سياسة

السعودية والإمارات.. بصمات واضحة أسهمت في دعم “التعاون الخليجي” على مدار 40 عاما


 مر قطار القمم الخليجية بمراحل مهمة، كانت لقائدا الإمارات العربية المتحدة والسعودية خلالها بصمات واضحة أسهمت في مسيرة مجلس التعاون الخليجي، منذ أول قمة خليجية عقدت بدعوة من مؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وبرئاسته حتى القمة الخليجية التي تستضيفها السعودية، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.

منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي، تم عقد 40 قمة خليجية اعتيادية، استضافت الإمارات من بينها 6 قمم ترأس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان 4 قمم وترأس الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات قمتين، فيما استضافت السعودية 9 قمم (بما فيهم القمة القادمة)، ترأس الملك سلمان بن عبدالعزيز 3 قمم منها.

ترأس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أول قمة خليجية عام 1981، والذي تم خلالها الاتفاق على تأسيس مجلس التعاون الخليجي، وأكدت مواقفه مدى اهتمامه وحرصه على تعزيز العلاقات الخليجية بهدف التنسيق والتعاون في القضايا والهموم المشتركة التي كانت تسود المنطقة، ما جعل مؤسس دولة الإمارات العربية يتقدم الصفوف ويحرص على المشاركة الفاعلة في القمم الخليجية.

فيما شهدت أول قمة خليجية ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بعد توليه مقاليد الحكم في 2015 تبني رؤيته “لتعزيز التكامل بين دول المجلس والعمل الجماعي المشترك، وإقرار إمكانية الاتفاق بين عدد من الدول الأعضاء على أي إجراءات تكاملية تراها، في إطار المجلس، على أن تتبعها بقية الدول متى ما كان الوقت مناسباً لها”. 

ويرتقب أن تشهد القمة القادمة 10 ديسمبر الجاري، خطوة جديدة على طريق استكمال تحقيق تلك الرؤية، بما يسهم في تعزيز ودعم مسيرة مجلس التعاون الخليجي والحفاظ على كيانه وتعزيز التكامل بين أعضائه.

انطلاقا من رؤيته الثاقبة وقناعته الراسخة بأن أبناء الخليج ينتمون إلى أسرة واحدة تربطهم أواصر العقيدة والتاريخ المشترك وصلة الرحم والآمال والطموحات المشتركة، اتجه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بعد نجاح جهوده المخلصة في بناء اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة وإعلان قيامها في الثاني من ديسمبر/كانون الأول إلى إخوانه قادة دول الخليج العربية.

وفي حديث له لصحيفة “الأضواء” البحرينية في 24 يونيو 1973، انطلقت أولى دعوات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى عقد لقاء قمة بين قادة دول الخليج العربية.

وقال آنذاك: “إن هناك مصالح اقتصادية مشتركة وجوانب أخرى من المستحسن تبادل الرأي فيها تتعلق كلها بأمن الخليج واستقراره.. وأعتقد أن لقاء القمة لو قدر له أن يتم فإنه يمكن أن يحقق إجماعا خليجيا على خطة سياسية واحدة وفوائد ومصالح اقتصادية يفيد منها الجميع بما في ذلك الدول العربية غير الخليجية “.

وبدأ في تحرك سياسي نشط في وقت مبكر من مطلع السبعينيات لتبادل الآراء والتشاور مع إخوانه قادة دول المجلس، وخلال زيارته لمملكة البحرين في 7 نوفمبر عام 1974، أكد “أن الوقت حان كي تعمل دول الخليج العربية على تعزيز التعاون بينها في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية”.

وقال “إن دولة الإمارات تعد هذا التعاون أمرا ضروريا وحيويا للمنطقة”.

وإدراكا منه لأهمية هذا الأمر، حمل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حمل لواء هذه الدعوة إلى أكبر تجمع إقليمي بإعلانه أمام أقطاب مؤتمر قمة دول عدم الانحياز الذي عقد في الجزائر في عام 1973 المساعي التي تقوم بها دول الخليج العربية لتحقيق الوحدة فيما بينها.

وقال في خطابه أمام القمة: “إن الدول العربية في الخليج تسعى جاهدة لتوثيق التعاون فيما بينها وإرساء قواعد وحدتها الشاملة التي نرجو أن تتحقق قريبا استجابة لرغبة شعبها العربي الواحد وتطلعاته وآماله وطموحاته”.

ووجدت دعواته وجهوده تجاوبا صادقا من أشقائه قادة دول الخليج العربية؛ حيث شهدت المنطقة سلسلة من الزيارات المتبادلة بين قادتها بعد أن التقت إرادتهم وعزيمتهم السياسية على ضرورة التنسيق والتكامل.

أول قمة خليجية 

عقدت القمة الخليجية الأولى يومي 25 و26 مايو/أيار 1981 في أبوظبي تلبية لدعوة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيـان.

واتفق خلالها قادة دول الخليج الست (السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان وقطر) رسميا على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وقام القادة خلال القمة بالتوقيع على النظام الأساسي للمجلس الذي يهدف إلى تطوير التعاون بين هذه الدول، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.

واتفقوا أن تكون مدينة الرياض بالسعودية مقرا دائما للمجلس.

وأكدوا خلال البيان الختامي أن “ضمان الاستقرار في الخليج مرتبط بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، الأمر الذي يؤكد ضرورة حل قضية فلسطين حلا عادلا”.

وأصدرت القمة الخليجية الأولى إعلان أبوظبي الذي أكد أن قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو استجابة للواقع التاريخي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي والاستراتيجي الذي مرّت وتمرّ به منطقة الخليج العربي..

كما أكد الإعلان أن التضامن الطبيعي الذي يربط البلاد العربية في الخليج حري به أن يظهر في إطار مشترك يجسد كل الخطوات الإيجابية والفعالة الثنائية والجماعية التي اتخذت حتى الآن لصالح شعوب المنطقة.

قمة أبوظبي عام 1986.. كلمات من ذهب

هي القمة الخليجية الثانية التي يترأسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث احتضنت دولة الإمارات القمة السابعة التي عقدت خلال الفترة من الثاني إلى الخامس من نوفمبر عام 1986 وأصدرت قرارات مهمة لتحقيق المواطنة الخليجية في الأنشطة الاقتصادية والتجارية.

وفي كلمات من ذهب يخلدها التاريخ حتى اليوم، أكد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في كلمته خلال افتتاح القمة، أن مجلس التعاون الخليجي هو درع يقي جسد الأمة العربية وتعبير عن مصيرها المشترك.

وتم خلالها إقرار توصيات التعاون العسكري، والسماح للمستثمرين من مواطني دول المجلس بالحصول على قروض من بنوك وصناديق التنمية الصناعية في الدول الأعضاء.

قمة أبوظبي عام 1992

القمة الثالثة التي ترأسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عقدت عام 1992، وتم خلالها الإشادة بالقرار الدولي رقم 773 الذي أكد ضمان مجلس الأمن لحرمة الحدود الدولية بين دولتي الكويت والعراق، والترحيب بالخطوات التي اتخذتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود على الأرض بين البلدين.

 وفيما يتعلق بالجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من إيران، استنكر قادة الخليج الإجراءات التي اتخذتها إيران في جزيرة أبو موسى واستمرار الاحتلال الإيراني لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى.

وطالب القادة إيران بإلغاء وإزالة كل الإجراءات التي اتخذتها في جزيرة أبو موسى وإنهاء احتلالها لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، وأكدوا تضامنهم التام وتأييدهم المطلق لموقف دولة الإمارات العربية المتحدة.

 قمة الإعداد للقرن عام 1998

وخلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر 1998، عقدت رابع قمة ترأسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بحضور إقليمي ودولي كبيرين تمثل في مشاركة الرئيس الراحل نيلسون مانديلا رئيس جنوب أفريقيا وقتها وكوفى عنان الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك والدكتور عصمت عبدالمجيد الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية والدكتور عزالدين العراقي الأمين العام الأسبق لمنظمة المؤتمر الإسلامي·

كما وجه الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك رسالة متلفزة عبر الأقمار الصناعية أكد فيها صداقة فرنسا وتقديرها للدور البارز الذي يؤديه مجلس التعاون على المستوى الدولي.

وقد بحثت هذه القمة التي أطلق عليها ” قمة الإعداد للقرن المقبل” مجمل تطورات الأوضاع السياسية والأمنية على المستويين الإقليمي والدولي وسبل دعم وتعزيز مسيرة مجلس التعاون في المجالات كافة.

وفي خطوة مهمة في مسيرة مجلس التعاون الخليجي، تم خلال تلك القمة الاتفاق على عقد لقاء تشاوري نصف سنوي لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فيما بين القمتين السابقة واللاحقة، كما تم اعتماد قرارات تطوير قوة درع الجزيرة.

وجدد قادة دول الخليج تأكيدهم على سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، ودعمهم المطلق لكل الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها لاستعادة سـيادتها على هذه الجزر، وطالبوا الحكومة الإيرانية بإنهاء احتلالها للجزر الثلاث.

 قمة “زايد” بالمنامة

عقدت تلك القمة بعد نحو شهر من وفاة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وخلد خلالها قادة دول مجلس التعاون الخليجي ذكراه بأن أطلقوا على هذه القمة اسم “قمة زايد” تقديرا لدور المغفور له في تعزيز مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وإسهامه الكبير في تأسيسه، وتم خلالها الترحيب بالشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بعد توليه رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة.

قمة أبوظبي عام 2005

عقدت تلك القمة يومي 18 و19 ديسمبر 2005 برئاسة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات الذي أكد خلال كلمته في افتتاح القمة “إن ما يجمع بين دول المجلس وشعوبها من مودة وتقارب وتعاون كفيل بأن يزيد من صلابة البيت الخليجي الواحد”.

وبين “أن ما تحقق من إنجازات قد لا يصل إلى طموحاتنا وتوقعات شعوبنا التي تطالب بتسريع الخُطى للوصول إلى الأهداف التي وضعناها”.

واعتمد المجلس في هذه القمة وثيقة السياسة التجارية الموحدة لدول المجلس التي تهدف إلى توحيد السياسة التجارية الخارجية والتعاون مع العالم الخارجي كوحدة اقتصادية واحدة.

ووافقت كذلك على إعفاء عدد من السلع من الرسوم الجمركية، وإضافة ممارسة مواطني دول المجلس لعدد من الأنشطة الاقتصادية في جميع دول المجلس.

قمة أبوظبي عام 2010

عقدت هذه القمة في العاصمة أبوظبي يومي 6 و7 ديسمبر عام 2010، وترأسها الشيخ خليفة بن زايد، وأصدرت حزمة من القرارات لدعم التكامل الاقتصادي من أهمها اعتماد المجلس الأعلى استراتيجية التنمية الشاملة المطورة بعيدة المدى لدول المجلس “2010/ 2025″، والإطار العام للاستراتيجية الإحصائية الموحدة.

وقررت القمة السماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في دول المجلس، وتطبيق المساواة التامة في معاملة فروع هذه الشركات معاملة فروع الشركات الوطنية.

 قمة الرياض عام 2015.. رؤية الملك سلمان

عقدت تلك القمة يومي 9 – 10 ديسمبر 2015، وكانت القمة الخليجية الاعتيادية الأولى التي يترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بعد توليه مقاليد الحكم في 23 يناير من العام نفسه.

وتم خلالها تبني رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لتعزيز التكامل بين دول المجلس والعمل الجماعي المشترك، وإقرار إمكانية الاتفاق بين عدد من الدول الأعضاء على أي إجراءات تكاملية تراها، في إطار المجلس، على أن تتبعها بقية الدول متى ما كان الوقت مناسباً لها.

وتهدف رؤية خادم الحرمين الشريفين، التي أقرها قادة دول المجلس، كذلك إلى تسريع وتيرة التعاون وخطوات الترابط الأمني والعسكري المؤدية إلى استكمال منظومتي الأمن والدفاع بين دول المجلس، بما يشكل سداً منيعاً أمام التحديات الخارجية التي تواجه دول المجلس والمنطقة.

كما تهدف الرؤية إلى تعزيز المكانة الدولية لمجلس التعاون ودوره في القضايا الإقليمية والدولية، وإنجاز الشراكات الإستراتيجية والاقتصادية التي تعود بالنفع على مواطني دول المجلس، وعلى المنطقة.

وأكدت تلك القمة دعم الحل السياسي في كل من سوريا وفق (مبادرة جنيف 1) واليمن وفق المبادرة الخليجية، وعلى رفض الإرهاب، وعلى تسريع خطوات الترابط والتعاون الأمني والعسكري بين دول مجلس التعاون.

قمة الرياض عام 2018.. وحدة الصف

تعد ثاني قمة خليجية اعتيادية يترأسها الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقد أبدى قادة دول الخليج خلالها ارتياحهم لما تم إحرازه من تقدم في تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين، لتعزيز العمل الخليجي المشترك، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـ36 في ديسمبر 2015.

وكلّف المجلس الهيئات والمجالس واللجان الوزارية والفنية، والأمانة العامة وجميع أجهزة المجلس، بمضاعفة الجهود لاستكمال ما تبقى من خطوات، بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية في إطار مجلس التعاون، والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة.

كما كلف المجلس ببلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة للمجلس تحفظ مصالحه ومكتسباته وتجنّبه الصراعات الإقليمية والدولية، وتلبي تطلعات مواطنيه وطموحاتهم.

وشدد البيان الختامي على حرص قادة دول الخليج “على قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه”.

كما أكدت القمة على مواقف دول المجلس الثابتة من القضية الفلسطينية، ودعمها للسيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين وفق مبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية وقرارات الشرعية الدولية.

كما أعرب قادة الخليج عن رفضهم التام لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وإدانته لجميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران.

قمة الرياض عام 2019.. خطوة مهمة مرتقبة

وهي القمة المرتقب انطلاقها الثلاثاء المقبل، وتعد ثالث قمة خليجية اعتيادية يرتقب أن يترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

ويبحث القادة خلال هذه القمة عددا من الموضوعات المهمة لتعزيز مسيرة التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات السياسية والدفاعية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

كما تبحث القمة تدارس التطورات السياسية الاقليمية والدولية، والأوضاع الأمنية في المنطقة، وانعكاساتها على أمن واستقرار دول المجلس.

ويرتقب أن تشهد تلك القمة خطوة جديدة على طريق استكمال تحقيق تلك الرؤية، بما يسهم في تعزيز مسيرة التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات السياسية والدفاعية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى