على الصمود في وجه تغير المناخ
وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، فإن السمة المميزة للبنية التحتية المقاومة للمناخ هي البنية التحتية التي “يتم تخطيطها وتصميمها وبنائها وتشغيلها بطريقة تتوقع الظروف المناخية المتغيرة وتستعد لها وتتكيف معها”. وتستمر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الإشارة إلى أن البنية التحتية المقاومة للمناخ يمكنها أيضا الصمود والاستجابة للتعافي بسرعة من الاضطرابات الناجمة عن الظروف المناخية.
ومع ذلك، بالنسبة للعديد من الدول في المناطق النامية فإن هذا الشعور الجديد بالحاجة الملحة للاستجابة لهذه الكوارث المناخية يوفر فرصة للاستثمار الإضافي في الاستثمارات في البنية التحتية لمساعدة مجموعة ثلاثية من التحديات المتقاطعة، مناخا اختلال السياسات، والقرارات التنظيمية، وأطر السياسات التي تثبط عن غير قصد استخدام الحلول المبتكرة القائمة على النظام البيئي.
بينما تعد صيانة البنية التحتية أكثر جدوى بالنسبة للدول المتقدمة؛ حيث أن لديها تمييزًا واضحًا بين أدوار القطاعين العام والخاص. ومع ذلك يجب على صناع السياسات أن يكونوا على استعداد جيد وفعّال في خلق بيئة مواتية للاستثمار في البنية التحتية، ويساعد ذلك في التخفيف من المخاطر المرتبطة ببناء بنية تحتية قادرة على الصمود في مواجهة المناخ وتحمي المواطنين.
والآن.. أكثر من أي وقت مضى، أصبحت المدن والمجتمعات تدرك تمام الإدراك حاجتها إلى التكيف مع التغيرات التي لا مفر منها في الظروف المناخية، ومع أن أكثر من نصف سكان العالم يقيمون في المدن، ومع توقع زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة أصبحت مرونة أنظمة البنية التحتية الحيوية للدولة ذات أولوية متساوية.
ووفقاً لتقرير حول التركيبة السكانية المستقبلية للمدن الساحلية، بين عامي 2020 و2030، من المتوقع أن تنمو أكبر سبع مدن ساحلية في أفريقيا -لاغوس ولواندا ودار السلام والإسكندرية وأبيدجان وكيب تاون والدار البيضاء- بنسبة 40% (من 48 مليونا إلى 69 مليون نسمة) مقارنة بالزيادة الإجمالية المتوقعة في القارة بنسبة 27% (1.34 مليار إلى 1.69 مليار)، وقد تتوسع المدن الساحلية الأصغر بسرعة أكبر: على سبيل المثال، من المتوقع أن تنمو مدينة بورت هاركورت في نيجيريا بنسبة 53% خلال هذا العقد، وعلى الصعيد العالمي من المتوقع أن تشهد المناطق الساحلية في أفريقيا أعلى معدلات النمو السكاني والتحضر في العالم، هذه الضغوط الديموغرافية مدفوعة بالأهمية الاقتصادية للمدن الساحلية في أفريقيا.
وبالتالي فإن الاستثمار في البنية التحتية القادرة على الصمود في مواجهة المناخ من الممكن أن يحقق فوائد عديدة، مثل تحسين موثوقية تقديم الخدمات، وزيادة عمر الأصول، وحماية عائدات الأصول، لضمان حماية المصالح الاقتصادية، وبعبارات بسيطة لا يمكن لهذه الاستثمارات أن تعزز القدرة على التكيف مع تغير المناخ فحسب، بل يمكنها أيضا أن تولد المزيد من العائدات الاقتصادية للدول النامية.
لذا يجب على الحكومات وواضعي السياسات اتخاذ إجراءات مبكرة، والتي يمكن أن تكون أكثر فعالية من حيث التكلفة من التأخير إذا كانت فوائد هذا الإجراء كبيرة، وإذا استغرق تنفيذ تدابير التكيف المطلوبة قدرًا كبيرًا من الوقت.
ولمواجهة هذه التحديات، من الضروري وجود استجابة سياسية منسقة، والتي تنطوي على التعاون بين القطاع العام، ومطوري البنية التحتية ومشغليها، والجمعيات المهنية، والمستثمرين.
وفي الختام، يجب على صناع السياسات أن ينخرطوا بشكل مدروس عند الانخراط في الطبيعة المعقدة للغاية للترابط بين البيئة الاجتماعية والمبنية والأنظمة الطبيعية، من أجل تنظيم السياسات في نهاية المطاف التي تضمن التعبئة الكافية للاستثمارات العامة والخاصة.