سياسة

الداخلة ترتقي لتصبح قلب الاستراتيجية المغربية في الصحراء


لم تعد الداخلة، المدينة الواقعة في أقصى جنوب المغرب. مجرد نقطة على هامش الخريطة، بل تحولت إلى ورشة كبرى تجسد الرؤية الملكية لجعل الصحراء المغربية محركاً للتنمية وجاذباً للاستثمارات الدولية.

وأبرزت صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير حديث الدينامية غير المسبوقة التي تشهدها المدينة، باعتبارها ثاني أكبر حاضرة في الأقاليم الجنوبية بعد العيون. وأشار التقرير إلى أن الداخلة. التي عُرفت لعقود كمدينة هادئة تطل على المحيط الأطلسي. أصبحت اليوم في قلب مشروع تنموي استراتيجي يقوده العاهل المغربي الملك محمد السادس، هدفه جعل الصحراء المغربية قاطرة للتنمية القارية ومركزاً اقتصادياً وسياحياً عالمياً.

مدينة تتحول إلى ورشة مفتوحة

وفي قلب المركز الجهوي للاستثمار بالداخلة، يجد الزائر نفسه محاطاً بأصوات الحفارات وآلات البناء. الطرق محفورة بفعل تمديد شبكات المياه والكهرباء، والأرصفة مشوهة بسبب الأشغال المتسارعة. لكن هذه الفوضى المؤقتة تحمل بين طياتها ملامح تحول عمراني واقتصادي عميق.

في يوليو/تموز الماضي، بدت الداخلة وكأنها ورشة مفتوحة على الهواء الطلق: شوارع قيد التهيئة، مشاريع إسكان حديثة، تحديث شامل لشبكة مياه الشرب، ومبادرات لإعادة تأهيل البنية التحتية. السكان، الذين يتجاوز عددهم 165 ألف نسمة. أبدوا قدرة لافتة على التأقلم، مدفوعين بأمل كبير في أن تثمر هذه الجهود في تحسين ظروف المعيشة وخلق فرص عمل جديدة.

مشاريع كبرى ترسم ملامح المستقبل

ويراهن المغرب على جعل الداخلة مركزاً استراتيجياً عبر مشاريع ضخمة أبرزها. منها ميناء الداخلة الأطلسي وهو مشروع واعد لتعزيز موقع المغرب كبوابة لإفريقيا وربطها بأوروبا والأميركيتين.

وكذلك الطريق السريع تزنيت – الداخلة وهو شريان اقتصادي يربط شمال المملكة بجنوبها. ومناطق صناعية ولوجستية لتشجيع الاستثمارات في مجالات الصيد البحري. والصناعات الغذائية والطاقات المتجددة ومشاريع سياحية فاخرة تهدف لتعزيز موقع الداخلة كوجهة عالمية لرياضات البحر وعلى رأسها “الكيت سورف”.

وهذه الاستثمارات لا تقتصر على البنية التحتية فحسب، بل تشمل أيضاً مبادرات اجتماعية مثل بناء وحدات سكنية لائقة للأسر، وتوفير برامج تدريب وتشغيل للشباب. فضلاً عن ضخ استثمارات في الطاقات النظيفة كالرياح والشمس.

ويعكس واقع المشاريع الجارية إرادة سياسية قوية لتحويل المنطقة إلى نموذج تنموي متكامل. فالمتابعة المباشرة من الملك محمد السادس لهذه الأوراش الكبرى تؤكد أن المغرب لا ينظر إلى الداخلة كبعد جغرافي فقط، بل كجزء من استراتيجية وطنية لتعزيز الوحدة الترابية .وفتح آفاق اقتصادية أوسع على المستوى القاري والدولي.

واليوم، وبرغم شكاوى سائقي الأجرة من الازدحام والحفر الناتجة عن كثافة الأشغال، تبدو ملامح المستقبل واضحة: الداخلة تتحول إلى مدينة أقطاب، تجمع بين الاستثمار الأجنبي. السياحة الدولية، والربط التجاري بين إفريقيا وأوروبا والأميركيتين. إنها ليست مجرد مدينة صحراوية بعد الآن، بل منصة استراتيجية ترسم مستقبل الصحراء المغربية، وتضعها على خريطة الاقتصاد العالمي.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى