الضغوط تتكثف.. نزع سلاح حزب الله يعود إلى الواجهة

يبدو نزع سلاح “حزب الله” اللبناني، الذي لم يكن مطروحا في السابق، قابلا للتنفيذ أكثر من أي وقت مضى، مع تصاعد الضغوط الأمريكية على لبنان.
كما يبدو هذا الأمر قابلا للتنفيذ بعد الخسائر الفادحة التي تكبدها حزب الله في حربه الأخيرة مع إسرائيل.
وبحسب خبراء، فإن نتيجة المحادثات حول برنامج طهران النووي التي انطلقت السبت الماضي، بين إيران والولايات المتحدة، قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل ترسانة حزب الله التي كانت قبل الحرب الأخيرة تتجاوز تلك التي يمتلكها الجيش اللبناني.
-
حزب الله يجرّ لبنان إلى المواجهة.. غارات إسرائيلية وإصابات في الجنوب
-
ضربة إسرائيلية في خضم الهدنة.. تدمير مركز صحي لحزب الله
ويقول ديفيد وود، المحلل المتخصص في الشأن اللبناني لدى “مجموعة الأزمات الدولية”، لوكالة “فرانس برس”، إن “تأثير الحرب غيّر بوضوح الوضع ميدانيا في لبنان”، معتبرا أنه “من الممكن أن يتّجه حزب الله إلى نزع السلاح، بل والمشاركة حتى في هذه العملية طواعية بدلا من مقاومتها”.
وأنهى اتفاق لوقف إطلاق النار تم التوصل إليه في 27 نوفمبر/تشرين الثاني مواجهة بين حزب الله وإسرائيل تواصلت لأكثر من عام، وتطورت إلى حرب مفتوحة استمرت شهرين، أضعفت الفصيل المدعوم من إيران بشكل لافت في الداخل على وقع خسائر في الميدان والعتاد ومقتل أبرز قادته.
-
واشنطن توسع عقوباتها ضد الفريق المالي لـ حزب الله
-
رسالة تحذيرية.. حزب الله يلوّح بالعودة للقتال ضد إسرائيل
لكن الجيش الإسرائيلي لا يزال ينفّذ غارات شبه يومية على جنوب لبنان.
ونص الاتفاق على انسحاب عناصر حزب الله من جنوب نهر الليطاني، وتفكيك أي بنى تحتية عسكرية تابعة له في المنطقة، لكن الحزب يشدد على أن الاتفاق لا ينطبق على بقية مناطق البلاد.
وأفاد مصدر مقرّب من حزب الله، من دون الكشف عن اسمه، “فرانس برس”، السبت، بأن معظم المواقع العسكرية التابعة له في جنوب الليطاني باتت تحت سيطرة الجيش اللبناني، الذي عزز انتشاره في المنطقة.
ضغوط أمريكية
وخلال زيارة إلى لبنان الشهر الحالي، قالت نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، إن واشنطن تواصل الضغط على الحكومة اللبنانية “من أجل التطبيق الكامل لوقف الأعمال العدائية، بما يشمل نزع سلاح حزب الله وكافة المليشيات”، مشيرة إلى أن ذلك يجب أن يتم “في أقرب وقت ممكن”.
في الأثناء ذاتها، شدد الرئيس اللبناني جوزيف عون على التزامه حصر السلاح بيد الدولة، مشددا في الوقت ذاته على “أهمية اللجوء إلى الحوار” لتحقيق ذلك.
-
ضربة إسرائيلية جديدة لحزب الله.. استهداف قيادي بارز في التسلح
-
هل يمكن نزع سلاح حزب الله؟ تحذيرات دولية من مجموعة الأزمات
“شراء الوقت”
لكن الباحثة لدى “معهد واشنطن” حنين غدّار ترى أن “لا مفر” من المواجهة مع حزب الله، “إذ إن البديل الوحيد لعدم نزع سلاح حزب الله بالقوة يتمثّل بقيام إسرائيل بالمهمة”.
ويعتبر رئيس فرع مخابرات منطقة الجنوب سابقا العميد المتقاعد علي شحرور أن “حزب الله أصيب بنكسة، وبالتأكيد ليس من صالحه الدخول في أي حرب أو الوقوف ضد الدولة”.
ويضيف: “تتجه إيران إلى المفاوضات أيضا وهو ما من شأنه أن ينعكس على كل المحور الموجود في المنطقة”، في إشارة إلى ما يطلق عليه “محور المقاومة” الذي تقوده طهران.
-
حزب الله على مفترق طرق.. من يشيعه الأحد؟ الأمين العام أم القوى المهيمنة؟
-
حزب الله يخطط لجنازة نصرالله لتكون استعراضًا لدعم “محور المقاومة”
ويبدي عدد من مسؤولي حزب الله مؤخرا استعدادهم للحوار بشأن الاستراتيجية الدفاعية التي تشمل بحث مصير سلاح الحزب، وليس مسألة تسليمه.
وتشير غدّار إلى أن جناحا تقوده شخصيات مثل الأمين العام الجديد للحزب نعيم قاسم، ورئيس كتلة حزب الله في البرلمان، محمّد رعد، “يريد شراء الوقت، بينما يرغب جناح آخر باتّخاذ خطوات أكثر جرأة”، لكنها ترى أن أي انقسامات ضمن صفوف الحزب، إن وُجدت، تنبع من تباين بشأن استراتيجيات البقاء، وليست مؤشرا على وجود نية بتسليم السلاح.
-
مع تراجع حزب الله.. هل تقترب الحقيقة في ملف انفجار مرفأ بيروت؟
-
الجيش اللبناني: اللاعب الرئيسي في هدنة حزب الله وإسرائيل، ما الذي نعرفه عنه؟
ولطالما أصر حزب الله على أن سلاحه ضروري للدفاع عن لبنان في مواجهة أي هجوم إسرائيلي، في حين يعطي إصرار إسرائيل على إبقاء قواتها في 5 مرتفعات “استراتيجية” مبررا لهذه الرواية، بحسب الخبراء.
ويؤكد شحرور أن “الإسرائيليين يعطون ذريعة لحزب الله للتمسك بسلاحه بكل تأكيد” بسبب عدم امتثالهم لاتفاق وقف إطلاق النار.
وبحسب المصدر المقرّب من حزب الله، فإنه “لا يوجد أي قدرة عسكرية لدى الجيش اللبناني للدفاع عن الجنوب في وجه إسرائيل”، معتبرا أن “إصرار الأمريكيين على إتلاف الجيش لصواريخ (حزب الله) بدل احتفاظه بهذه القوة دليل إضافي على أن أمريكا لا تُريد أن يكون الجيش اللبناني قويا أو حتى لديه أي قدرة محتملة على مواجهة إسرائيل”.
-
مفاوضات الهدنة بين حزب الله وإسرائيل تحت مظلة التدخل الأمريكي
-
تصعيد جديد: حزب الله وإسرائيل على حافة مواجهة شاملة
“الدجاجة أم البيضة”
ويشبّه الأستاذ الجامعي والباحث كريم بيطار المسألة بـ”معضلة الدجاجة أم البيضة أولا”.
ويرى أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو قيام حزب الله بتسليم بعض أسلحته الثقيلة إلى الجيش، مع التشديد على أنه غير مسؤول عن الأسلحة الموجودة بيد مدنيين موالين له وغير تابعين له رسميا.
لكنه يؤكد أن الأمر في نهاية المطاف سيتوقف إلى حد كبير “على المفاوضات الأمريكية الإيرانية التي بدأت للتو”، موضحا أنه “في غياب الضوء الأخضر من الإيرانيين، أشك أن يسلّم حزب الله طوعا أسلحته إلى الجيش اللبناني، حتى وإن عُرض عليهم تشكيل كتيبة مستقلة ضمن قوات الجيش”.
-
تصعيد غير مسبوق بين حزب الله وإسرائيل.. لبنان أمام شبح الحرب
-
مستقبل غامض لنازحي الجنوب اللبناني وسط تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل
والحزب هو الفصيل العسكري الوحيد الذي احتفظ بسلاحه بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان عام 1990 تحت شعار “المقاومة” في مواجهة إسرائيل.
وتشمل الخيارات المحتملة لمعالجة المسألة، وفق وود، تفكيك بنية الحزب العسكرية الكاملة أو دمج أسلحته ضمن الجيش، مع إدماج مقاتليه بشكل فردي في صفوف الجيش اللبناني.
ويؤكد وود أنه “من الممكن أن تسعى إيران إلى مبادلة دعمها لحلفائها الإقليميين، بمن فيهم حزب الله، بتنازلات في المفاوضات مع الولايات المتحدة”.
-
تبادل الضربات بين حزب الله وإسرائيل يشعل التوترات على حدود لبنان: ماذا يحدث؟
-
واشنطن بوست تكشف: كيف يدفع اللبنانيون ثمن التهديدات الإيرانية ومعارك حزب الله وإسرائيل