سياسة

الجيش الليبي يحزم في فرض خطوطه الحمراء أمام التدخلات التركية


بينما تحدث مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، عن مسارات حل الأزمة التي تعيشها البلاد وأيضا ضمان عدم التدخل الخارجي، فقد أفرغت سفينة تركية حمولتها من الأسلحة في ميناء طرابلس، وفي ذلك مخالفة لحظر السلاح الدولي، لتتعرض بعد ذلك لاستهداف مباشر من الجيش الليبي والذي بدا حازما ومتشددا في فرض الخطوط الحمراء التي كان قد أعلن عنها من قبل.

ومن جانبها، فقد أعلنت الأمم المتحدة يومه الثلاثاء، بأن طرفي النزاع في ليبيا قد استأنفا محادثات بوساطة أممية، من أجل إنقاذ الهدنة الهشة في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا.

وقال من جهته رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة: نأمل أن نتمكن في هذه الجولة الثانية من التوصل إلى نوع من الإجماع حول شكل وقف إطلاق النار الدائم في ليبيا.

وقد حدثت كل هذه المحاولات من أجل التوصل لحل سياسي فيه إرضاء لجميع الأطراف الليبية، في الوقت الذي تحاول فيه تركيا أن تدخل شيئا فشيئا إلى داخل لليبيا وتعبث بأمن البلاد وسيادة شعبها عليها، إذ أنه في أواخر نوفمبر الماضي، قام كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس حكومة طرابلس فايز السراج، بتوقيع مذكرتي تفاهم، حيث أن إحداهما تتعلق بتعيين الحدود البحرية بين الدولتين، والتي فيها انتهاك  لحقوق دول الجوار، بينما في الأخرى أمنية تسمح لأنقرة إرسال قوات إلى ليبيا، الأمر الذي أثار غضبا إقليميا ودوليا.

وقد بدأ تدفق الأسلحة التركية إلى ليبيا يتصاعد منذ ذلك الحين، إلى جانب آلاف المرتزقة الذين جاءت بهم أنقرة من سوريا إلى ليبيا لمحاربة الجيش الوطني، وذلك في انتهاك واضح للقوانين الدولية.

وقد قال من جانبه الباحث السياسي مختار الجدال لسكاي نيوز عربية: أردوغان يتحمل المسؤولية (تهريب السلاح إلى ليبيا) منذ 2014، عندما أبرم اتفاقا مع جماعة الإخوان لتمويل الميليشيات وتزويدهم بالسلاح.

وأضاف أيضا: بعد أبريل الماضي تدفقت كميات كبيرة من السلاح والذخائر والدرون، لليبيا، إلى جانب المرتزقة الذين أتوا من إدلب إلى طرابلس، وكل هذا أمام أعين مجلس الأمن الدولي، الذي فرض حظرا على نقل الأسلحة لليبيا.

خطوط حمراء

وفي يوم الثلاثاء، تم رصد سفينة شحن تركية تحمل أسلحة في  ميناء طرابلس، والذي تسيطر عليه ميليشيات حكومة السراج، غير أن الجيش الليبي قد وضع خطوطا حمراء أمام تلك التجاوزات وتصدى لها بكل حزم وصرامة.

وقد ذكرت سكاي نيوز عربية، بأن الجيش الليبي قام باستهداف السفينة التي انتهكت الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على إرسال الأسلحة إلى ليبيا، حيث كشف مقطع فيديو مصور دخانا كثيفا يتصاعد منها.

ولا يعد ما حدث للمرة الأولى والتي يتم فيها ضبط محاولات تركيا تهريب أسلحة إلى الداخل الليبي، إذ أنه في أواخر يناير الماضي قالت حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول المبحرة في المتوسط بأنها رصدت فرقاطة تركية، إذ تتولى حراسة سفينة نقلت آليات مدرعة ورست في ميناء طرابلس، حيث تم تفريغ حمولته.

ونظرا لأن تهريب الأسلحة والمسلحين إلى ليبيا لا يسبب الضرر لليبيا فقط، بل حتى بأوروبا القريبة ومنها إلى العالم، فقد أعلن وزراء خارجية دول في الاتحاد الأوروبي يومه الاثنين، في ختام اجتماع في بروكسل، بأن الاتحاد سيباشر مهمة بحرية جديدة في البحر المتوسط من أجل مراقبة تطبيق حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.

وقد قال من جانبه وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو: الاتحاد الأوروبي ملتزم بمهمة جوية وبحرية، وهناك جزء منها على الأرض، لحظر الأسلحة ودخول الأسلحة إلى ليبيا، وتابع القول: إذا استدعى الأمر سينشر قوات برية لحظر دخول السلاح إلى ليبيا.

وفي حواره مع سكاي نيوز عربية، فقد شدد الجدال على أن تهريب أردوغان للسلاح والمرتزقة إلى طرابلس، يعتبر ضربا للأمن القومي الأوروبي، مضيفا: هؤلاء المرتزقة يعتبرون طرابلس محطة للانتقال إلى إيطاليا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، عن طريق الهجرة غير الشرعية.

هذا ولم تقتصر فقط الخطوط الحمراء التي قام الجيش الليبي بوضعها أمام التدخلات التركية على الطرق البحرية، بينما نجح أيضا في فرض طوق جوي وبري أيضا، حيث استهدف طائرات تركية مسيرة كانت تحلق في أجواء البلاد، وقد حدث من جديد في يناير الماضي، إذ أعلنت الكتيبة 128 مشاة التابعة للجيش، إسقاط درون تركية في جنوب طرابلس، بينما أسقطت في يوليو دفاعات الجيش الوطني الليبي طائرة حربية قصفت مدينة ترهونة غربي البلاد.

أما في البر، فقد أطلق الجيش الوطني الليبي في أبريل الماضي عملية طوفان الكرامة، وذلك من أجل استعادة العاصمة التي تسيطر عليها الميليشيات، حيث تمكنت قواته من تغيير الواقع العسكري على الأرض، واستعادة مناطق واسعة وإلحاق خسائر كبيرة بالميليشيات، لتصبح خريطة ليبيا حاليا تظهر سيطرة الجيش على أكثر من 90 في المئة من مساحة البلاد.

ومن جانبه، فقد أكد قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، يومه الثلاثاء، على أن الجيش متمسك بالثوابت الوطنية التي تنص على تأمين التراب الليبي وإنهاء سيطرة الإرهابيين وأيضا إخراج المرتزقة الذين جلبهم الغزو التركي.

أما بخصوص رؤيته حول الحل الأمثل لإنهاء الصراع الدائر في ليبيا، فقد قال الجدال بأنه يتمثل في الخطة التي وضعها الجيش الليبي، القائمة على حل الميليشيات وتفكيك أسلحتها وإخراج المرتزقة، ورفع أنقرة أيديها عن ميليشيات طرابلس.

وفي اخر حديثه فقد قال بأن المسألة هي مسألة وقت فقط، كما أضاف: لا أعتقد أن الهدنة في ليبيا ستستمر كونها هشة.. الجيش يسيطر الآن على 95 بالمئة من أراضي ليبيا، لذا فإن المسألة هي مسألة وقت فقط.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى